هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
التكاتف؛ التعاون والوحدة؛ عبارات كررها بايدن في خطاب تنصيبه يوم أمس الأربعاء 20 كانون الثاني (يناير) الحالي؛ قابلتها تحذيرات من التطرف والإرهاب المحلي والانقسام والعنصرية القائمة على تفوق العرق الأبيض؛ فأمريكا مسكونة بهاجس الانقسام والتطرف والإرهاب الذي وجه ضرباته للداخل الأمريكي؛ آخرها اقتحام مبنى الكونغرس يوم 6 كانون الثاني (يناير) الحالي.
الخطاب وإجراءات السلامة والأمن كلها تجسد المرحلة بكل تفاصيلها؛ فوباء كورونا (كوفيد 19) كان حاضرا على المقاعد إلى جانب الإرهاب المحلي والانقسام السياسي والفكري بين الأجنحة السياسية والقوى المجتمعية في الولايات المتحدة الأمريكية.
فمقعد ترامب الفارغ شغلته الإجراءات الأمنية؛ عاكسة الهواجس من الإرهاب الأبيض والانقسام الحاد في الولايات المتحدة الذي تحول بدروه إلى أحد أهم وأبرز التحديات للرئيس بايدن وطاقم إدارته؛ فإما أن ينجح في التعافي من الانقسام والوباء والأزمة الاقتصادية؛ أو يفشل في ذلك؛ لتغذي الأزمات والتحديات الداخلية بعضها البعض في ديناميكية غير منقطعة في تفاعلاتها السلبية، سواء على الصعيد الداخلي أو الخارجي.
القلق من فشل التعافي السياسي والصحي الأمريكي الداخلي نجده منعكسا بوضوح في تصريحات المرشح لمنصب وزير الخارجية أنتوني بلنكين؛ إذ دعا إلى ضرورة رص الصفوف لمواجهة التحديات الخارجية وعلى رأسها الصين وروسيا وإيران؛ فالتعافي من الانقسام الوصفة الوحيدة الممكنة لمواجهة التحديات الداخلية والخارجية؛ والفشل سيعني مزيدا من الاستنزاف للولايات المتحدة الأمريكية والتراجع في نفوذها وسياستها الخارجية؛ هاجس ظهر بصيغة مختلفة في خطاب الرئيس الأمريكي بايدن الذي أعلن أن بلاده ستعمل على إعادة بناء تحالفاتها مع شركائها لتحقيق الأمن والسلام العالمي؛ فالإدارة الحالية تدرك عقم العمل منفردة بعيدا عن حلفائها في الناتو وأوروبا وفي المؤسسات الدولية والأممية.
التعافي من الانقسام الوصفة الوحيدة الممكنة لمواجهة التحديات الداخلية والخارجية؛ والفشل سيعني مزيدا من الاستنزاف للولايات المتحدة الأمريكية والتراجع في نفوذها وسياستها الخارجية
رغم الخطاب المتفائل لبايدن فإن ظلال الانقسام وأشباحه ستلاحق الإدارة الجديدة؛ فترامب قال وبوضوح لمناصرية في خطاب الوداع: "سنعود بطريقة أو أخرى؛ دون أن يحدد الطرق الأخرى؛ مضفيا مزيدا من الغموض على المشهد المحتقن في أمريكا.
هواجس ستغذيها الأزمات الداخلية؛ وخصوم الولايات المتحدة بطريقة أو أخرى؛ فروسيا لن تغيب عن المشهد الداخلي في أمريكا وكذلك الصين إذ ستبقى حاضرة وإلى جانبها العديد من الملفات المتفجرة في الساحة الدولية؛ فطريق بايدن وعرة ولن تكون ممهدة رغم تمرس إدارته وعمق خبرتها السياسية والإدارية والاقتصادية، فأمريكا لم تلتقط أنفاسها بسهولة بعد حقبة ترامب المضطربة.
ختاما: مهمة إدارة بايدن لن تكون سهلة وطريق التعافي وعرة؛ ستتخللها العديد من المحطات سواء داخل أمريكا أو العالم الذي ستترقب أغلب دوله جهود إدارة بايدن وفاعليته السياسية؛ في حين ستبادر القوى الإقليمية والدولية الفاعلة للتأثير في مسار السياسة الأمريكية وخيارات الإدارة الجديدة في البيت الأبيض؛ ما يجعل من المبادرين سلما أم حربا الأقدر على رسم طريق بايدن وطاقم إدارته للعام الأول إن لم يكن للسنوات الأربع المقبلة؛ فهل سينضم العرب إلى قائمة المبادرين أم سيترقبون كسائر الأمم المغلوب على أمرها ما تقرره القوى الإقليمية والدولية الفاعلة.
hazem ayyad
@hma36