هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
سيصبح دونالد ترامب مواطنا
أميركيا عاديا في ظهيرة يوم العشرين من يناير 2021. وأمامه أقل من شهر ليقرر كيف
سيدير أيامه الأخيرة في الرئاسة. يوم الاثنين 28 ديسمبر، تلقى رسالة قوية من
صحيفته المفضلة والأكثر تأييدا له، وهي «ذا نيويوك بوست»، التي يملكها ويسيطر
عليها عملاق الإعلام روبرت موردوخ. فبحروف كبيرة وبارزة، كتبت الصحيفة على صدر
صفحتها الأولى: «أوقف العبث». ثم تابعت بحروف أصغر: «لقد خسرتَ الانتخابات، وإليك
الطريقة التي تستطيع أن تنقذ بها تركتك». كتّاب الافتتاحية حثوا ترامب على التخلي
عن بحثه غير الواقعي عن طريقة ما للبقاء في السلطة، والتركيز عوضا عن ذلك على
مساعدة الحزب الجمهوري من أجل تعزيز قوته في الكونجرس حتى يكون قادرا على تحدي
إدارة بايدن المقبلة.
والواقع أن ثمة بعض المؤشرات على أن ترامب بدأ
أخيرا يعترف بأنه خسر، لكنه لا يجهر بذلك. إذ يواصل مهاجمة القيادة الجمهورية
لأنها لم تدعم أجندته التشريعية الحالية. كما أنه ما زال مصمما على إبداء مقاومة
في السادس من يناير عندما يعقد الكونجرس الجديد جلسة من أجل تأكيد فوز بايدن في
الانتخابات بشكل رسمي. غير أن هذه الحيلة ستفشل، وستُحرج نائب الرئيس مايك بنس
الذي سيتعين عليه ترأس جلسة الكونجرس وإعلان فوز بايدن. وحينما يحدث هذا، سيصبح
الخيار الوحيد المتاح لترامب هو استخدام صلاحياته خلال الأسابيع المتبقية من أجل
ترك بصمته على رئاسته بشكل جيد أو سيء. والأرجح أنه سيواصل إصدار قرارات عفو رئاسي
عن أصدقائه المتهمين بجرائم أو الذين قد توجَّه لهم تهم من قبل الإدارة الجديدة عن
أعمال قاموا بها خلال السنوات الأربع الماضية. ويُعتقد أنه سيفكر في إمكانية إصدار
عفو عن ابنيه دونالد جونيور وإيريك وابنته إيفانكا وزوجها جارد كوشنر. أما ما إن
كان سيحاول إصدار عفو عن نفسه، فذاك يظل سؤالا مفتوحا نظرا لأنه لا يوجد نص قانوني
واضح. غير أن ما هو واضح هو أن العفو الرئاسي ينطبق على الجرائم الفدرالية فقط.
وبالتالي، فإن ترامب وأبناءه سيظلان معرضين مع ذلك للمحاكمة بسبب أعمال قاموا بها
من أجل دعم شركات ترامب الموجودة في ولاية نيويورك.
وبالنظر إلى أن ترامب سيظل
القائد الأعلى للقوات المسلحة إلى حين مغادرته الرئاسة، فإنه سيواصل التمتع
بصلاحيات هائلة في حال اندلاع أزمة وطنية أو دولية تتطلب تدخلا أميركيا. وفي هذا
الصدد، يذهب بعض أنصار ترامب الأكثر ولاء وتطرفا إلى أنه لن يكون قد تجاوز نطاق
حقوقه وصلاحياته إذا ما أعلن حالة الطوارئ في البلاد في حال اندلعت أعمال عنف
داخلية على خلفية نتيجة الانتخابات الأخيرة، أو في حال أقدم بلد مثل إيران على
القيام بعمل انتقامي ضد القوات الأميركية في الشرق الأوسط في ذكرى اغتيال الجنرال
قاسم سليماني في الثالث من يناير. فمثل هذا العمل يمكن أن يؤدي إلى تصعيد وأن
يتطور بسرعة إلى مواجهة عسكرية أوسع من شأنها طرح مأزق كبير لبايدن الذي يبدو
عاقدا العزم على التركيز على أزمة «كوفيد-19» والاقتصاد الأميركي وعدم التورط في
حروب خارجية.
بيد أن ما يبدو واضحا بشكل متزايد الآن هو أن
ترامب لن يعترف بالهزيمة على نحو سهل. وأغلب الظن أنه لن يوجّه دعوة لبايدن وزوجته
«جيل» لزيارة البيت الأبيض من أجل إطلاعه على القضايا المهمة التي سيواجهها كرئيس.
وفضلا عن ذلك، فإنه من الصعب تخيل حضور ترامب مراسم تنصيب بايدن في مقر الكونجرس.
ذلك أن فعل ذلك من شأنه أن يُظهر للعالم أنه خسر الانتخابات وأن اهتمام العالم
سيكون منصبا على الرئيس الجديد وليس على ترامب.
بيد أنه إذا لم يشارك في عملية النقل السلمي
للسلطة، والتي تُعد السمة المركزية للديمقراطية الأميركية، فإن ذلك سيصمه بصفة
الرئيس المنشق الذي رفض احترام تقاليد البلاد والالتزام بها. وغني عن البيان أن
هذا لن ينعكس على تركته بشكل جيد.
(الاتحاد الإماراتية)