قضايا وآراء

التموضع العربي التركي بين جولة جاويش الخليجية ورحيل قرقاش

حازم عيّاد
1300x600
1300x600

لم يوقف الإعلان الأمريكي على لسان الرئيس المنتخب جو بايدن هجمات الحوثيين على المملكة العربية السعودية؛ فرغم تعهد الرئيس الأمريكي بايدن بوقف كافة أشكال الدعم والإسناد الأمريكي للسعودية والإمارات في اليمن أمام موظفي وزارة الخارجية الخميس الفائت الموافق 4 شباط (فبراير) الحالي؛ فإن ذلك لم يقابل من جماعة أنصار الله الحوثية بخفض التصعيد والمواجهات على الحدود مع المملكة العربية السعودية؛ إذ لم تتوان الجماعة عن شن هجمات عبر المجال الجوي السعودي بطائرات مسيرة؛ كان آخرها استهداف مطار (أبها) يوم أمس الأربعاء 10 شباط (فبراير) الحالي وإصابة طائرة مدنية إصابة مباشرة.

موقف الولايات المتحدة الأمريكية تجاه الرياض وأبو ظبي اتسم بالتصعيد خلال الأيام القليلة الماضية؛ ولم يقتصر على الإشارات المؤكدة التي قدمها وزير الخارجية أنتوني بلينكن قبل أكثر من أسبوعين قال فيها إن بلاده ستراجع صفقات الأسلحة والاتفاقات الموقعة في عهد إدارة ترامب؛ ليعود بايدن بعد ذلك بأيام معلنا وقف صادرات الأسلحة الأمريكية إلى السعوديىة والإمارات ومن ضمنها صفقة طائرات (أف 35 الشبحية) المرتبطة باتفاق إبراهام التطبيعي.

رغم ذلك لا يكتمل المشهد الخليجي دون الإشارة إلى إنهاء حاملة الطائرات العملاقة (يو أس أس نيمتز) مهامها في الخليج العربي دون إرسال بديل لها بحسب ما أكدت وزارة الدفاع الأمريكية؛ كما أنه لا يكتمل دون الإشارة الواضحة من الخارجية الأمريكية إلى بدء جولات التفاوض مع طهران.

القيادة السعودية والإماراتية باتت على يقين بأن الإدارة الأمريكية الجديدة لا تكن لها الود؛ وأن اتفاق إبراهام التطبيعي والتحالف مع نتنياهو لا قيمة له في حسابات إدارة بايدن؛ خصوصا بعد أن أبلغت الإدارة الأمريكية قادة الكيان الإسرائيلي ومن ضمنهم نتنياهو عبر قنوات دبلوماسية تضمنت زيارة رئيس الموساد إلى واشنطن يوسي كوهين بأن إدارة بايدن أطلقت عمليا مفاوضات مع طهران؛ ليطاح بآخر الأوراق أو العوائق الممكنة أمام استراتيجية إدارة بايدن التي لا تضع مصالح الرياض وأبو ظبي في اعتبارها.

الإشارات الواضحة والرسائل المتتابعة من البيت الأبيض والعاصمة واشنطن؛ تضغط باتجاه تعديلات كبيرة في السياسة السعودية للمرحلة المقبلة سواء على الصعيد الداخلي أو الإقليمي؛ فالسعودية تعاني من ارتفاع في مديونيتها وانكماش في اقتصادها للعام 2020 بلغ 4.1 %؛ لتطلق استجابة من نوع مختلف كان أوضحها المصالحة الخليجية التي ستتوج يوم الأحد المقبل 14 شباط (فبراير) الحالي باستئناف الحركة التجارية على المعابر الحدوية بين قطر والسعودية فيما يعرف بمعبر أبو سمرة القطري ومعبر سلمى السعودي.

استجابة عززت مؤخرا بإطلاق الناشطة السعودية لجين الهذلول يوم أمس الأربعاء 10 شباط (فبراير) الحالي من السجن في بادرة سعودية للتهدئة مع القوى التقدمية والليبرالية في إدارة بايدن.

