ملفات وتقارير

غابة عَمرة.. هكذا يتم تهويد محميات فلسطين (شاهد)

"غابة عَمرة" تقع جنوبي غرب مدينة جنين- عربي21
"غابة عَمرة" تقع جنوبي غرب مدينة جنين- عربي21

اعتاد المواطن الفلسطيني مصطفى كبها التنزه مع عائلته في "غابة عَمرة"، الواقعة جنوبي غرب مدينة جنين، التي تعدّ واحدة من أبرز المحميات الطبيعية في الضفة الغربية.

ومنذ عدة سنوات، بدأت محاولات إسرائيلية مكثفة لتهويد هذه المحمية عبر خطوات عدة، حيث لاحظ الفلسطينيون وضع لافتات باللغة العبرية في أرجائها، وتنظيم جولات للمستوطنين داخلها بشكل مستمر.

وبحسب باحثين، فإن هذه الممارسات تكررت في عدد من المحميات الطبيعية التي سيطر الاحتلال عليها بشكل كامل، ومنع الفلسطينيين من دخولها أو الاقتراب منها، حتى باتت قضية تهويد المحميات الفلسطينية مؤرقة، وتسير ضمن نهج إسرائيلي منظم مرسوم بدقة.

تغيير الواقع
يقول كبها لـ"عربي21" إن غابة عمرة تقع داخل جدار الفصل العنصري بالقرب من قرية أم الريحان، وتقع غربها بلدة برطعة، وجنوبها قرية طورة، وتبعد عن البحر الأبيض المتوسط ٢٧ كم، وترتفع عن سطح البحر 450 مترا.

ويوضح أن المحمية تبلغ مساحتها ١٤ ألف دونم، وتوجد فيها أشجار البلوط التي تشكل ٨٠٪؜ من مساحتها، كما تتواجد فيها أشجار السرو والكينا والغار والبطن والزرد والسريس وأعشاب برية متعددة.

وتتواجد حيوانات برية عديدة في المحمية، أبرزها الثعالب وابن آوى والنيص، إضافة إلى الخنازير البرية التي باتت تتواجد بأعداد كبيرة نتيجة اهتمام الاحتلال بها بهدف مضايقة المواطنين والمزارعين الذين يسكنون بمحاذاة المحمية، كما يتواجد فيها غزال اليحمور الذي انقرض من المنطقة عام 1912.


ويؤكد كبها أن عدة بنايات قديمة موجودة في المحمية تم بناؤها في عهد الانتداب البريطاني؛ حيث اتخذوا من المكان منطقة عسكرية.


وبعد إقامة الجدار العنصري الفاصل حول الضفة كثف الاحتلال من محاولات تهويد المحمية؛ حيث قام بعمل تحسينات داخلها، ووضع موظفين من المستوطنين للعناية بمرافقها.


ويشير إلى أن كل هذه التغييرات الواضحة كانت تتم في ظل إهمال من مؤسسات السلطة الفلسطينية تجاه المحمية؛ ما سرّع في عجلة التهويد.


أما الآن، فأصبح المستوطنون ينظمون جولات عدة لاقتحام المحمية على شكل مجموعات وأفراد، علما أنها محاطة بعدة مستوطنات أبرزها "ريحان" و"كتسير" و"شاكيد" و"حينانيت".


ولفت كبها إلى أن المحمية تتحول أحيانا إلى ثكنة عسكرية في ساعات الليل، حيث يتواجد فيها الجنود بين فترة وأخرى دون معرفة السبب.


توسع استيطاني
وتعتبر سياسة تهويد المحميات الطبيعية في الضفة المحتلة مقدمة لتوسيع البناء الاستيطاني التي تصبح تلك المناطق جزءا منه، كما يتم حرمان الفلسطينيين من الاستفادة منها أو العمل بها أو حتى الدخول إليها في كثير من الأحيان.

الباحث في مركز أبحاث الأراضي، رائد موقدي، يؤكد أن هناك مخططا منذ عام ١٩٦٧ للاستيلاء على أكبر قدر مستطاع من تلك المحميات.


وأوضح في حديث لـ"عربي21" أن هناك ما يزيد على ١٣ محمية على امتداد الضفة الغربية تمت السيطرة عليها، وتم الإعلان عنها بأنها مناطق إسرائيلية خاضعة للنفوذ الإسرائيلي، مبينا أنه قبل أربعة أشهر بالتحديد تم الإعلان عن أربع محميات جديدة في منطقة الأغوار الفلسطينية؛ منها محمية تقع شرق منطقة الجفتلك، وثانية في منطقة حمامات المالح، ومحمية في دير أبو حجلة، ومحمية قرب البحر الميت.

وأشار إلى أن هذا الإعلان تم تحت النفوذ الإسرائيلي؛ ما يجعل خطرا حقيقيا يهدد المحميات الفلسطينية؛ مبينا أن لها أهميات عديدة، أبرزها أنها متنفس للمواطن، ومنطقة مهمة ذات تنوع بيئي مهم وحيوي.



وأضاف: "يسعى الاحتلال لتهويد المناطق لصالح ضمها للنفوذ الإسرائيلي، لخلق واقع جغرافي، والسيطرة على أكبر قدر من الأراضي التي يعتبرها بالنسبة له مكانا جيدا للتنوع البيئي، وضمها لنفوذ المستوطنات الإسرائيلية، وهو ما تم فعليا خلال فترة قريبة".

ورأى موقدي أنه في الوقت الذي يعلن فيه الاحتلال أن منطقة المحميات هي حكر على المستوطنين، ويمنع التواجد الفلسطيني فيها حتى من خلال تنميتها وزراعتها، يتم تنفيذ توسع استيطاني في منطقة محمية وادي قانا قرب مدينة سلفيت على امتداد ١٠ آلاف دونم.

وأكد أن هناك توسعا استيطانيا ضخما لما يزيد على خمس مستوطنات يتم توسيعها بشكل كبير على حساب الأرض الفلسطينية، ويتم حاليا شق شبكة طرق لربط لتلك التجمعات لخلق منظومة استيطانية في منطقة وادي قانا.

وشدد على أن ذلك يدحض الرواية الإسرائيلية بأن تلك هي محمية طبيعية، لأنه في الوقت الذي يمنع فيه الفلسطينيين من زراعتها والاعتناء بها، يسمح للمستوطنين بالعبث بها وتخريبها، وتوسيع البناء الاستيطاني في تلك المناطق.

وتابع: "باتت المحميات وسيلة لتوسيع النفوذ الاستيطاني، وهذا ما نشاهده على أرض الواقع في أحراش عمرة غرب جنين، حيث يمنع الفلسطينيون من استغلالها والتواجد فيها، وفي الوقت ذاته أمست سبيلا لتوسع النشاطات الاستيطانية في مستوطنة شاكيد وغيرها القريبة من تلك الأحراش".

 

 



 





 

 





 

 

 




 

 

 


التعليقات (0)