هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أكد الخبير في شؤون الاستيطان، وأستاذ هندسة العمارة في جامعة بيرزيت المقدسي، جمال عمرو، أن مدينة القدس المحتلة، عاشت فترة قاتمة وعصيبة خلال فترة رئاسة دونالد ترامب للولايات المتحدة الأمريكية، في السنوات الأربع الماضية.
وقال في حديث لـ"عربي21"، إن التأثير الكبير لترامب في القدس المحتلة، انقسم إلى قسمين أساسيين؛ مادي ومعنوي.
وأضاف: "ترامب جلب مليارات الدولارات من الأنظمة العربية ليبني له صرحا في حائط البراق باسمه؛ وهذا الأمر مهم وخطير، حيث حلق مباشرة من العاصمة السعودية الرياض إلى فلسطين، ودشن الصرح؛ بالتالي كسر الحواجز".
وتابع: "ظهر ترامب حينها كأنه يقول: هذا خط يجب أن يتم تفعيله، وليس سريا، ويجب أن يكون علنيا".
إلا أنه أوضح أنه رغم خطورة ذلك، إلا أنه ليس الأهم؛ "لأن الكيان الإسرائيلي لا تنقصه الأموال؛ ومن سبق ترامب أحضر المليارات له؛ والأرقام فلكية حول الدعم الذي يتلقاه الصهاينة من الولايات المتحدة، وهو دعم لا متناه"، على حد وصفه.
اقرأ أيضا: الاحتلال يهدم درجا تاريخيا يوصل للمسجد الأقصى
وأوضح أنه "حين جاءت حقبة ترامب التي هي أخطر من حقبة بلفور؛ نما لدى اليهود شعور طاغ وقوي لمسه المقدسيون في عيون جنود الاحتلال، وهم يطلقون النار على الفلسطينيين في أي مكان"، مبينا أنه "شعورا قوميا طاغيا، نما لدى المستوطنين في فترة أربع سنوات عجاف وقاتمة".
ولفت إلى أنه "أصبحت 28 منظمة يهودية تجوب الأقصى دون أن يكترثوا لسيادة الأردن".
ورأى أن "ما حدث خلال فترة رئاسة ترامب أن السقف الإسرائيلي ارتفع، بحيث أن الفلسطينيين فقدوا القدرة على حساب الأمور جيدا، حيث لا يوجد من يقابلهم سياسا من قيادة سياسية إسرائيلية لقيادة سياسية فلسطينية، وهذا دليل أن المسافة ابتعدت كثيرا، بسبب الشعور القومي لدى الإسرائيليين".
ولفت إلى أنه جرى في عهد ترامب، محاولة تدمير الجانب المعنوي لدى الفلسطينيين.
وشملت أشكال التحطيم المعنوي بحسب عمرو الإبعاد المتنامي عن المسجد الأقصى، وسجن الشيخ رائد صلاح، وتدمير معالم باب العامود، وتحويله باسم مجندات قتلن فيه، وبناء أبراج عسكرية، وتغيير معالم باب الخليل.
أما الشق الثاني، بحسب عمر، فهو الشق المادي؛ موضحا أنه "يتم استجلاب المال العربي كالنهر إلى الكيان الإسرائيلي، بكل الوسائل والطرق، ويتم دفعه في مشاريع لم يكن يراها المقدسيون إطلاقا".
ولفت كذلك إلى زيادة الدعم المالي للإسرائليين من إدارة ترامب، "حيث تزايدت فيها المستوطنات والجسور والأنفاق والاستيلاء على المطار شمال المدينة، ونقل السفارة الأمريكية، وإقامة بنية تحتية واسعة وضخمة لخدمة المستوطنين، وكله بفعل دعم أمريكي منقطع النظير"، على حد تعبيره.
وأوضح أنه "تم إنشاء محطات للقطارات، والكثير منها لا يزال يجري العمل عليه، وتم إغلاق المدينة بسلسلة مستوطنات، وفي المقابل هناك مجازر هدم لمنازل المقدسيين".
وقال: "تصاعد الهدم الذاتي بشكل غير مسبوق، وجرى تدمير كبير للبنية التحتية المقدسية، وإنشاء بنية تحتية مقابلة للمستوطنين".
اقرأ أيضا: أوقاف القدس لـ"عربي21": لا علاقة للاحتلال وغيره بإدارة الأقصى
واعتبر أن "المسجد الأقصى أصبح في دائرة الاستهداف أكثر، فهو محور وبؤرة الصراع الأساسية، ويمر في مرحلة خطيرة جدا، تقدم فيها الاحتلال معنويا وقوميا، بحيث أصبح لديه شعور بالنصر؛ وماديا أنه يسعى لإقامة "كنيس الخراب" في ساحة الأقصى، وبالفعل قدمت الجماعات الاستيطانية الخرائط والمجسمات لإنشائه، وقدمت طلبا لزيادة فترة الاقتحام ومحتواه، وهو ما حدث فعلا منذ أيام".
وأشار إلى زيادة فترة ومحتوى الاقتحامات للمستوطنين.
وقال: "خطوات تهويدية سيتم تدشينها من الإسرائيليين، من حيث البعدين الزماني والمكاني، وسيكون مصلى باب الرحمة هو المقصود، والمستوطنون تقدموا بطلب أن يكون المصلى عنوان المرحلة القادمة للاستيلاء عليه، وتحويله إلى مدرسة مفتوحة أو معهد مفتوح، يكون فيه حاخامات ودروس ومرشدون يهود، وكل ما يتخيله المرء في كنيس الهيكل، ما يعد خطوة متقدمة جدا في مكان قدس الأقداس، فهل سيحصل كل هذا ببساطة؟".
وقال: "لم يكترث الاحتلال للأردن ذات السيادة على الأقصى، ولا بالقيادة الفلسطينية، بل أحضر بدلا من ذلك الإماراتيين والبحرينيين والسودانيين، ليكونوا شهداء زور".
وتحدث الخبير عن أن الاحتلال كذلك ازداد "وقاحة" في قضية الأنفاق المتشعبة أسفل المسجد الأقصى المبارك، التي شهدت ثورة في الإنشاء والترابط؛ حيث اتصلت ببعضها البعض، وأصبحت في مرحلة الانتهاء، ويتم إنشاؤها ببرامج معلنة، ومحطات سياحية ومرشدين سياحيين.
وأضاف: "أصبحت الأنفاق مرسومة على لوحات تصاحبها شروحات وروايات يهودية يتم تقديمها بحيث لا يمكن للمرء إلا قراءة معلومات عبرية العهد لما يسمى الهيكل الثاني، وهذا كله تجهيز لتكون عنوانا لمرحلة الهيكل الثاني المزعوم"، بحسب قوله.