هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
"الهندسة المالية"
وفي تحليله لما أعلنته الحكومة المصرية عن مؤشرات الاقتصاد المصري خلال 2020 وفي ظل أزمة كورونا، يرى رئيس منتدى التنمية والقيمة المُضافة، أحمد خزيم، أن "كل تلك المؤشرات هي نتاج الهندسة المالية التي يقوم بها البنك المركزي المصري".
وفي حديثه لـ"عربي21"، قال: "في الحقيقة إن تأثير كورونا على الأوضاع الاقتصادية في 2020، أراه الأقل تأثيرا من تكلفة شروط صندوق النقد الدولي الذي تحمل المواطن المصري كافة الآثار السيئة لشروطة، بالإضافة إلى الاقتصاد المصري".
وأكد أن "الاقتصاد المصري في 2020، ارتفع فيه التضخم، وللسيطرة عليه ارتفعت الفوائد، وحدث ركود تضخمي، ومع ارتفاع فاتورة الاقتراض ارتفع العجز، وأدى ذلك إلى طباعة الجنيه المصري بكميات ضخمة".
وأضاف أنه "نتيجة استخدام الهندسة المالية وأدواتها، بعيدا عن الإنتاج، وزيادة الناتج القومي، وتقليص السيولة؛ أدى ذلك إلى الاحتقان، لهبوط طبقات كبيرة من الطبقة الوسطى إلى طبقة الفقر، وحدث انكماش فى مجمل الأعمال، وأدى ذلك إلى حاله الكساد الواضحة".
وأوضح أنه "جاءت مع تلك الحالة في 2020، تأثيرات كورونا كغطاء لحقائق سبقت الجائحة؛ ولهذا نرى قرارات تخالف توجهات، وصناديق تنشأ وتؤكد واقع الأزمة، مثل الصندوق السيادي الذي لا يتناسب إلا في البلاد ذات الفوائض البترولية أو الغاز للأجيال القادمة".
وأكد أن "تواجد مثل هذه الصناديق هو لبيع بعض الأصول والممتلكات، وهو ما لا يعتبر نموا أو تنمية، ولذلك فإن كل تلك المؤشرات الاقتصادية التي أعلنتها الحكومة هي نتاج الهندسة المالية التي يتولى الجهد الرئيس فيها البنك المركزي".
"منظور الاقتصاد الكلي"
وفي رؤيته قال الخبير الاقتصادي، ورئيس جامعة كامبريدج المؤسسية، حسام الشاذلي: "ليس هناك خلاف على أن تقارير البنك الدولي وصندوق النقد الصادرة عن 2020، تؤكد أن معدلات نمو الاقتصاد المصري مازالت إيجابية رغم تأثير كورونا، ورغم عدم تحقيق المعدلات المتوقعة، والتي كان يجب أن تصل لـ5.6 بالمئة، ولكنها توقفت عند 3.5 بالمئة".
وأضاف بحديثه لـ"عربي21": "أضف إلى ذلك انخفاض معدلات التضخم، وارتفاع سعر الجنيه بالسنوات الثلاث الأخيرة، وكلها مؤشرات إيجابية في 2020، يدعمها تلك الاتفاقيات المتتالية على قروض جديدة من صندوق النقد الدولي وغيره، في ظل الظروف الإقتصادية العالمية الصعبة".
وتابع: "ولكنه يبقى من الهام دائما أن ننظر إلى كل مؤشرات التقارير الحكومية والدولية بصورة أعمق؛ حيث تشير نفس التقارير إلى أن انكماش الاحتياطي الأجنبي المصري بصورة سريعة بسبب هروب رؤوس الأموال المتوالي والموازي لوباء كوفيد-19، وكذلك الهبوط القوي في عائدات السياحة، وقناة السويس، والتصدير".
وأوضح، أنه "لذلك فإن جميع المؤشرات التي تشير إلى بقاء المنظومة الاقتصادية المصرية داخل المنطقة الإيجابية هي مؤشرات مبنية على منظور الاقتصاد الكلي؛ في حين تؤكد كل التقارير على أن الاستهلاك المحلي سيبقى منكمشا مع زيادة معدلات البطالة، وتخفيض المرتبات، وفصل الموظفين من القطاع الخاص".
وجزم بأن "كلها مؤشرات تؤكد على زيادة معدلات الفقر؛ وخاصة خارج المدن، أضف إلي ذلك توقع زيادة عدد المصريين العائدين من الخليج في العام 2021، في ظل الأزمة الاقتصادية المتزايدة والمصاحبة لكورونا هناك".
وتوقع الشاذلي، أن كل ذلك "سيجعل الأمر أكثر صعوبة في ظل بنية تحتية اقتصادية متهالكة في مصر، ومع غياب الخدمات الأساسية الاجتماعية وعلى رأسها تأمينات حياة الفرد في ظل الكوارث والظروف الوبائية".
ولا يتوقع الشاذلي، "خروج مصر من ذلك النفق المظلم والمغلف بغلاف الاقتصاد الكلي الخادع، والذي بات يتنفس القروض ليل نهار، بدون إيجاد تغييرات جذرية بالمنظومة تعتمد على تعظيم الاستفادة من الموارد البشرية المتاحة، والتركيز على المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وتغيير أولويات الصرف بالميزانية، ووضع خطة لإيقاف نزيف القروض المستمر بلا سقف".
"أرقام مشكوك بها"
من جانبه لم يقبل الخبير الاقتصادي، الدكتور مصطفى شاهين، "ادعاء الحكومة المصرية بأن هناك نموا اقتصاديا؛ فالحكومة شأنها شأن غيرها من الدول أصيبت بأزمة كورونا".
وأضاف في حديثه لـ"عربي21"، ان "كورونا أوقفت النمو الاقتصادي، وتم تعطيل الأنشطة الاقتصادية؛ ولذلك فأرقام النمو التي أعلنتها الحكومة أرقام مشكوك في صحتها".
وأردف: "الأمر الآخر الذي يدعم هذه الشكوك هو وقف الحكومة البناء بكافة المحافظات لمدة 6 أشهر، وهذا يعد نصف العام ولذلك فمن المنطق أن من كان يعمل في هذه الأنشطة توقف عن الإنتاج؛ وهذه مؤشرات عن الكساد في الاقتصاد".