في كلمته أمام البرلمان
المصري، يشتكي وزير
التعليم من عدم وجود مخصصات مالية لسد العجز في المعلمين (121 ألف معلم)، وكذلك عدم وجود مخصصات مالية لصيانة المدارس وبناء فصول جديدة لاستيعاب الكثافة الطلابية، وأن الوزارة بحاجة إلى 250 ألف فصل دراسي بتكلفة 130 مليار جنيه، وأن هناك 800 ألف طفل يلتحقون بالتعليم الأساسي ليس لهم فصول دراسية، فضلا عن المستحقات المالية للمعلمين والمعطلة من العام 2014. ثم يتكلم بعد ذلك عن تطوير التعليم ونظم الامتحانات، ثم يدّعي أن مصر تتقدم في التصنيف الدولي للتعليم!!
أيضا ادعى منذ سنوات أن العالم مبهور بالنظام المصري في التعليم!! وخرج فريق الوزير ليعلن أن اليابان تطلب التجربة المصرية للاستفادة منها، كما أعلن الوزير في وجود
السيسي في العام 2017 أنه خلال أربع سنوات فقط ستكون كثافة الفصل الدراسي ضمن ما لا يزيد على 40 طالبا. ومرت السنوات وما زال متوسط كثافة الفصل 80 طالبا، ما يجعل عملية التربية والتعليم مستحيلة واقعا.
عندما يكون هناك عجز في المعلمين والفصول والمعامل والملاعب والمناشط، فأين التعليم إذن؟ بل ما هو مفهوم التعليم لدى الوزير ومنظومة الوزارة؟
وفي المقابل، ما زالت المليارات تنفق بغير حساب، وبتعليمات مباشرة من السيسي شخصيا، في عاصمته الإدارية وقصوره الرئاسية وقطاره الكهربائي.
التعليم في مصر ليس له أولوية، لأن العقلية التي تحكم تنظر إليه كمؤسسة استهلاكية وليس كمؤسسة استثمارية في أغلى موارد للدول ألا وهو الإنسان.
فهل من العقل أن ينفق على القطار الكهربائي 23 مليار دولار، بما يعادل 360 مليار جنيه مصري، وهو يخدم ما لا يزيد على المليونين في المناطق السياحية؟ هذا المبلغ الضخم يكفي تماما لحل المشكلات المالية والفنية في التعليم والصحة، وهما قطاعان يخدمان قرابة الـ95 مليونا، بافتراض أن هناك خمسة ملايين مصري يتعلمون ويعالجون في مؤسسات القطاع الخاص.
مشكلة المنظومة العسكرية التي تحكم مصر منذ خمسينيات القرن الماضي، أنها غير مؤهلة لإدارة الحياة المدنية على مستوى التفكير والتخطيط والرقابة والتطوير، بل إن نمط الإدارة المتبع أهدر ثروات وموارد مصر في الزراعة والصناعة والتجارة، وتدنت الخدمات الأساسية في التعليم والصحة والتوظيف لأدنى مستوى، وخسرت مصر صدارتها في الحاصلات الزراعية الاستراتيجية (القطن والقمح)، فضلا عن خسارة مكانتها في الفن والرياضة والأدب والثقافة.
أنصاف الكفاءات عندما يتصدرون المشهد في الحكم والإدارة والسياسة والاقتصاد والفن والرياضة بل والدين، يبعدون الأكفياء ويقربون أرباع الكفاءات حتى لا يشعروا بالنقص، بل إن أرباع الكفاءات الأقزام يشعرونهم بالعملقة، وهذه كارثة مضافة، فعندما يظن الفاشل الفاسد أنه عملاق أو مارد نصل إلى ما نحن فيه اليوم.
مشكلة مصر وغالبية الدول العربية ليست في ندرة الموارد، لا، المشكلة في سوء الإدارة والحكم، خاصة عندما يُستولى على مقعد القيادة بصناديق الذخيرة لا صناديق الانتخاب، وعندما يحكم الأقوى تسليحا لا الأكفأ فكرا وتخطيطا وتنفيذا وتقويما وتطويرا.. لك الله يا مصر..