هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أثار التوتر "العارض" بين الأردن و"إسرائيل" حول زيارة ولي العهد الأردني الحسين بن عبد الله المفترضة للمسجد الأقصى، وما تبعها من منع مرور طائرة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عبر الأجواء الأردنية لزيارة الإمارات، تساؤلات حول دلالات هذه الأزمة وانعكاسها على الطرفين.
وكان وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، أعلن الخميس أن ولي العهد الأردني ألغى زيارة كان سيقوم بها إلى المسجد الأقصى الأربعاء، لإحياء ليلة الإسراء والمعراج "بسبب خرق إسرائيل ترتيبات الوصول إلى الحرم المبارك، ومحاولة فرض تعقيدات كانت ستضيق على المقدسيين في هذه الليلة المباركة".
وفي اليوم ذاته؛ أعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أن زيارته التي كانت مقررة للإمارات الخميس تأجلت بسبب "تعطل" منح عمان تصريحا لطائرة نتنياهو بالتحليق في المجال الجوي للأردن، لافتة إلى أن ذلك يتعلق "على ما يبدو" بإلغاء زيارة الأمير الحسين للمسجد الأقصى.
وأضاف المكتب أن التصريح الأردني بمرور رئيس الوزراء الإسرائيلي صدر في نهاية المطاف، لكنه كان متأخرا جدا بالنسبة لجدول أعمال نتنياهو.
ورغم إعلان نتنياهو في مؤتمر صحفي الخميس، أنه تمت تسوية الخلاف مع الأردن؛ إلا أن الصفدي عاد ليصرح بأن تعاون الأردن في تسهيل رحلة نتنياهو إلى أبوظبي "لم يكن شيئا يمكن توقعه، بعد تنكر نتنياهو لاتفاق مع الأردن بشأن زيارة الأمير الحسين إلى القدس المحتلة".
وقال الصفدي عبر مقابلة مع شبكة "CNN" الجمعة مخاطبا نتنياهو: "تُغيِّر الاتفاق مع الأردن، وتُعطل زيارة دينية، وتخلق الظروف التي جعلت هذه الزيارة الدينية في مناسبة مقدسة مستحيلة، ثم تتوقع أن تأتي إلى الأردن وتحلق عبر أجوائها؟!".
توتر بلا قطيعة
ورأى المحلل السياسي منذر الحوارات، أن العلاقة بين الأردن والاحتلال خلال ولاية نتنياهو تميزت بالتوتر أصلا، لتأتي أخيرا القشة التي قصمت ظهر البعير، وذلك بعرقلة زيارة الأمير الحسين للقدس.
واستدرك بالقول لـ"عربي21" إن التوتر الأخير بين الطرفين سيبقى في حده المعهود، ولن يتحول إلى قطيعة؛ لأن الجغرافيا السياسية لا تسمح بذلك، والولايات المتحدة المرتبطة بعلاقة استراتيجية مع الطرفين لن تسمح به أيضا.
ورجح الحوارات أن يفتح هذا التوتر الباب للنقاش حول الأسباب التي أوصلت العلاقات بين الطرفين إلى هذا المستوى المتردي، "وربما تعيد فتح العديد من الملفات بشكل موسع وأعمق يضمن مصالح الأردن، ويثبت دعائمه على الأماكن المقدسة".
ولفت إلى لقاء الملك الأردني عبد الله الثاني بوزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس مؤخرا، عوضا عن لقاء نتنياهو الذي ضاق الأردن ذرعا بوجوده في السلطة، مشيرا إلى احتمالية أن يكون امتعاض نتنياهو من هذا اللقاء أحد الأسباب التي دفعته إلى عرقلة زيارة ولي العهد الأردني إلى القدس.
تنسيق أردني "إسرائيلي"
ونقلت صحيفة "إسرائيل اليوم" العبرية، الخميس، عن مصدر أردني رفيع قوله إن "مسؤولين إسرائيليين كبار في النظام السياسي، ومسؤولين أمنيين سابقين، شجعوا الأردن لمنع نتنياهو من المرور عبر أجوائه لنسف زيارته للإمارات".
ويلفت المحلل السياسي هشام البستاني، إلى احتمالية وجود تنسيق بين الأردن وبين الجناح الإسرائيلي المنافس لنتنياهو في انتخابات الكنيست لتعطيل زيارته للإمارات، كون السلطة في الأردن ترى مصلحتها مع هذا الجناح.
ورأى البستاني أن "الأزمة الأخيرة بين الأردن والكيان الصهيوني عبارة عن توتر شكلي سيتم حله سريعا"، معللا ذلك بكون العلاقات بين الأردن و"إسرائيل" مرت بـ"منعطفات أعقد من ذلك ولم يتغير الخط الاستراتيجي للعلاقة بينهما قيد أنملة، كالإعلان عن مشاريع الضم، ونقل السفارة الأمريكية بشكل رسمي إلى القدس".
وقال لـ"عربي21" إن وزير الخارجية الأردني الذي يستعرض مراجله من خلال تصريحات الإدانة والاستنكار المتعددة؛ هو نفسه عضو في الحكومة التي تدفع 10 مليارات دولار للكيان الصهيوني بموجب اتفاقية الغاز، والذي يستثمر هذه الأموال في إقامة المزيد من المستوطنات.
