حقوق وحريات

منظمة حقوقية: القيود على التحويلات تهدد مسيرة طلبة لبنان

لبنان.. القيود المفروضة على تحويل العملة الصعبة تهدد مستقبل الطلبة المغتربين (الأورومتوسطي)
لبنان.. القيود المفروضة على تحويل العملة الصعبة تهدد مستقبل الطلبة المغتربين (الأورومتوسطي)

وصف المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان اعتداء القوات الأمنية اللبنانية على أهالي الطلاب اللبنانيين في الخارج، أثناء اعتصامهم أمام مصرف لبنان بـ"التجاوز غير المبرر"، مؤكدا أنه انتهاك خطير لحق الطلاب في الحصول على التعليم، الذي كفله الدستور اللبناني والاتفاقيات والمواثيق الدولية ذات العلاقة.  
 
وقال المرصد الأورومتوسطي ومقره جنيف، في بيان صحفي له اليوم، تلقت "عربي21" نسخة منه: "إن أهالي الطلاب اللبنانيين في الخارج نظموا اعتصاما يوم الثلاثاء الموافق 3 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020 أمام مصرف لبنان في شارع الحمرا ببيروت، بسبب القيود المفروضة على التحويلات بالعملة الأجنبية للخارج، وطالبوا حاكم المصرف "رياض سلامة" بإصدار تعليماته اللازمة للمصارف العاملة في لبنان لتطبيق القانون رقم 193/2020، القاضي بإلزام المصارف العاملة في لبنان بصرف مبلغ 10 آلاف دولار أمريكي وفق سعر الصرف الرسمي للدولار عن العام الدراسي 2020 ـ 2021 للطلاب الجامعيين اللبنانيين الذين يدرسون في الخارج قبل العام 2020 ـ 2021، إلا أن حاكم المصرف رفض مقابلتهم وسماع مطالبهم.

وأوضح المرصد الأورومتوسطي أنّ أهالي الطلاب توجهوا إلى الباب الرئيسي لمصرف لبنان، وحاولوا كسره للدخول، إلا أن الأمن الداخلي تدافع معهم؛ لمنعهم من الدخول ولقاء حاكم المصرف أو أحد المسؤولين فيه.

ونقل المرصد الأورومتوسطي، عن الدكتور ربيع كنج من الجمعية اللبنانية لأولياء الطلاب في الجامعات الأجنبية قوله: "إنه منذ صدور القانون وحتى هذه اللحظة، لم أستطع إرسال مبالغ إلى ابني في الخارج، كما أن باقي الأهالي لم يستطيعوا إرسال أموال حتى هذه اللحظة، وسبق أن حذرت الجمعية من الوصول إلى أزمة كبيرة؛ بسبب عدم التحويل. لذلك تحركنا مع الأهل يوم الثلاثاء أمام المصرف، وطالبنا بحل الأزمة الراهنة، وتطبيق قانون الدولار الطالبي، لكن لم يخرج أي أحد من المصرف المركزي ليتكلم معنا أو يساعدنا".

وعدّ الأورومتوسطي فرض قيود على التحويلات الخارجية لتسديد الأقساط التعليمية ولتغطية الحاجات المعيشية الضرورية، بالرغم من صدور القانون رقم 193/2020، انتهاكا خطيرا للحق في التعليم الذي كفله الدستور اللبناني والمواثيق الدولية ذات العلاقة، حيث جاء الدستور اللبناني في الفقرة (ب) من مقدمة الدستور، ليؤكد على أن لبنان ملتزم بالمواثيق الدولية كافة، التي بدورها تكفل الحق في التعليم، وجاء الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في المادة (18) منه والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في المادة (13) منه لتنص على هذا الحق، باعتباره من الحقوق الأساسية التي يحظر المساس بها.

وقال "محمد فياض"، طالب لبناني يدرس تخصص "الصحة العامة" في أوكرانيا للمرصد الأورومتوسطي: "إن أزمة الدولار مثلت مشكلة كبيرة لي على الصعيد الدراسي، حيث أصبحت مهددا بالطرد من الجامعة بسبب تأخري عند تسديد الأقساط التعليمية، إذ أعلمتنا الجامعة التي أدرس بها أنا ومجموعة من الطلاب بفصلنا في حال لم نتمكن من دفع الأقساط المتوجبة، فضلا عن أن التأخر في دفع الأقساط يراكم علينا الضرائب، والمشكلة الأكبر تتمثل أيضا في صعوبة إكمال الدراسة في لبنان؛ بسبب اختلاف البرامج والمناهج التعليمية بين البلدين، وكل ذلك بسبب عدم التزام المصارف في تطبيق الدولار الطالبي".

