في 12 آب/ أغسطس الماضي قررت السلطات الأردنية
إغلاق معبر "جابر- نصيب" مع
سوريا، لمدة أسبوع تحت وطأة انتشار فيروس كورونا،
ويعتبر المعبر عصب التبادل التجاري بين البلدين وبوابة سوريا للتصدير إلى الخليج العربي.
ورغم تصريحات حكومية أردنية أن إغلاق المعبر
جاء ضمن خطتها لمواجهة انتشار كورونا، إلا أنها أعادت أغلب المعابر البرية إلى العمل
أمام حركة النقل والمسافرين باستثناء
معبر جابر.
"عربي21"، اطلعت على معلومات
من الطرف السوري، حول اجتماع جمع السلطات الأردنية في أواخر تشرين الماضي مع قائد اللواء
الثامن في الفيلق الخامس المدعوم من روسيا، أحمد العودة، أبلغته خلالها برسالة للجانب
الروسي والسوري مفادها "أن المعبر لن يفتح في حال لم تنسحب المليشيات الشيعية
التابعة لإيران وحزب الله 50 كيلومترا للداخل السوري".
وأحمد العودة هو قائد فيلق "شباب السنة"
أحد فصائل الجيش الحر سابقا وكان مدعوما من "غرفة الموك" التي أدارت المشهد
في الجنوب السوري، وقاد التهدئة بين الفصائل المعارضة والنظام في 2018 لينضوي لاحقا
تحت الفيلق الخامس الذي شكلته ومولته روسيا.
وتواصلت "عربي21" مع وزارة الخارجية الأردنية والناطق باسم
الحكومة الأردنية إلا أنهم فضلوا عدم التعليق على الموضوع.
مليشيات إيرانية تسيطر على معبر نصيب
يقول العميد إبراهيم الجباوي عضو هيئة التفاوض
السورية (قوى معارضة)، لـ"عربي21" إن "المليشيات الإيرانية هي من تسيطر
على الحدود الجنوبية السورية بالقرب من الحدود الشمالية للأردن، وتسيطر على معبر نصيب
تحت اسم الفرقة الرابعة، ويشكل نشاطها خطرا كبيرا على المنطقة، إذ قامت هذه المليشيات
بنشر التشيع بين أبناء المنطقة مستغلين الوضع الاقتصادي، وتهريب المخدرات، وسط عدم
وفاء روسيا بوعودها لإبعاد تلك الميلشيات خصوصا من الحرس الثوري الإيراني".
وحسب الجباوي فإنه في عام 2018 "اتفقت
أمريكا وروسيا وإسرائيل بحضور الأردن على أن تسلم المنطقة الجنوبية لقوات روسية وأن
تضمن موسكو أن تبتعد كافة الميلشيات الإيرانية عن الحدود الجنوبية، لكن هذا لم
يحصل حتى اليوم، وروسيا تعتمد على الفيلق الثامن بقيادة أحمد العودة وعندما حضر الوفد
الروسي إلى عمان من أجل التنسيق لمؤتمر عودة اللاجئين الفاشل كان هنالك دعوة لأحمد
العودة من أجل التنسيق ومحاولة إبعاد الميليشيات الإيرانية عن الحدود، هناك هواجس أردنية
نفهمها من تهريب المخدرات والإرهابيين، وتواجد الإيرانيين في المعبر بدلا من الشرطة
الروسية والسورية".
ويتابع: "من غير المقبول أن تتعامل
السلطات الأردنية على المعبر مع ميليشيات إيرانية، الأردن طلب أن يكون على المعبر شرطة
وجمارك كأي معبر حدودي في العالم، لكن يبدو أن روسيا غير قادرة على لجم الإيرانيين".
الأردن وعلى لسان وزير الخارجية أيمن الصفدي،
أبلغ المبعوث الخاص للرئيس الروسي لشؤون التسوية السورية ألكساندر لافرينتيف الذي زار
عمان في27 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، "بأهمية التعاون مع روسيا لمواجهات التحديات
الأمنية والاقتصادية فيها"، وحذر "من محاولات العصابات الإرهابية إعادة بناء
قدراتها ووجودها في الجنوب".
وتسبب إغلاق المعبر بخسائر مادية للطرفين،
ورغم افتتاح معبر جابر-نصيب منتصف تشرين الأول/ أكتوبر 2018، بعد سنوات من الإغلاق
بسبب الحرب في سوريا، إلا أن الحركة التجارية "لم تعد كما كانت عليه قبل الثورة
السورية في 2011".
