هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
يمر حزب الوفد المصري الليبرالي بأوقات عصيبة تحت قيادة رئيس الحزب المستشار بهاء أبو شقة؛ بسبب خلافات بين قيادات الحزب بشأن الحفاظ على هوية واستقلال الحزب، بعد تماهيه في حزب مستقبل وطن المحسوب على السلطة.
وعزز رئيس الحزب الانقسامات الداخلية، في واحد من أقدم الأحزاب المصرية، بعد قيامه منفردا، الثلاثاء، بفصل عدد من القيادات الوفدية على رأسهم نائبه ياسر الهضيبي، الذي اتهمه بالانتماء لجماعة الإخوان المسلمين.
وأعلن أبو شقة في مؤتمر صحفي فصل كل من: طارق سباق، ومحمد عبده، ومحمد عبد العليم داود، ونبيل عبد الله، وحمدان الخليلي، وحاتم رسلان، ومحمد حلمي سويلم.
ومن بين القيادات المفصولة أعضاء في مجلس النواب ومجلس الشيوخ.
من جهته أكد ياسر الهضيبي، عضو مجلس الشيوخ، ونائب رئيس حزب الوفد، أن قرار أبو شقة بفصله من الحزب "غير لائحي"، لافتًا إلى أنه لا يجوز له كرئيس للحزب فصل عضو بالهيئة العليا ونائب لرئيس الحزب.
وأضاف الهضيبي، في بيان أن أبو شقة "اتخذ قرارات مخالفة للائحة الداخلية للحزب ومخالفة للقانون، وسألجأ للقضاء لإلغائه (قرار الفصل) وكذلك إلى رفع دعوى مباشرة بالسب والقذف".
واتهم أبو شقة في مؤتمره عددا من أعضاء الحزب بتعمد "تغيير مبادئ وثوابت هذا الحزب وطمس الهوية الوفدية لحساب أجندات خارجية".
ثمن مهاجمة حزب مستقبل وطن
يأتي قرار الفصل بعد أسابيع من اتهام النائب الوفدي بالبرلمان، محمد عبدالعليم داود (مفصول) لحزب مستقبل وطن (لم يسمه) بأنه دخل البرلمان "بالكراتين"، في إشارة إلى استخدامه الرشاوى الانتخابية في انتخابات مجلسي النواب والشورى، ما أثار غضب رئيس الحزب ونواب الأغلبية ورئيس البرلمان وطرده من المجلس.
وقال خلال جلسة عامة للبرلمان، في 20 شباط/ فبراير الماضي: "لا يمكن أن أتحدث عن إقامة مائدة حوار سياسي مع حزب دخل المجلس بالكراتين"، في إشارة إلى نواب حزب "مستقبل وطن"، صاحب الأغلبية البرلمانية في مجلس النواب.
خلافات بشأن هوية الحزب
وكانت مصادر من داخل حزب الوفد، كشفت في تصريحات سابقة لـ"عربي21"، في أيلول/ سبتمبر الماضي عن تصاعد الانقسام داخل حزب الوفد بشكل كبير؛ على خلفية سيطرة حزب "مستقبل وطن"، على قرارات الحزب.
وأوضحت المصادر أن "هذه التدخلات تحظى بتأييد من رئيس حزب الوفد، المستشار بهاء أبو شقة، وبعض الأعضاء، وتسبب تناقض قرارات الحزب بين قياداته بخصوص المشاركة من عدمها في التحالف مع حزب "مستقبل وطن"، بحالة من الفوضى داخل الحزب، الذي كان يعول على الحصول على مقاعد أكبر".
وأحبط رئيس الحزب مساعي المنافسين له بإجراء انتخابات مبكرة في أيلول/ سبتمبر الماضي، حيث قررت الهيئة العليا لحزب الوفد حينها، إجراء انتخابات مبكرة على رئاسة الحزب خلال شهر، والانسحاب من القائمة الوطنية للانتخابات البرلمانية المقبلة.
ورغم ذلك فقد استمرت التصريحات المتناقضة حول موقف الحزب من المشاركة في القائمة الوطنية للانتخابات البرلمانية، لكن في نهاية المطاف دخل الحزب ضمن قائمة "مستقبل وطن"، التي نجحت عليها ابنة رئيس الحزب أميرة بهاء أبو شقة.
نواب بالوفد لا يعلمون بقرار الفصل
المفارقة أن نوابا بالبرلمان من حزب الوفد لم يعلموا بقرار الفصل الذي أصدره أبو شقة، وقال نائب عن الحزب لـ"عربي21" أنه لا يعلم شيئا عن القرار الأخير، ولم يبلغ به، ولم يسبق طرحه عليهم كأعضاء بالحزب.
وأضاف النائب عن حزب الوفد، فضل عدم ذكر اسمه، أن "الأمور كانت عادية، ولا أعلم سبب اتخاذه، وعلى السائل التوجه بسؤاله إلى رئيس الحزب الذي أصدر قرار الفصل، ولم يتم عرض الأمر علينا، ولا نعرف شيئا عن خلفيات القرار".
واعتبر بعض المراقبين أن تلك الخطوة تهدف للتخلص من النائبين محمد عبد العليم داود وياسر الهضيبي من مجلسي النواب والشيوخ؛ لأن فصل النائب من الحزب قد يترتب عليه فصله من البرلمان بسبب سقوط صفته الحزبية التي انتخب على أساسها.
Posted by خالد رفعت on Tuesday, February 9, 2021
قيادات في الوفد تجهل سبب القرار
بدوره؛ نفى قيادي بالحزب علمه بأسباب القرار، وقال لـ"عربي21": "من حق رئيس الحزب اتخاذ ما يراه مناسبا، وهو من يُسأل عن هذا القرار، ولا يمكن أن نقيمه لا بالسلب ولا بالإيجاب".
وبشأن مدى تأثير قرار الفصل بحق أعضاء نواب بالبرلمان والشيوخ، أكد القيادي، الذي تحفظ على ذكر اسمه، أن "على المتضرر اللجوء للقضاء إن كان يرى له حقا، والقضاء كفيل برد الحقوق"، ورفض القيادي إعطاء أي تفاصيل أخرى بشأن دوافع القرار وتداعياته".
وحاولت "عربي21"، الاتصال بنائب رئيس حزب الوفد المفصول ياسر الهضيبي، لكن لم يتسنّ لها الحصول على رد منه.
صورة مزرية للأحزاب بمصر
وصف مدير المعهد الدولي للعلوم السياسية والاستراتيجية، ممدوح المنير، الانقسامات والخلافات داخل حزب الوفد المصري "بأنها انعكاس للحالة المزرية للأوضاع السياسية في مصر".
وأضاف لـ"عربي21": "كان نظام مبارك يسعى بكل بقوة إلى تفجير الأحزاب المعارضة من داخلها أو على الأقل إنهاكها في معارك داخلية تستهلك كوادرها فيها وبالتالي تخف حدة معارضتها له. لكن في عهد السيسي لم يعد إضعاف "المعارضة" (إن جاز الوصف) هدفا ولكن سحقها وصهرها في نظامه".
وأشار إلى أن "نظام السيسي الآن لم تعد تعجبه حتى المعارضة الشكلية والهامشية، ولكن الهدف هو تحويلها إلى موالاة كاملة له وهذا غباء سياسي حتى في النظم الفاشية، ورئيس حزب الوفد أبو شقة ليس غريبا على هذه الحالة الاستثنائية في التاريخ المصري، ولكننا أمام معارضة تحركها أجهزة المخابرات والأجهزة الأمنية لا مكان فيها لمصلحة الوطن ومستقبله".