هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أعلنت حركة النهضة التونسية عن تنظيم "مسيرة الثبات والدفاع عن المؤسسات" السبت القادم، داعية أنصارها للحضور المكثف والمنظم.
وتعتبر الحركة أن المسيرة هي رسالة قوية للشارع بالوقوف إلى جانب الدولة ودعم المؤسسات وحماية الدستور والحكومة والبرلمان.
دعوة النهضة سرعان ما تلقتها رئيسة الحزب الدستوري الحر، عبير موسي (الخصم الأول للنهضة)، لتعلن بدورها "التعبئة العامة" والنزول إلى الشارع للدفاع عن "الشرعية والدولة المدنية".
وبينما انتقد محللون وسياسيون الدعوة، اعتبرها آخرون "أمرا مشروعا دستوريا، وورقة ضغط لتحسين التفاوض لدى البعض أو للتأكيد على شرعيته".
وحذرت موسي الحكومة من التعرض للاحتجاجات، وقالت إن المعركة خرجت من البرلمان وأصبحت في الشارع.
اقرأ أيضا: تونس.. منظمات وأحزاب تبحث عن حل للأزمة السياسية
ووسط هذه الدعوات، حذرت عدة أطراف من أن يتحول الشارع إلى ساحة صراع سياسي ينتهي بالفوضى وانزلاق البلاد إلى المجهول في ظل أزمة سياسية أو ما يعرف "باليمين الدستورية" (تغيير وزاري صادق عليه البرلمان ولكن دون دعوة رئاسية لأداء اليمين).
حشد الأنصار
وقال رئيس حركة النهضة ورئيس البرلمان راشد الغنوشي في تصريح لـ"عربي21" وفي رده عن سؤال خاص بالدعوة للنزول للشارع والتحذيرات من الفوضى، إن "في البلاد سلما يحرص عليه الجميع وليست المرة الأولى لقيام مظاهرات، الشارع يعمل منذ الثورة وحتى قبلها ويعمل في إطار سلمي، نأمل أن تكون كل التحركات سلمية وفي إطار القانون وليس تمردا".
وتؤكد قيادات حركة النهضة أن "مسيرة السبت" ليست للتجيش أو الفوضى بل هي تمسك بالديمقراطية ومواجهة القوى الفوضوية، وقال الناطق الرسمي باسم حركة النهضة فتحي العيادي في تصريح خاص لـ"عربي21": "قرار النزول للشارع لحماية التجربة الديمقراطية، لن نبقى مكتوفي الأيدي وبقية الأطراف تستعمل الشارع وكل الوسائل لاستهداف التجربة الديمقراطية".
رفض وتعبئة
وانتقد رئيس كتلة الإصلاح حسونة الناصفي في تصريح لـ"عربي21" دعوة النهضة واعتبرها "في غير محلها" مؤكدا "رفضها والتمسك بالتهدئة والتعقل".
من جهته علق أمين عام حركة الشعب زهير المغزاوي على دعوات حركة النهضة قائلا: "لا أعتقد أنهم قادرون على ذلك، هي مجرد دعوات أية شرعية سيدعمون".
انزلاق
من جهته، اعتبر الصحفي والمحلل محمد الفوراتي في قراءة تحليلية لدعوات النزول للشارع أن "الأزمة السياسية التي تعيشها تونس والتي أخذت أبعادًا مختلفة منها القانوني الدستوري والبرلماني وإحدى تمظهراتها الأساسية أزمة التحوير الوزاري من نتائجها -إذا تواصل غياب الحوار- مزيد من التوتر والنزول للشارع".
اقرأ أيضا: رسالة من الغنوشي إلى سعيّد تطلب لقاء مشتركا مع المشيشي
وتابع قائلا: "إذا كانت أصوات العقل ما زالت تدعو إلى التنازل والحوار والجلوس إلى طاولة واحدة تجمع خاصة رئيس الدولة ورئيس الحكومة وربما في مرحلة ثانية أهم الكتل والأحزاب فإن تمسّك كل طرف بموقفه والهروب إلى الأمام يجعل الأزمة مرشحة للتعقيد".
وأضاف الفوراتي: "من المؤكد أن التظاهر والاستنجاد بالشارع أمر مشروع دستوريا وهو ورقة ضغط لتحسين التفاوض لدى البعض أو للتأكيد على شرعيته".
واستدرك محدثنا: "ولكن سياسيا وفي مثل هذا الوضع الذي تعيشه تونس يكشف عن غياب الرؤية السياسية ودليل على غياب الحوار الذي كان سبيلا لحل خلافات مماثلة خلال السنوات الماضية، الأفضل لتونس في ظل أزمة اقتصادية وصحية خانقة هو التوافق على حلول وسط لا منهزم فيها ولا منتصر وعلى رئيس الدولة بالخصوص أن يكون عنصر تجميع وحوار لا عنصر توتر وصراع".
من جهته اعتبر الأستاذ والمحلل السياسي عبد اللطيف دربالة في حديث لـ"عربي21" أنه" في حال "خروج مظاهرات من النهضة والدستوري الحر في نفس الوقت فإنه بالفعل هناك خطر وأعمال عنف لا قدر الله، ولكن كانت هناك اعتصامات في 2013 (الرحيل ضد دعم الشرعية) واقتسمت الساحات واستطاع الأمن حماية الجميع".
وأكد دربالة على أن "التزام الأحزاب والأنصار مهم جدا لعدم الوقوع في مستنقع العنف والدور الكبير للأمن، وعلى وزارة الداخلية عدم منح تراخيص للتظاهر في نفس اليوم حتى لا تخرج الأمور عن السيطرة وتتسلل أطراف عنف من كلا الطرفين".
بالمقابل، قال النائب المستقل بالبرلمان عدنان حجي في تصريح خاص لـ"عربي21" إن دعوة النزول للشارع لا علاقة لها بالديمقراطية، خاصة عندما تكون من حزب حاكم أو أحزاب في السلطة، تساند الحكومة، لأن الدفاع عن الشرعية يكون بمؤسسات الدولة لا بالأشخاص والهبوط إلى الشارع.
ورأى حجي أنه " ممكن أن تتحول الدعوة إلى مشكلة خاصة وأن حزب الدستوري الحر، هو أيضا يريد النزول في نفس اليوم، وكذلك أحزاب اليسار"، واصفا ما تقوم به النهضة "مظهر من مظاهر الفوضى، والسعي إلى المواجهة في الشارع".
وتابع: "من ينزل إلى الشارع المعارضة والغاضبون من السلطة، ما تقوم به الحركة استعراض قوة ولا ينم عن الفكر الديمقراطي والتقدمي ومظاهر الرقي"، على حد وصفه.
بدوره رأى الدكتور والناشط السياسي المستقل عبد الرحمن الأدغم "لعربي21 "، أن "حق التظاهر مضمون في الدستور التونسي ولكن هل التظاهر ممكن في هذا الوضع؟".
واعتبر الأدغم أن الدعوة للتظاهر "هي استعراض عضلات وفي الوقت الحالي ووفق ما تعرفه البلاد من أزمات وجب الاتزان بالواقعية، وتجنب السقوط في الهاوية وقبل التفكير في تنظيم مسيرة وجب التفكير في ما بعدها لأن الأمور ممكن أن تخرج عن السيطرة وإلى الأسوء ".
وأكد على أن التظاهر للمعارضة ومن كان في الحكم له الحق ولكن الواجبات أكثر وأعمق لذلك وجب التعقل وعدم الإنجرار وراء المجهول والاستفزاز .