خسائر دفعت العراق لإعادة افتتاح معبر عرعر
مع السعودية بعد إغلاق دام ثلاثة عقود، مما ولد تخوفات لدى قطاعات اقتصادية في الأردن
من تحول حركة البضائع السورية إلى الخليج من خلال هذا المعبر لقربه الجغرافي من سوريا.
وحسب نقيب أصحاب شركات التخليص ونقل البضائع
الأردنية ضيف الله أبو عاقولة فإن المنفذ الحدودي بين السعودية والعراق "سينعكس
على تجارة الترانزيت في المملكة، إذ أن كافة البضائع القادمة من العراق والتي كانت
تمر عبر العقبة وحدود جابر ومنفذ العمري ستتأثر بشكل سلبي".
وما تزال حركة البضائع متوقفة بشكل تام
عبر معبر جابر-نصيب، منذ آب/ أغسطس الماضي، وتتدفق البضائع للأردن بريا عبر معبري الكرامة
والعمري مع العراق والسعودية.
الوضع حساس
الخبير العسكري الأردني اللواء الطيار المتقاعد
مأمون أبو نوار يعتقد في حديث لـ"عربي21" أن "من المهم جدا للأردن عدم
انتقال الفوضى للحدود الشمالية، خصوصا في ظل توتر في الجنوب، بدرعا والقنيطرة".
ويقول: "الأردن يخشى من ميليشيات حزب
الله وإيران على المعابر، والخشية من التسلل والتهريب، الأردن وقف لجانب سوريا كشعب
ولم يدخل الأراضي السورية ولم يقم مناطق عازلة رغم الضغوطات وكان دائما مع وحدة الأراضي
السورية، مع ذلك فتح الحدود، الخوف من التصعيد داخل سوريا ودخول موجة أخرى من اللاجئين،
ما يطالب به الأردن هو إجراء وقائي لمنع الفوضى، خصوصا أن داعش عادت لتنشط في شرق حمص،
وتدمر، ويتخوف الأردن من حالات نزاع بين هذه المليشيات".
المشهد في الجنوب السوري
وتتنافس قوتان على المشهد في الجنوب السوري
المحاذي للحدود الأردنية الشمالية، هما الفيلق الخامس وهو مدعوم روسيا وهو خليط وهجين
من جيش حر سابق، وأبناء المنطقة، وجيش نظامي، ويقدر عدده حسب أرقام غير رسمية بـ15
ألف عنصر بقيادة العودة ويتمركز ببصرى الشام، ودرعا، أما القوة الثانية فهي الفرقة الرابعة
التابعة للنظام وبإشراف ماهر الأسد، والتي تعتبر غطاء للوجود الإيراني وحزب الله، وتسيطر
على جميع النقاط في معبر نصيب.
الصحفي السوري محمد العويد يصف لـ"عربي21"
ما أسماه "خطورة التواجد الإيراني في الجنوب السوري"، قائلا: "الموجود
في الجنوب السوري، درعا السويداء، القنيطرة، السويداء، ليس المشهد المعتاد للتواجد
الإيراني، التشكيلات الموجودة وشكل التواجد مختلف، إيران استثمرت في أكثر المناطق هشاشة
بعد عشر سنوات للقوى الفاعلة ووضعت الشباب في تلك المناطق أمام خيار التجنيد الإجباري
للقتال لجانب النظام في الشمال أو الانضواء تحت القوى التي تسيطر عليها إيران".
وحول المعابر بين الأردن وسوريا، يرى العويد
أن "التواجد داخل المعبر هو شكل للجيش السوري والمخابرات السورية، الشرطة، لكن
في الواقع هذا الشكل من الإدارة مسيطر عليه إيرانيا بحكم تبعيتها، ومن هناك كانت مطالب
الأردن بإبعاد الميليشيات الإيرانية".
يختم العويد أن إيران، تستثمر بالقوى البشرية
من خلال إغراءات المال لذا تنشط أيضا بتجارة المخدرات في هذه المنطقة، وهذا يبرر مخاوف
الأردن، إلى جانب توسع إيران على الشريط الحدودي بين الأردن والعراق، إيران تزحف ببطء
وهذا مؤشر خطير لعموم دول الخليج".