 

 

لا يكتمل المشهد الخليجي دون الإشارة إلى إنهاء حاملة الطائرات العملاقة (يو أس أس نيمتز) مهامها في الخليج العربي دون إرسال بديل لها بحسب ما أكدت وزارة الدفاع الأمريكية؛ كما أنه لا يكتمل دون الإشارة الواضحة من الخارجية الأمريكية إلى بدء جولات التفاوض مع طهران.

 


مسار خفض التصعيد واسترضاء القوى الليبرالية والديمقراطية في أمريكا ليس المسار الوحيد والرهان عليه يبدو عبثيا؛ فاتحا الباب لمسار أكثر حيوية يوازيه للتهدئة والتقارب مع القوى الإقليمية المجاورة وعلى رأسها أنقرة التي يصادف قيام وزير خارجيتها بجولة في الخليج العربي تضم الكويت وقطر وسلطنة عمان استثمرها أوغلو بتوجيه دعوات للتعاون والانفتاح الاقتصادي مع دول الخليج وعلى رأسها السعودية والإمارات وجهها من العاصمة الكويت لقيادة البلدين؛ موحيا بوساطة كويتية ممكنة بين أنقرة والعواصم في كل من السعودية والإمارات العربية التي بادرت يوم أمس الأربعاء 10 شباط (فبراير) بإقالة وزير الدولة للشؤون الخارجية أنور قرقاش؛ واستبداله بالشيخ شخبوط بن نهيان سفير الإمارات في السعودية كوزير دولة للشؤون الخارجية؛ علما بأن قرقاش تصدر المشهد في فترة التوتر بين الإمارات والسعودية من جهة وتركيا وقطر من جهة أخرى؛ ما يجعل إبعاده عن المشهد رسالة تهدئة وتصالح. 

 

 

السياسة الأمريكية لن يقتصر تأثيرها على إحياء استراتيجية أوباما في المنطقة تجاه إيران؛ بل وعلى رؤية جديدة ستفرض ضغوطا متتابعة على البنى السياسية المحلية للأنظمة العربية؛ والبنى الاقتصادية والسياسية الإقليمية التي تطمح تركيا لتطويرها مع الدول العربية من خلال التعاون في الملف العراقي والسوري والليبي.

 



في المحصلة النهائية لن تعجز الدبلوماسية السعودية والإماراتية عن ترميم علاقتها مع أنقرة والدوحة خصوصا بعد أن نجحت جهود الوساطة بين مصر وتركيا في الملف الليبي؛ وجهود المصالحة بين الدوحة والرياض وأبو ظبي في ملف الحصار؛ فحقبة بايدن تفرض على كافة القوى الإقليمية والقوى المتورطة في صراعات إقليمية ومحلية إعادة التموضع والتكيف مع حقبة تتسم بالغموض يقودها بايدن؛ وإلى جواره تأثير واضح وعميق للقوى الليبرالية والتقدمية.

فالسياسة الأمريكية لن يقتصر تأثيرها على إحياء استراتيجية أوباما في المنطقة تجاه إيران؛ بل وعلى رؤية جديدة ستفرض ضغوطا متتابعة على البنى السياسية المحلية للأنظمة العربية؛ والبنى الاقتصادية والسياسية الإقليمية التي تطمح تركيا لتطويرها مع الدول العربية من خلال التعاون في الملف العراقي والسوري والليبي.

تعاون يفرض نفسه مجددا على دول المنطقة لإعادة التموضع كمحاولة أخيرة تفرضها ضغوط الإدارة الأمريكية الجديدة؛ وحالة الإنهاك التي عانت منها المنطقة في أعقاب الربيع العربي وثوراته المضادة التي استنزفت كافة الأطراف دون نهاية حاسمة حتى اللحظة؛ ما يجعل التعاون وإعادة التموضع السبيل الأمثل للخروج من النفق الذي تقف في آخره إدارة بايدن مترقبة قوة المبادرة لدى دول الإقليم لتعديل استراتيجية قديمة جديدة تتبناها إدراة بايدن؛ لم يكبح جماحها حتى اللحظة أي من المبادرات المعلنة سواء كانت تطبيعية أو صفقات مالية وتسليحية فهل ينجح التعاون والتقارب العربي التركي في كبح جماحها؟
  
hazem ayyad
@hma36


التعليقات (0)