هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
وصف سياسيون وحقوقيون إلغاء قرار إغلاق مركز "النديم" لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب، بأنه قرار "سياسي" وليس "قضائي"، مشيرين إلى أنه جاء بعد أربع سنوات من التقاضي وتجميد نشاطه، ومحاولة تفريغ المركز الرائد في مناهضة التعذيب والعنف، من رسالته وأهدافه، وتقويض تاريخه الحقوقي.
وقضت محكمة القضاء الإداري،
الأربعاء، بإلغاء قرار محافظة القاهرة بإغلاق مقر مركز "النديم" بناء
على أمر إداريّ بالإغلاق صادر عن وزارة الصحّة والسكّان في 8 شباط/ فبراير 2016،
بدعوى أنّ المركز خالف "شروط الترخيص".
وأعربت الدكتورة عايدة سيف الدولة، وهي من مؤسسي المركز، عن دهشتها من قرار إلغاء الإغلاق، وقالت في تصريحات صحفية إنها
لم تكن تتوقعه، مشيرة إلى "أن القرار سيدعم العيادة في استقبالها لضحايا
التعذيب والعنف المختلفين".
وحصل "النديم" على العديد
من الجوائز الدولية المرموقة في مجال حقوق الإنسان لدوره في مناهضة التعذيب،
وتقديم الرعاية الطبية والنفسية لضحاياه، وتم حرمان مؤسسيه من استلام العديد من
الجوائز بسبب حظر سفر بعضهم.
دور المركز
مركز النديم، ومقره القاهرة، منظمة
غير حكومية مصرية مستقلة، تأسس في عام 1993، وله عدة فروع، ويهدف في المقام الرئيس
إلى مناهضة التعذيب (الحكومي والمجتمعي) وتقديم الدعم بكل أشكاله لضحاياه، كما أنه يعنى بإصدار تقارير ومواجيز بهذا الصدد.
وكان مركز النديم، تعرض لمحاولة إطلاق
في عام 2016، من قبل قوات الأمن وهو ما اعتبرت حينها الدكتورة سوزان فياض، إحدى
مؤسسات المركز، في تصريحات لـ"عربي21" أنه "بسبب نشر المركز
لأرشيف صحفي مجمع يتعلق بالجرائم والانتهاكات التي ارتكبت بحق المواطنين في مختلف
أنحاء البلاد".
اقرأ أيضا: دعوى قضائية في فرنسا لسحب "وسام الشرف" من السيسي
ووصف المرشح الرئاسي السابق
المحامي خالد علي، قرار الإغلاق حينها في تصريحات لـ"عربي21"
"بالسياسي"، قائلا: "إن أسباب إغلاق المركز سياسية، وتم تصدير
وزارة الصحة كواجهة لقرار سياسي، وخاصة أن القرار تم فجأة ودون إنذار، ولم يمنح المركز
أي مهلة".
قرار سياسي
علقت المديرة التنفيذية للتنسيقية
المصرية للحقوق والحريات، هبة حسن، بالقول: "قرار غلق مركز النديم وتشميعه
منذ أربع سنوات بالأساس كان سياسيا تشوبه كثير من المخالفات الإجرائية القانونية
وهو ما استند إليه المحامون في جهودهم خلال هذه الفترة لمعارضة القرار".
وأضافت في تصريح
لـ"عربي21": "الحقيقة أن استهداف مركز النديم قبل سنوات هو قرار
سياسي محض كان الهدف منه التضييق على مؤسسات المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية
والمواطنين على حد سواء، ولو أن الأمور تتم بشكل قانوني صحيح ويتم الاحتكام فيها
للدستور والقانون واللوائح لتم إبطال وإلغاء أغلب القرارات بل والأحكام القضائية
التي صدرت".
اقرأ أيضا: تضامن دولي مع حملة للإفراج عن المعتقلين بمصر (شاهد)
لكن يظل عدم استقلال القضاء المصري
الواضح داخل نظام مابعد يوليو 2013، بحسب حسن، هو الأزمة الحقيقية والتي تقود
المجتمع والدولة كلها لمصائر كارثية، سواء في عدم الحفاظ على المجتمع وعلاقاته
وتشابكاته أو في عدم الحفاظ على مصداقية
القرارات والأحكام والنظام بأكمله".
ولم تستبعد مديرة التنسيقية أن يكون
سبب القرار هو "محاولة النظام تخفيف قبضته على المنظمات الحقوقية الشهيرة
لامتصاص حدة أي مواقف قد تصدر من الإدارة الأمريكية الجديدة، ولن يكون قرار واحد
أو قراران إلا محاولة تجميل لا أعتقد أنها ستنجح، خاصة مع جهود المنظمات الحقوقية
التي تفضح بشكل مستمر ما يسعى النظام لإخفائه".
القضاء أداة بيد السيسي
أعرب عضو اللجنة العليا بحزب غد
الثورة عبد الرحمن عاطف، عن اعتقاده بأنه "لا توجد منظومة للعدالة في مصر؛
القضاء اليوم يعمل بتوجهات النظام في ما يتعلق بالقضايا الحقوقية والسياسية، وقرار
إغلاق مركز النديم لاأخلاقي ولاقانوني،
وما تبعه من قرار بإلغاء الإغلاق، يؤكد أنه قرار قضائي مسيس، ويهدف إلى تهدئة
الأجواء حول النظام".
وأضاف في حديثه لـ"عربي":
"النظام يسعى إلى تجميل صورته أمام الضغوط الدولية المتزايدة عليه أوروبيا
وأمميا وأمريكيا مع قدوم إدارة بايدن الجديدة، ولكن هل تكتمل صورة التجميل
بالإفراج عن الشيوخ والنساء والمرضى في السجون".
وتساءل المحامي والحقوقي المصري:
"لماذا تأخر القرار كل هذه الفترة، ولماذا صدر الآن وليس قبل ذلك إذا كان
قرار السلطة المحلية غير قانوني منذ البداية"، مشيرا إلى أن "قرار إلغاء
الإغلاق لا يعني أننا أمام قضاء عادل في ما يتعلق بقضايا منظمات المجتمع المدني
وحقوق الإنسان".