هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
سلط حادث تصادم قطاري ركاب بصعيد مصر، الذي راح ضحيته عشرات القتلى والمصابين، الضوء مجددا على أزمة مرافق النقل الحيوي المتهالكة، رغم وعود السلطات المصرية بتحديث المنظومة وتطويرها وتحديثها بشكل كامل.
ووقع الحادث ظهر الجمعة في مدينة
طهطا بمحافظة سوهاج جنوبي القاهرة بعد اصطدام قطار سريع بآخر كان على وشك الوقوف من
الخلف ما أحدث تصادما مروعا التقطته إحدى كاميرات المراقبة بمحيط الحادث، وتحولت أجزاء
كبيرة من القطارين إلى شظايا.
وكشفت وزارة الصحة المصرية أن
عدد ضحايا تصادم قطاري الركاب بلغ 32 قتيلا و165 مصابا.
وأرجعت هيئة السكك الحديدية
المصرية، اصطدام القطارين إلى استخدام مجهولين كوابح الطوارئ بالقرب من مدينة سوهاج،
في حين لا تزال التحقيقات جارية بمشاركة النيابة العامة ولجنة الخبراء المشكلة من قبل
الحكومة المصرية.
لحظه اصطدام القطارين #تكرار_حوادث_القطار #سوهاج pic.twitter.com/zQ6WP6XWCt
— Ali Haider (@AliHaid69987924) March 26, 2021
وكان وزير النقل الحالي الفريق كامل الوزير، ورئيس الهيئة الهندسية للقوات المسلحة سابقا، شغل منصبه الجديد بعد استقالة وزير النقل السابق هشام عرفات الذي استقال من منصبه عقب وقوع حادث قطار بمحطة القاهرة في شباط/ فبراير 2019، وأودى بحياة 21 شخصا وإصابة 51 آخرين.
ووعد الوزير حينها بتطوير مرفق
السكك الحديدية وتجديد العربات والجرارات ووقف سيل النزيف على خطوطها، ومن أجل توفير
المال اللازم قام برفع أسعار التذاكر مرة تلو الأخرى بدعوى إحلال وتجديد القطارات المتهالكة،
وتحسين مستوى الخدمة، ومع ذلك استمرت الكوارث.
إهمال رغم التطوير
أرجع عضو لجنة النقل والمواصلات
في البرلمان المصري سابقا، المهندس محمد فرج، تكرار الحوادث المفجعة إلى "الإهمال
والتقصير، رغم أنه تم تطوير أبراج الإشارات في محطتي طهطا ومراغة، مكان وقوع الحادث،
وتحولت من النظام الميكانيكي إلى الإلكتروني، وهو ما يمثل نوعا من التنبيه السريع لسائقي
القطارين والمحطات التي يمران بها، ويمكنه التحكم في المزلقانات وحركة القطارات".
وحمل في حديثه لـ"عربي21"
الوزارة المسؤولية عن الحادث، قائلا: "كان من المفترض متابعة المنظومة التي تم تطويرها، ويتم اختبارها بشكل جيد، تحسبا لأي مشكلة، ولكن من الواضح أنه لا متابعة ولا
انضباط ولا مراقبة ولا محاسبة".
وأشار فرج إلى "وجود خلل
في أولويات الإنفاق الحكومي في مصر، كما يوجد خلل من نوع آخر يتعلق بعدم الاهتمام بصعيد
مصر، وتركه نهبا للحوادث والفقر والمرض، ورغم وجود عمل حقيقي من أجل تطوير السكك الحديدية
إلا أنه لا يسير بالشكل اللازم، ولا يشعر به المواطن البسيط، وعلى الدولة تدريب العمال،
وزيادة سرعة التطوير، ومتابعة ما تم تطويره، وتحديث المنظومة بشكل متواز".
اقرأ أيضا: عقب ساعات من فاجعة القطار.. قتلى بانهيار مبنى في القاهرة
ووفق تقرير أصدره البنك الدولي
في كانون الأول/ ديسمبر 2018، تحتاج مصر إلى إنفاق نحو 10 مليارات دولار، من أجل إصلاح
السكك الحديدية بين عامي 2019 و2029.