وبيّن الأورومتوسطي أنّ أزمة الدولار برزت منذ منتصف العام 2019، حينما بدأت المصارف العاملة في لبنان بإيعاز من مصرف لبنان وجمعية المصارف، بوضع قيود مخالفة للقانون على التحويلات بالعملة الأجنبية إلى الخارج، كما وضعت قيودا مشددة على السحوبات المحلية بالعملة الأجنبية وصلت إلى أن توقفت نهائيا عن إعطاء الدولار الأمريكي في فبراير/ شباط من العام 2020.

وقال "زكريا حيدر"، طالب سنة ثانية بحرية في أوديسا بأوكرانيا للمرصد الأورومتوسطي: "مدينة أوديسا هي المدينة الوحيدة التي لديها الاختصاص الذي أدرس به، وتكلفة المعيشة فيها مرتفعة. سابقا كان يصلني من عائلتي ما يقرب من 600 دولار شهريا، وقد كانت كافية لدفع المصاريف الشهرية من إيجار وأقساط جامعية، إلا أن أزمة الدولار الطالبي أثرت على حياتي التعليمية، حيث أصبح يصلني فقط 300 دولار شهريا، وهو مبلغ غير كاف إلا لسداد إيجار المنزل فقط. أصبحت غير قادر على سداد الأقساط الجامعية لهذا العام الدراسي، وقد أنذرتني الجامعة بالطرد على الرغم من أنني متفوق في دراستي، وحاصل على المرتبة الأولى في قسمي".

وحذّر المستشار القانوني لدى الأورومتوسطي "طارق حجار" من تمادي المصارف في مخالفة القانون دون أي ضوابط موجبة لذلك، مبينا أنّ ذلك من شأنه أن يؤدي إلى عواقب خطيرة تتمثل في ضياع العام الدراسي الحالي للطلاب اللبنانيين في الخارج في حال عدم تسديدهم الأقساط السنوية المتوجبة عليهم، وعدم تغطية احتياجاتهم المعيشية الضرورية.

ودعا الأورومتوسطي جميع السطات المعنية في لبنان، خاصة حاكم مصرف لبنان لما لديه من صلاحيات واسعة في هذا المجال، إلى القيام بما يلزم لتأمين الآلية الضرورية لتطبيق القانون رقم 193/2020 لإنقاذ العام الدراسي للطلاب اللبنانيين في الخارج، كما حث الأورومتوسطي القضاء اللبناني المختص على العمل على حماية حق الطلاب اللبنانيين في الخارج في التعليم، وتعويضهم عن الضرر الذي لحق بهم، والتصدي بحزم لتعسّف المصارف، وتماديهم في مخالفة القانون.

واتخذت المصارف اللبنانية، مؤخرا، جملة إجراءات متشددة، قالت إنها بسبب الأزمة المالية التي تمر بها البلاد، وشح السيولة الأجنبية التي يعاني منها لبنان، منذ بدء الاحتجاجات الشعبية في 17 أكتوبر/ تشرين الأول 2019.

ومن ضمن الإجراءات الجديدة، وفق تقرير لوكالة "الأناضول"، الطلب من المصارف بدفع كامل المبالغ المحولة من الخارج، وعدم حجزها أو حجز جزء منها بأي حال من الأحوال.

كانت المصارف خفضت السحب بالدولار بنسبة 50 بالمئة عن النظام المسموح به سابقا، إذ كان المودع الصغير يستطيع سحب حتى 400 دولار شهريا، ولا يتخطى 1500 دولار كل أسبوعين لأصحاب الحسابات التي تتعدى مليون دولار.

ويعاني لبنان، حاليا، أزمة مالية واقتصادية حادة، إذ بلغ سعر صرف الدولار الواحد في السوق السوداء (غير الرسمية) 2700 ليرة، فيما سعر الصرف الرسمي 1508 ليرات.

 

اقرأ أيضا: الغارديان: أزمة لبنان الاقتصادية والكارثة الاجتماعية

التعليقات (0)

خبر عاجل