ظهرت في الآونة الأخيرة مجاميع مسلحة جديدة على الساحة
العراقية، تتولى "قمع" كل من ينتقد قوات
الحشد الشعبي، والفصائل الشيعية الموالية لإيران، وكان آخرها، السبت، إحراقهم لمقر الحزب الديمقراطي الكردستاني في العاصمة بغداد.
ومن أبرز هذه التشكيلات هي: "ربع الله" (جماعة الله) و"أصحاب الكهف" و"أبو جداحة" (أبو ولاعة)، وغيرها من الجماعات، التي لا يقتصر تواجدها في الشارع بشكل علني، وإنما ينشط عناصرها على مواقع التواصل الاجتماعي.
غطاء للتمويه
وتعليقا على ذلك، قال الخبير الأمني أعياد الطوفان، في حديث لـ"عربي21"، إن "سببين رئيسيين وراء ظهور تشكيل (ربع الله) و(أصحاب الكهف) و(القداحة) وغيرهم الكثير من المسميات، التي خرجت مع الهجمات التي كانت تستهدف قوات التحالف الدولي والسفارة الأمريكية في المنطقة الخضراء".
وأوضح: "الأول، إبعاد الإحراج عن المنظمات الرئيسة المعروفة، مثل حزب الله، ومنظمة بدر، والنجباء، وعصائب أهل الحق، وكتائب الإمام علي، وجند الإمام وغيرها. الأمر الثاني، هو للتمويه، وعدم استهدافهم".
وتساءل الطوفان، قائلا: "كيف نفسر تصريح (ربع الله) عندما حرقوا مقر الحزب الديمقراطي الكردستاني، بأن السبب هو تعدي الأخير على الحشد الشعبي، فإذا كانوا مستقلين، فما علاقتهم بالحشد؟".
وأبدى الخبير الأمني استغرابه من أن "ساحة عمل هذه التشكيلات هي العاصمة العراقية بغداد، في وقت يوجد فيها ما يعادل أكثر من خمسة فيالق، من جهاز مكافحة الإرهاب، وتشكيلات وزارتي الدفاع والداخلية، إضافة إلى المخابرات، والأمن الوطني، فهل من المعقول أنهم لا يستطيعون الوصول إليها؟".
وتابع: "كل الأجهزة التي ذكرتها تعلم بأسماء هذه التشكيلات وعناصرها، وأماكن مقراتهم، ومتى ينفذون هجماتهم، لكنهم يخشونهم؛ لأن أغلب قادة الأجهزة يتبعون للقوى السياسية التي جاءت بهم، ولا يأتمرون بأوامر القائد العام للقوات المسلحة".
ممارسات إرهابية
ووصف الخبير الأمني أفعال هذه التشكيلات بأنها "ممارسات إرهابية"، بالقول: إن هؤلاء أصبحوا أشبه بـ"هيئة الحسبة" التي كانت تابعة لتنظيم الدولة، فهي تقمع وتقتل كل من ينقدهم، والدليل هو مقتل الخبير الأمني هشام الهاشمي، والناشطة ريهام يعقوب، وغيرهم من الذين لا ذنب لهم سوى أنهم خرجوا للبحث عن وطن.
وشدد الطوفان على أن "هذه التشكيلات وصل تماديها إلى أن يطأوا بأحذيتهم صورة رئيس الحكومة مصطفى
الكاظمي -الشخص التنفيذي الأول بالدولة العراقية- لأنهم أمنوا العقاب فأساءوا الأدب".
وفي السياق ذاته، قال المحلل السياسي مهدي جاسم لـ"عربي21 إن "هذه الجماعات الخارجة على القانون هي إفرازات الفوضى السياسية الحالية في العراق، فهي تجد لها غطاء سياسيا في البرلمان، لأن هناك قوى تحميها وتوفر لها حتى الغطاء الأمني".
وأضاف أن "الجماعات المعروفة الخارجة عن القانون أصبحت مفرخة لجماعات جديدة، حيث بدأ جيل جديد ينشأ ويمارس الأفعال نفسها، ولا تخضع للقانون ولا للمحاسبة".
ولفت المحلل السياسي إلى أن "الجماعات الجديدة التي ظهرت مؤخرا مرتبطة بالجماعات المنفلتة، وإن اختلفت المسميات، فهي تحاول بهذه الأسماء التمويه ليس أكثر، وأصبح الأمر معروفا أن ذلك يجري بغطاء سياسي وأمني من قوى برلمانية".
وأكد جاسم أن "ما تمارسه هذه الجماعات من قمع وقتل لكل من يخالفها يشابه ممارسات المنظمات الإرهابية، وعلى المجتمع الدولي أن يتعامل معها على هذا الأساس، وما حصل في منطقة الفرحاتية بمحافظة صلاح الدين يندرج ضمن ذلك".
وتعهد رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، خلال زيارته إلى محافظة صلاح الدين، بمحاسبة الجناة الذين ارتكبوا "جريمة الفرحاتية"، مشددا "على ابتعاد القادة الأمنيين عن الانجرار نحو أي شأن سياسي، وأن الخوف يجب ألّا يكون حاضرا، وألّا نستبق الأحكام والقرارات قبل إتمام التحقيقات".
واستيقظ سكان محافظة صلاح الدين العراقية (شمال بغداد)، السبت، على خبر يفيد باختطاف جهة مسلحة من 12 شخصا من ناحية الفرحاتية التابعة لقضاء بلد، وما هي إلا ساعة حتى عثرت الشرطة على جثث ثمانية منهم اتضح "إعدامهم ميدانيا".
وبشكل مغاير لأحداث مماثلة، اتهم أهالي الضحايا بشكل صريح مليشيات "عصائب أهل الحق" بزعامة قيس الخزعلي، ولواء 42 التابع لها، الذي يعمل ضمن هيئة الحشد الشعبي العراقية، بالمسؤولية عن المجزرة.
من جهته، قال الخزعلي، في بيان: "نُعزي أهالي المغدورين الشهداء، ونسأل الله أن يتغمدهم بواسع رحمته، ونؤكد على الأجهزة الأمنية، بما فيهم الحشد الشعبي، أن يبذلوا كل جُهدهم لتحرير المخطوفين المتبقين".
وشدد على ضرورة "الإسراع في إكمال التحقيق المهني والنزيه؛ لمعرفة الجُناة، وتقديمهم للقضاء، لينالوا جزاءهم العادل أيا كانوا"، داعيا جميع الجهات المعنية إلى "التعاون وتقديم التسهيلات؛ لإعادة النازحين من أهالي منطقة الفرحاتية وسيد غريب والمناطق المجاورة، من الذين لم تتلطخ أياديهم بدماء الأبرياء".