وتمتلك مصر أقدم ثاني خط سكك حديد
في العالم بعد بريطانيا، بأطوال تقترب من 10 آلاف كيلو متر ونحو 705 محطات، يستقلها
أكثر من 250 مليون راكب سنويا، وفق جهاز الإحصاء المصري.
لماذا فشلت الإدارة العسكرية؟
رغم إسناد المرفق لرئيس الهيئة
الهندسية السابق بالقوات المسلحة المصرية، الفريق كامل الوزير، وإشرافه على آلاف المشروعات،
إلا أن ذلك لم يمنع وقوع ليس الحوادث فقط بل الكوارث أيضا، وفق الخبير الاقتصادي الدكتور
علاء السيد؛ وذلك لأن مصر يحكمها كلها وليس مرفق السكك الحديدية فقط، نظام عسكري ممتد
منذ نظام حكم محمد علي باشا، نهبوا خيراتها ومقدراتها، وأنهكوا شعبها".
واستنكر في تصريح لـ"عربي21"
إصرار النظام المصري على تسليم مرافق حيوية مثل قناة السويس أيضا لجنرالات بالجيش،
قائلا: "منذ افتتاحها قبل 150 عاما إلى الآن لا تزال القناة مجرد ممر مائي لا
طائل من ورائه سوى جني الرسوم مثل "المحصل" من مرور السفن، فهي بلا مرافق،
بلا أحواض سفن، بلا صناعات، بلا أعمال تفريغ ونقل بلا أي نشاط اقتصادي".
واستدرك: "سكك حديد مصر
هي أول مرفق في أفريقيا وثاني مرفق في العالم بعد بريطانيا، فأين ذهبت الخبرات المتراكمة، وكيف
تخلفت البلاد في إدارته وجعلته مرفقا متهالكا بدلا من أن تكون رائدة في هذا المرفق الحيوي،
أين معاهد ومراكز التدريب والتأهيل، دول تأخرت عنا بعشرات السنين في بناء خطوط السكك
الحديدية وسبقتنا بسنين ضوئية بسب الفساد وإسناد الأمر لغير أهله".
وبشأن كيفية إصلاح ما أفسدته
الحكومات المتتابعة، أكد السيد أنه "يجب تصويب منظومة الإنفاق، وترتيب أولوياتها
على المرافق الموجودة لا استحداث أخرى كالقطار المكهرب والمعلق، ويجب إعادة هيكلة الدولة
وليس مرفق السكك الحديدية وإخراج العسكر من الإدارة لكي تستقيم الأمور، وفي أقل تقدير
يرفعوا أيديهم عن إدارة المرافق الحيوية بالبلاد، والسماح للمدنيين المتخصصين بإدارتها
والاستفادة من الخبرات الأجنبية".
اقرأ أيضا: قطارات الموت في مصر.. نزيف مستمر عبر السنين (إنفوغراف)
وأثار اعتزام النظام المصري
إقامة قطار كهربائي فائق السرعة من المقرر أن يجري على 4 مراحل بطول ألف كيلومتر تمتد
من البحر الأحمر مرورا بالعاصمة الإدارية ومدينة 6 أكتوبر والعلمين على البحر المتوسط
بتكلفة قدرها 23 مليار دولار، انتقادات واسعة من قبل الخبراء والمتخصصين الذين طالبوا بتوجيهها
نحو المرافق الحيوية المتهالكة التي يستخدمها المواطنون.
حوادث حاصدة
وترتفع حوادث القطارات في مصر
بشكل كبير، حيث أصدر الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء تقريرا مفصلا بشأن حوادث
القطارات عام 2019، ذكر فيه وقوع نحو 1863 حادثا، مقابل 2044 حادثا عام 2018، بنسبة
انخفاض قدرها 8.9%.
وشهدت مصر خلال الأعوام القليلة
الماضية بضعة حوادث مروعة راح ضحيتها المئات؛ ففي عام 2017 اصطدم قطاران للركاب في
مدينة الإسكندرية، وأسفر الحادث عن مصرع 41 راكبا وإصابة أكثر من 120.
وفي شباط/ فبراير وقع حادث هز القاهرة، حيث اندلع حريق ضخم في محطة القطارات الرئيسية إثر اصطدام قطار بحاجز خرساني،
أسفر عن 22 قتيلا وعشرات المصابين بحروق.