سياسة عربية

لماذا يعيد الاحتلال اعتقال المقدسيين من بوابة السجن؟

تكررت حوادث اعتقال الفلسطينيين فور الإفراج عنهم- جيتي
تكررت حوادث اعتقال الفلسطينيين فور الإفراج عنهم- جيتي

كانت العائلة تنتظر خارج بوابة سجن النقب الصحراوي جنوب فلسطين المحتلة؛ تحرر ابنها يعقوب أبو عصب من القدس المحتلة بعد سبع سنوات من الاعتقال، ولكن قوات الاحتلال كانت لها حسابات أخرى.


دقائق قليلة كانت تفصل فرحة الحرية لدى الأسير عن مشهد مخالف تماما؛ حيث أعيد اعتقاله فور الإفراج عنه ونقله بالآليات العسكرية بعيدا عن مبنى السجن بينما عائلته مذهولة من هول المشهد.


ويقول المحرر يعقوب لـ"عربي21" إنه وبعد إنهاء سبع سنوات من الاعتقال اقتاده السجانون إلى بوابة السجن بتاريخ الثاني من تشرين الثاني/ نوفمبر من عام 2018؛ وهناك أنهوا الإجراءات المتعلقة بالإفراج وكان كل شيء يبدو طبيعيا.


ولكن المحرر لم يكد يلمح عائلته أمام السجن حتى فوجئ بعدد كبير من الجنود يحاصرونه ويأمرونه بالصعود إلى إحدى الآليات العسكرية التي كانت بانتظار الإفراج عنه.


ويوضح بأنه بعد ذلك تم اقتياده من أمام السجن إلى مركز التحقيق في القدس المحتلة؛ وهناك تمت مساومته على الإفراج بحجة أنهم يريدون منع مظاهر "العنف" خلال الاحتفال بتحرره.


وبعد ساعات من التحقيق والاستجواب تم التوصل مع محامي المحرر إلى اتفاق يقضي بالإفراج عنه بشرط الإبعاد عن القدس لمدة عشرة أيام.

 

تنغيص الفرحة
ومنذ ذلك الحين بدأت قوات الاحتلال تستخدم هذه السياسة بحق معظم محرري القدس باعتقالهم من أمام بوابات السجون.


يؤكد المحرر يعقوب أن التحقيق معه كان يتم حول "منع إقامة احتفال استقبال له يعرّض أمن الجمهور للخطر"؛ وأن كل إجراءات الاحتلال هذه هي من أجل تنغيص فرحة الأسير وعائلته في يوم الإفراج.


الاعتقال هذا جاء رغم مداهمة قوات الاحتلال لمنزل يعقوب قبل أيام من الإفراج عنه؛ وتهديد عائلته بعدم إقامة أي احتفال لاستقباله أو حتى أي مظاهر للفرح.


ويعتبر المحرر بأن إعادة الاعتقال رغم هذه التهديدات؛ هو بمثابة تنغيص لفرحة عائلة الأسير التي تنتظره بفارغ الصبر بعد سنوات من الاعتقال، لافتا إلى أن إعادة اعتقاله كان مفاجئا له رغم توقعه مداهمة المنزل بعد الإفراج. 


ويضيف: "إعادة الاعتقال تؤثر على نفسية الأسير كثيرا فهو إعادة لشريط الاعتقال من بدايته؛ وكذلك أن يتفاجأ بعد أن خرج من واقع صعب بإعادة اعتقاله وأنه ما زال تحت هذا الظرف القاسي فهو أمر مؤلم حقا، ويشعر الأسير للحظة ما أنه السبب في تعكير حياة عائلته رغم أن الاحتلال هو سبب كل ذلك".


ورغم التزامه بشرط الإبعاد عن مدينته إلا أن تضييقات الاحتلال بحقه لم تنته بعد التحرر وحتى الآن؛ حيث تواصلت بحقه الاستدعاءات والتحقيقات وأوامر منع السفر ومنع الدخول إلى المسجد الأقصى المبارك في فترات معينة.

