كتاب عربي 21

اتفاق النووي مع إيران.. من له مصلحة في عدم العودة إليه؟

عزام التـميمي
1300x600
1300x600

تواصل معي صديق من سوريا أكن له فائق الاحترام لفضله وتاريخه النضالي يقول إنه يتوجب علينا القيام بتحرك لمطالبة إدارة بايدن بعدم العودة إلى الاتفاق النووي مع إيران، باعتبار أن إيران دولة مارقة ولا ينبغي أن يسمح لها بتطوير قدراتها النووية.


كتبت له رداً فيما يلي نصه:
أستاذي الفاضل


ليس لما أقوله أدناه علاقة بالموقف من إيران نفسها، فموقفنا من النظام في إيران واحد، وهو أنه نظام يمارس الإجرام بحق شعبه وحق شعوبنا، وسياسات إيران في منطقتنا العربية من العراق إلى اليمن مروراً بسوريا سياسات مدانة تماماً.


ولكني لا أنصح بأن تقوموا حضرتكم أو من نكن له كل التقدير والاحترام من أساتذتنا وإخواننا السوريين بحراك يطالب بايدن بعدم العودة إلى الاتفاق النووي، وذلك للأسباب التالية:


أولاً: سيبدو هذا الموقف مؤيداً للحملة التي يقوم بها الكيان الصهيوني وحلفاؤه في الولايات المتحدة وداخل معسكر التطبيع العربي المتصهين (السعودية، الإمارات، البحرين، المغرب، السودان مع آخرين) ضد العودة إلى الاتفاق النووي مع إيران. فإسرائيل وحلفاؤها هم أصحاب هذه الفكرة ويستخدمون في سبيل الانتصار لفكرتهم دعاية كاذبة نربأ بمن في مثل موقعكم وعلمكم وخبرتكم أن تقعوا في فخاخها.


ثانياً: ليس صحيحاً أن اتفاق النووي مع إيران هو الذي شجعها على المضي قدماً في تطوير قدراتها النووية، بل على العكس تماماً من ذلك، إن الذي حرر إيران من قيود الاتفاق النووي هو قرار ترامب التنصل منه، فتنصلت هي مما فرضه الاتفاق عليها وكانت حتى انسحاب أمريكا ملتزمة به. يبدو لي أن الذين يعارضون عودة الولايات المتحدة إلى اتفاق النووي إنما يريدون بذلك الحيلولة دون أن تستفيد إيران من رفع الحظر عنها مقابل التوقف عن تطوير برنامجها النووي، لأن الاتفاق بشهادة الخبراء الدوليين لا يسمح لها بتطوير قدراتها النووية، وهذا لا خلاف عليه بين أهل الدراية.


ثالثاً: ليس صحيحاً أيضاً أن إدارة بايدن أقل معاداة لإيران من إدارة ترامب. إن الاختلاف بين الإدارتين يتعلق برؤية كل واحدة منهما للأسلوب الأنجع لتقييد إيران ومنعها من تطوير أسلحة نووية، هذا بالإضافة إلى أن ترامب كان لا يفكر بأمريكا بقدر ما كان يفكر بإسرائيل، وكان في سياسته الخارجية يسعى أولاً لخدمة نتنياهو ومعسكر اليمين الصهيوني في إسرائيل ومعسكر اليمين المسيحي في الولايات المتحدة وثانياً لخدمة ذاته وحاشيته.


رابعاً: لا يوجد أدنى شك في أن الاتفاق الذي توصل إليه الرئيس الأسبق أوباما مع إيران بمشاركة عدد من الدول الأوروبية إنما كانت الغاية منه الحد من قدرتها على المضي قدماً في تطوير برنامجها النووي وتحويلها من خصم إلى صديق أو في أقل تقدير إلى طرف محايد. والسياق الزمني هنا في غاية الأهمية، لأن هذا التفكير كان سابقاً على ثورات الربيع العربي بسنوات، إذ أن إدارة أوباما جاءت إلى السلطة وفي مخيلتها أنها إذا تمكنت من احتواء إيران فقد تتمكن من خلال ذلك من التوصل مع النظام في دمشق إلى تفاهمات من شأنها أن تحفز الأطراف الفلسطينية المتحالفة مع النظام السوري على القبول بالدخول في تسوية دائمة مع الكيان الصهيوني. بمعنى آخر، كان أوباما يرجو أن تثمر الاتفاقية مع إيران احتواء للنظام في سوريا أيضاً مما يمهد الطريق نحو تسوية سلمية شاملة في المنطقة. هكذا كانوا يفكرون، ثم جاءت ثورات الربيع العربي فلخبطت لهم الأوراق.


خامساً: إن الذي أطلق العنان لإيران لتعيث فساداً في منطقتنا العربية هي الأنظمة المستبدة التي تتحالف اليوم مع الكيان الصهيوني سواء في المطالبة بعدم العودة إلى اتفاق النووي مع إيران أو بالمضي قدماً في الحرب على الشعوب العربية والحيلولة دون نوالها لحريتها وكرامتها، من المحيط إلى الخليج. إن أنظمة السعودية والإمارات، بشكل رئيسي، هي التي ساهمت في تمهيد الطريق أمام إيران لتصبح قوة متنفذة في العراق وفي اليمن وفي سوريا، تارة من خلال العبث بشؤون ثورات هذه البلاد وتارة من خلال خذلان شعوبها التي انتفضت في وجه الاستبداد.


سادساً: إذا كانت إيران دولة مارقة، ولذلك ينبغي أن يحال بينها وبين تطوير قوة نووية، فماذا عن الكيان الصهيوني الذي يحتل أراضي المسلمين وينكل بهم ويتآمر عليهم في كل مكان، وفي نفس الوقت يملك ترسانة من الأسلحة النووية تقدر بما لا يقل عن 300 رأس نووي؟ كيف سيكون شكل من يطالب بالحد من طموحات إيران النووية ويسكت عن ترسانة إسرائيل التي تكفي لتدمير العالم العربي بأسره عشرات المرات؟


أنصح بالتراجع عن هذه الفكرة، ومواجهة إيران ومعارضتها في سياساتها الغاشمة من خلال الكشف عن جرائمها في المنطقة، وهي أكثر من أن تحصى، وعدم التورط في ما سيبدو ارتماء في معسكر الصهاينة من يهود ومسيحيين ومسلمين.


2
التعليقات (2)
بشري _السودان
الأحد، 31-01-2021 06:59 م
احسنت القول يا استاذ عزام
الأكوان المتعددة
الأحد، 31-01-2021 05:51 م
متي يسقطو الجنسية السعودية عني أتمنا في القريب استطيع سلخها لأن هناك كثير اعرفهم خلعوها وستبدلوها