هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أثارت تصريحات الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، غير المسبوقة، بشأن سد النهضة، تساؤلات حول توقيتها والهدف منها، وعن تأثيراتها على مسار الأحداث في هذه القضية.
وقال ترامب خلال اتصال هاتفي مع رئيس الحكومة الانتقالية في السودان، عبد الله حمدوك، بشأن تطبيع علاقات الخرطوم مع الاحتلال الإسرائيلي، إن مصر قد تُقدم على "تفجير سد النهضة" في حال عدم التوصل لاتفاق بخصوصه.
وهاجم ترامب في الاتصال، الجمعة، أديس أبابا، قائلا: "لقد قدمت لهم عرضا لكنهم خرقوه، ولا يمكنهم فعل ذلك، لذلك فالعرض انتهى والوضع خطير لأن مصر لن تعيش على هذا النحو، إنهم سينسفون السد، وقلتها وسأقولها بصوت عال وواضح إنهم سيفجرون هذا السد".
لكن ترامب وجه لوما إلى القاهرة في الوقت ذاته إزاء سماحها ببناء سد النهضة من الأساس، وعزا ذلك إلى انشغالها بما سماها "الثورة الصغيرة"، في إشارة إلى ثورة 25 كانون الثاني/ يناير 2011.
مواقف واشنطن العائمة
وقلّل مستشار البرنامج الإنمائي للأمم بشأن مياه النيل، محمد محيي الدين، من شأن تصريحات ترامب التي تأتي بعد شهور طويلة من فشل الوساطة الأمريكية، قائلا: "السد الإثيوبي هو مخطط أمريكي منذ بداية الستينيات وتحديدا عام 1964، ولكنه تعطل مرارا".
وفي حديث لـ"عربي21"، أوضح "محيب الدين"، الذي شغل سابقا عضوية اللجنة الوطنية المصرية لدراسة آثار سد النهضة الإثيوبي: "أن ثورة 25 يناير لا علاقة لها ببدء إثيوبيا ببناء السد؛ لأنهم أعلنوا تغيير بدء تحويل مجرى النيل الأزرق في ذلك العام، ولا يمكن تغيير المجرى في يوم وليلة، وتغييره يحتاج لسنتين على الأقل، وأستطيع القول إن الشروع في المشروع يعود إلى ما بعد عام 2007".
وفي نهاية شباط/ فبراير الماضي، أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية التوصل إلى اتفاق بين الدول الثلاث (مصر، السودان، إثيوبيا)، إلا أن الأخيرة انسحبت من المفاوضات متهمة الولايات المتحدة بأنها تحابي أطرافا معينة في محاولتها حل الخلاف بشأن سد النهضة.
وعلقت الولايات المتحدة في أيلول/ سبتمبر جزءا من مساعدتها المالية لإثيوبيا بعد قرار الأخيرة الأحادي بملء سد النهضة على الرغم من عدم إحراز تقدم في التوصل لاتفاق مع مصر والسودان.
حل عسكري؟
وفيما يتعلق بالجزء الخاص بضرب السد، قال "محيي الدين": "يقول المثل الشهير (اللي متغطي بأمريكا عريان)، مسألة تفجير السد جاء متأخرا على لسان ترامب، وضرب مصر للسد في هذه اللحظة فيه توريط أمريكي لها في معركة سياسية وعسكرية لا يعرف أحد مداها، واقتصادنا لا يتحمل".
وتابع بأن "أمريكا كانت قادرة على إرغام إثيوبيا على التوصل إلى حل ولكنها لم تفعل".
وكان وزير الري المصري الأسبق، محمد نصر علام، قد أشاد بتصريحات ترامب، واعتبرها بمثابة ضوء أخضر منه لضرب السد.
— شبكة رصد (@RassdNewsN) October 24, 2020
لكن آخرين سلطوا الضوء على الجزء الآخر من تصريحات ترامب التي حمل فيها القيادة المصرية مسؤولية السماح ببناء سد النهضة من الأساس.
— Osama Gaweesh (@osgaweesh) October 24, 2020
اقرأ أيضا: إثيوبيا تستدعي سفير أمريكا ودعوة أوروبية بشأن سد النهضة
أما الضابط السابق بالجيش المصري، فقد أكد أن "الكلام الآن ربما ليس الهدف منه حث النظام الانقلابي على التعامل العسكري مع السد بل هي رسالة موجهة للصهاينة والقوى القادرة على ترجيح كفته في الانتخابات القادمة".
وتابع: "أما من الناحية العسكرية التقنية فضرب السد الآن صعب للغاية، فمدى الطيران المصري لا يمكنه العمل من داخل مصر للتعامل مع السد"، مضيفا أن "الحل العسكري كان أسهل كثيرا في البداية أما الآن فهو يقترب من المستحيل خاصة مع وجود نظام ضعيف بدون شعب يدعمه".
ورقة انتخابية؟
وفي قراءته لتصريحات ترامب، قال رئيس المكتب السياسي للمجلس الثوري المصري، عمرو عادل إن: "التصريحات قبل الانتخابات عموما لا يمكن قراءتها بشكل مباشر؛ فهي تحمل رسائل لعدة جهات وليس بالضرورة أن يكون المحتوى صادقا".
وأشار في حديثه لـ"عربي21" إلى أنه "بالتأكيد لم يفاجأ ترامب بأن السد قد تم بناؤه بإشراف أمريكي واستثمارات أجنبية ومن بنوك مصرية أيضا، السد أصبح الآن واقعا مفروضا له أهداف أخرى".
أما السياسي المصري الأمريكي، كمال صباغ، لم يستبعد استخدام ترامب السد كورقة انتخابية، قائلا: "ترامب يغازل أصوات المصريين والعرب واللوبي الإسرائيلي؛ وأصوات الناخبين في الولايات المتأرجحة swing states لأنه يعلم تماما أنه لا يمكن حل أزمة السد عسكريا في هذه المرحلة".
وأوضح في حديثه لـ"عربي21": "التصريح من جزءين، الجزء الأول متعلق بأن السد يضر بمصر، ويعطي اعتبارا لرئيس وزراء السودان، والجزء الثاني، يهاجم فيه السيسي الذي سكت لخمس سنوات، والآن يطالب بحلول، أين كنت قبل خمس سنوات".
وتوالت ردود الفعل على وسائل التواصل الاجتماعي، واعتبر نشطاء ومعنيون بالشأن المصري، أن تصريحات ترامب كانت كاشفة لما أسموه "بالانبطاح المصري والتواطؤ الرسمي بتوقيع اتفاق يسمح بإقامة السد دون ضمانات".
— Abdelfattah Fayed عبدالفتاح فايد (@fayednet) October 24, 2020
— جمال سلطان (@GamalSultan1) October 24, 2020