هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
يعاني قطاع الصحة في مصر من أزمات متعددة
ومستمرة دون حلول جذرية من أجل النهضة بواحد من أكثر القطاعات الحكومية تضررا؛ على
رأسها تراجع عدد الأطباء بسبب الهجرة والاستقالة، للعديد من الأسباب أبرزها المادية، وفق
تقارير محلية ودولية.
وكشفت تصريحات رسمية وتقارير دولية عن تفاقم
أزمة تراجع عدد الأطباء بالنسبة للسكان، كان آخرها تصريحات وزيرة الصحة والسكان
المصرية، هالة زايد، أمام مجلس النواب الحالي بأن 67 بالمئة من أطباء مصر يعملون
في الخارج.
وبحسب تقرير صادر عن مجلة
"إيكونوميست"، فإن مصر تعاني نقصا صارخا في عدد الأطباء؛ حيث يوجد أقل من 5
أطباء لكل 10000 شخص في عام 2018، في حين كان هنالك 11 للعدد ذاته عام 2014، مشيرا
إلى انخفاض عدد الأطباء في المستشفيات الحكومية، بمقدار الثلث خلال تلك الفترة.
وأفادت دراسة أعدّها المجلس الأعلى للجامعات
والمكتب الفني لوزارة الصحة المصرية، في منتصف 2019، بأن القوة الحالية للأطباء
داخل مصر، لا تتجاوز نسبتها الـ38 بالمئة فقط، أي نحو 82 ألف طبيب من أصل 213 ألف طبيب
حاصلين على تصاريح سارية لمزاولة المهنة.
كيف تتحمل الحكومة المسؤولية
وردت وكيلة نقابة الأطباء السابقة الدكتورة منى
مينا، على تصريحات الوزيرة بشأن هجرة الأطباء، قائلة: "هل فعلا وزيرة الصحة
لا تعرف لماذا يهاجر الأطباء؟ هناك أولا مشكلة شديدة في ضعف المرتبات، ثم
الإساءات التي يتعرضون لها بشتى الطرق، والإجراءات الإدارية التعسفية".
ويلقي الكثير من الأطباء باللوم على الحكومة
المصرية في عدم الالتزام بنص الدستور المصري، الذي تمت الموافقة عليه في 2014،
وألزم الدولة بإنفاق 3 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي السنوي على الرعاية
الصحية، ولكن تم تجاهل هذا الأمر.
اقرأ أيضا: السيسي يردّ على منتقديه لكثرة بنائه "الكباري" والطرق
وعمقت أزمة كورونا من أزمة الأطباء في مصر، وفق
المركز المصري للدراسات الاقتصادية (غير حكومي) الذي أشار إلى وجود نقص كبير في القطاع الطبي في مصر نتيجة هجرة الأطباء.
وخلال الموجة الأولى من تفشي الفيروس، غادر نحو
7 آلاف طبيب مصر للعمل بالخارج، وفق المركز المصري، إضافة إلى وفاة نحو 400 طبيب
جراء الإصابة بفيروس كورونا.
وفاقم الأزمة تصريحات وزيرة الصحة قبل يومين في
مجلس النواب بأنها لا تستطيع التدخل لضم الأطباء المتوفين نتيجة كورونا إلى صندوق
ضحايا العمليات الحربية من الجيش والشرطة، وأن هذا ليس من سلطتها، وسط استنكار من
قبل نقابة الأطباء.
نقص الأطباء ومخاوف أخرى
ورد عضو مجلس النقابة العامة للأطباء، شعبان
رشوان، على تصريحات الوزيرة بالقول: "إذا كانت الوزيرة لا تقدر فمن
يقدر؟"، مشيرا إلى أن "الأمر برمته يحتاج إلى إرادة سياسية من أجل
تطبيقه، خاصة أن القانون رقم 16 لسنة 2018 يجيز لرئيس الوزراء بين قوسين (ضم فئات
أخرى) بعد تقديم الوزير المختص للمقترح، إذن هي ترد على نفسها".
وبشأن أزمة نقص عدد الأطباء، أوضح في تصريحات
لـ"عربي21" أن "هذا الرقم كبير نسبيا، ولكن ليس الهدف من إعلانه
رسميا اليوم توفير الأطباء بل السماح بفتح الباب على مصراعيه أمام كليات الطب
الخاصة والأهلية لقبول دفعات إضافية".
مؤكدا أن "العبرة ليست في تخريج المزيد من
الأطباء لأن مشكلة الهجرة سوف تظل مستمرة، هل سيقبل خريجو الكليات الخاصة والأهلية
الذين دفعوا مئات آلاف الجنيهات بالعمل في الحكومة براتب لا يتجاوز الثلاثة آلاف
جنيه؟ بل يجب معالجة الأزمة من جذورها ماديا وأدبيا".
مكامن الأزمة
بدوره، قال مقرر لجنة الشؤون القانونية سابقا،
بنقابة الأطباء، الدكتور أحمد شوشة، إن "وزارة الصحة لا توفر للأطباء الحد
الأدنى ماديا ومعنويا"، مشيرا إلى أن "الأزمة ليست في نقص عدد الأطباء
للسكان بل في نقص عدد المستشفيات التي يعمل فيها الأطباء؛ وبالتالي فإن بعض
المستشفيات تعاني من تكدس ضار".
وأكد في حديثه لـ"عربي21" أن
"سفر الطبيب هو من أجل توفير حياة كريمة له ولأسرته، وأن يحقق للدولة عوائد
مالية كبيرة من خلال الاستقطاعات نتجية الإجازة والتأمينات وغيرها وكلها بالدولار
الأمريكي، ويجب قياس عدد الأطباء إلى عدد المستشفيات وليس إلى عدد السكان فحسب".
وحذر شوشة "من التكدس غير المنتج والمفيد
في ظل عدم تطبيق الحد الأدنى من الاستحقاق الدستوري على قطاع الصحة، وما يجري يدفع
قاطرة الصحة في مصر إلى الخلف، وما يتردد من زيادة عدد الخريجين من كليات الطب هو
لصالح رجال الأعمال وأصحاب الكليات الخاصة وليس من أجل حل أزمة نقص عدد الأطباء
الكبير".