وأكد البستاني أن من يريد أن يفعل شيئا إزاء الصلف الصهيوني فأمامه الكثير؛ وأهم ذلك إلغاء اتفاقية الغاز، وإغلاق السفارة الإسرائيلية، وإعادة النظر في معاهدة وادي عربة، لافتا إلى أن "الحديث عن ولاية أردنية على المقدسات لا معنى له في ظل الحيلولة دون زيارة ولي عهد الأردن للمدينة المقدسة، ومع الانتهاكات اليومية للمستوطنين في المسجد الأقصى".
اقرأ أيضا: وزير أردني يكشف سر منع عبور طائرة نتنياهو للإمارات (فيديو)
علاقة أبوظبي بنتنياهو
وتثير علاقة الإمارات بنتنياهو تساؤلات حول حرص أبوظبي على توطيد هذه العلاقة، رغم الأزمة الداخلية التي يعيشها رئيس الوزراء الإسرائيلي، وعلاقاته المتوترة مع الإدارة الأمريكية الجديدة.
ورأى البستاني أن مصالح كل من الإمارات والسعودية تكمن في الدرجة الأولى مع نتنياهو وفريقه.
وعلّل ذلك بأن نتنياهو إذا استمر في السلطة فإنه سيشكل عامل ضغط كبيرا على أمريكا كي لا تتراجع عن مواقفها بخصوص إيران وملفات حقوق الإنسان الكارثية في هذين البلدين.
من جانبه؛ أعرب المحلل السياسي منذر الحوارات عن استغرابه من مسارعة الإمارات إلى توثيق علاقاتها مع كيان الاحتلال الذي يقوده نتنياهو، مؤكدا أنه لا يجد "أية مبررات استراتيجية لسعي أبوظبي لتوسيع وتعميق علاقاتها مع هذا الكيان".
واستدرك بالقول إن الإمارات حاولت أن تؤجل زيارة نتنياهو عدة مرات، إلا أن هذا الأخير أصر عليها ليسجل انتصارا سياسيا قبل حوالي أسبوعين على إجراء انتخابات الكنيست التي رجحت استطلاعات الرأي تراجعه فيها.
واستبعد الحوارات أن يكون للعلاقة بين الإمارات ونتنياهو ارتباط بقدرة الأخير على ممارسة ضغوط على الإدارة الأمريكية للسكوت عن ملف حقوق الإنسان في أبوظبي، مؤكدا أن الرئيس الأمريكي جو بايدن "يتخذ من هذا الملف وسيلة جديدة للابتزاز في المنطقة لمحاولة حل قضاياها لمصلحة الأطراف الأقوى".
العلاقات الأردنية الإماراتية
ويصف مراقبون العلاقات بين الأردن والإمارات بـ"الباردة"، وخصوصا بعد الإعلان عن تطبيع العلاقات بين أبوظبي و"تل أبيب" في 13 آب/أغسطس 2020، والذي تبعته تغريدة للأمير الأردني علي بن الحسين شارك فيها مقالا بموقع "ميدل إيست آي" البريطاني ينتقد هذا الاتفاق، مرفقا بصورة لولي عهد أبوظبي محمد بن زايد كُتب عليها "خائن".
ويرى المحلل السياسي منذر الحوارات، أن العلاقات الأردنية الإماراتية "ليست في أحسن أحوالها"، مرجحا مع ذلك أنها "لن تتأثر بمنع الأردن طائرة نتنياهو من العبور باتجاه أبوظبي".
ولفت إلى أن ردة الفعل الأردنية جاءت لنتنياهو كالصفعة المحمَّلة برسالة مفادها أنك تقيم علاقات مع دول ليست جارة لك كالإمارات، وتخسر الجار القريب الذي بينك وبينه معاهدة سلام.
وتساءل: "لماذا على الأردن أن يقيم وزنا كبيرا لمشاعر العديد من الدول، في الوقت الذي تُنتهك فيه سيادته، ويُمنع ولي عهده من زيارة مكان هو تحت الولاية الهاشمية؟".
وأضاف الحوارات أنه "ليس للإمارات أن تغضب للإجراء الأردني تجاه نتنياهو، بل كان عليها أن تستنكر ما حصل مع الأمير الحسين، ولكنها لم تفعل".
من جهته؛ قال المحلل السياسي هشام البستاني، إن منع الأردن المؤقت لمرور نتنياهو في أجوائه لزيارة الإمارات؛ لن يؤثر إطلاقا على العلاقات ما بين عمان وأبوظبي، معللا ذلك بعدم وجود توازن في العلاقات بين البلدين.
وأضاف: "أعتقد أن ما جرى محاولة من السلطة في الأردن لإرسال رسالة ضعيفة جدا للإمارات والسعودية بأنها غير راضية عن تحالفهما مع نتنياهو"، لافتا إلى أن هذه الرسالة جاءت هزيلة وغير واضحة كونها ارتبطت مع "منع" ولي العهد الأردني من زيارة القدس.
وكان من المقرر أن يلتقي نتنياهو بولي العهد محمد بن زايد آل نهيان الخميس، في أول زيارة رسمية إلى دولة الإمارات منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بين "تل أبيب" وأبوظبي في العام الماضي.