يحتفي العالم اليوم باليوم العالمي للتسامح، وحسب إعلان المبادئ بشأن
التسامح الذي اعتمدته اليونسكو في عام 1995 فإن التسامح يعني الاحترام والقبول والتقدير للتنوع الثري لثقافات عالمنا ولأشكال التعبير وللصفات الإنسانية لدينا، "ويتمثل في التسليم بالحقوق العالمية للإنسان وبالحريات الأساسية للغير".
والأصل أن هذه الحقوق يجب أن لا تندرج في إطار التسامح، فالحقوق والحريات يجب أن تكون مكفولة للجميع في أنظمة ديمقراطية حرة تحترم حرية التعبير وتحترم كرامة المواطنين ولا تنتهك حقوقهم، ولا تتعسف في استخدام أدوات السلطة ولا تعمل على قمع المعارضة وتلفيق الاتهامات الكيدية.
فالتسامح قيمة إنسانية يمكن أن نتحدث عنها عند تسوية الخلافات الشخصية أو الاجتماعية بطرق سلمية يتنازل فيها البعض للبعض بروح المحبة والسلام لتعزيز قيم التعايش، وليس التسامح هو القبول بالآخر ولا احترام الحقوق؛ لأن القبول بالآخر واحترام الحقوق واجب وفرض وحق وليس مكرمة ولا فضلا من أحد. والحديث عن الحقوق تحت مسمى التسامح إساءة إلى كرامة الإنسان.
وأكثر من يسيء إلى التسامح من يتخذه قناعاً لخيانة مقدسات الأمة وبيع أراضيها، والمشاركة في هدم منازل الفلسطينيين وتوسيع مشاريع الاستيطان، ومن يرفع شعارات التسامح وينتهج سياسة
القمع والاعتقالات لأصحاب الرأي، ويدعو إلى حصار الجيران ومقاطعة دول إسلامية، ويشجع الحروب والانقلابات العسكرية، ويمول الأنظمة الشعبوية المعادية للعرب والمسلمين وظاهرة الإسلاموفوبيا والأنظمة الدكتاتورية.
يحتفل العالم اليوم بالتسامح في الوقت الذي نشاهد فيها ارتفاع موجة الشعبوية والنزعة المعادية للإسلام والمسلمين؛ التي تحولت إلى سياسات رسمية في فرنسا والنمسا وبعض الدول الأوربية، وفي الوقت الذي تتعرض فيه الدول الفقيرة للابتزاز بقوائم الإرهاب والترغيب بالمساعدات؛ من أجل دفعها إلى
التطبيع مع العنصرية الصهيونية التي تحتل الأرض والمقدسات وتتوسع كل يوم في عمليات الاستيطان.