 

ويختتم حديثه قائلا: "الهدف هذه السياسة منها ردع الآخرين؛ أي أن الاحتلال يحاول إيصال رسالة من خلال إعادة اعتقال المحرر أنه إذا كان هناك أي موقف فستكون النتيجة هي هذه؛ كله يندرج ضمن التنغيص ومحاولات قتل الفرحة".

 

عقدة السيادة
الانتهاك لحقوق المحررين طال قبل أيام قليلة الأسير المحرر مالك بكيرات من قرية صور باهر جنوب القدس؛ حيث تم الإفراج عنه بعد ١٩ عاما من الأسر وأعيد اعتقاله بعد تحرره من بوابة سجن النقب.


ولم يكتف الاحتلال بذلك بل قام باعتقال والده الشيخ ناجح بكيرات واستدعاء أشقائه للتحقيق، وتم تمديد اعتقالهما ليوم كامل والتحقيق معهما في محاولة لتنغيص فرحة الإفراج عنه.


ولكن المحرر مالك كان مصرا على إظهار عدم تأثير هذه الإجراءات على فرحة التحرر مهما بلغت قسوة الاحتلال؛ حيث قام بإبلاغ ضباط المخابرات الإسرائيلية بعد نقله لمركز تحقيق المسكوبية في القدس؛ أن وصوله لمركز التحقيق هو أول خطوة داخل القدس، وأخبرهم أن يوصلوا لوالدته أن تحفظ الطعام الذي أعدته لاستقباله في الثلاجة لأنه سيتناوله قريبا معها، في تأكيد على عدم تأثير هذه السياسة على المحررين ومعنوياتهم.


وبعد الإفراج عن مالك ووالده قام الاحتلال باقتحام منزلهما واعتقال الوالد مجددا والإفراج عنه بشرط الحبس المنزلي لمدة خمسة أيام ومنع الحديث مع الإعلام.

 

بدوره يعتبر رئيس لجنة أهالي أسرى القدس أمجد أبو عصب أن هذه الإجراءات تدخل في سياق الاستهداف المستمر للأسير وأهله؛ معتبرا أن قوات الاحتلال لديها "عقدة السيادة"، حيث تتعامل مع أي مظهر صغير فلسطيني على أنه يمس بسيادتها في القدس.


ويقول لـ"عربي٢١" إن الاحتلال يجد في رفع الرايات والأعلام الفلسطينية واستقبال الأسير ورفعه على الأكتاف وكأنه مس بسيادته في المدينة التي يعتبرها تابعة له كليا.


ويتحدث أبو عصب عن سبب آخر لهذه الإجراءات وهو أن الاحتلال يريد دوما أن يُشعر الأسير أنه ارتكب جرما وأنه طيلة الوقت تحت المراقبة؛ وأنه سيدفع ثمن مقاومته طيلة حياته حتى لو أنهى فترة السجن.


وإلى جانب كل ذلك يؤكد أن الاحتلال يهدف إلى سرقة الفرحة وقتلها في قلوب الناس؛ وأنها تريد أن توصل رسالة للمحرر أنه يجب أن يكون وحده يوم الإفراج عنه كي تحبط المقدسيين وتمنعهم من استقبال الأسير الذي له رمزية محترمة في الشارع الفلسطيني، فهو أمضى سنوات في سجون الظلم ويعود لمدينته؛ فيكون استقباله بمثابة شحذ للهمم واستقباله من قبل المئات أو الآلاف يقول للاحتلال إن الظلم لن يطول.


ويضيف: "قوات الاحتلال تريد قتل هذه المفاهيم وتصادر الاعتزاز بالأسير؛ كما أنها تكذب الكذبة وتصدقها حين تدعي أن الأسير سيقوم بأعمال تخريبية فور الإفراج عنه مثل عمل اجتماع كبير لتنظيم معين وتقصد بذلك احتفالات الاستقبال، ولكن رغم ذلك فالاحتلال لن يستطيع مهما أقدم على إجراءات ظالمة أن يقتل الفرحة في قلوبنا ويحرمنا الابتسامة ويمنعنا من استقبال محررينا".

 

اقرأ أيضا: لحظات استقبال محرر قضى 19 عاما بسجون الاحتلال (شاهد)

التعليقات (0)