هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
فرضت جائحة كورونا وتداعياتها الاقتصادية أنماطا مختلفة على طقوس رمضان، وسلوكيات المصريين الاستهلاكية في هذا الشهر الكريم، وذلك للعام الثاني على التوالي.
ومع قرب حلول شهر رمضان من كل عام، تقام الأسواق الخاصة بالسلع والمستلزمات الرمضانية في مصر لاستقبال المواطنين الراغبين في شراء ما يحتاجون إليه من بين الكثير من الأصناف التي نادرا ما يستخدمها المصريون في باقي شهور العام مثل؛ التمور والبلح المجفف، وقمر الدين، والمكسرات بأنواعها، والمشروبات المركزة.
وتقام الزينة وتسطع أنوارها في جميع الأسواق وتصدح الأغاني الرمضانية في جوانبها، وتنصب الفوانيس الكبيرة، وتكثر البضائع بأنواعها وأسعارها وأشكالها المختلفة لتلائم احتياجات كل المتسوقين التي تختلف باختلاف طبقات المترددين على تلك الأسواق.
لكن مع استمرار جائحة كورونا للعام الثاني على التوالي وتضرر ملايين الأسر ماديا سواء في القطاع العام أو الخاص أو المؤقت أو الحر، فُرضت أنماط استهلاكية مختلفة عن الأعوام السابقة، إضافة إلى الإجراءات الاحترازية التي تفرضها الحكومة.
ورغم استقرار أسعار الكثير من السلع الرمضانية؛ بسبب الركود الذي أصاب الأسواق العام الماضي، وزيادة المخزون لدى الكثير من التجار، إلا أن الكثير من السلع الغذائية ارتفعت منذ بداية العام مثل زيوت الطعام والسمن الحيواني والنباتي، والدقيق، والسميد وغيرها، بنسب تصل إلى أكثر من 30 بالمئة، وفق شعبة الزيوت باتحاد الصناعات.
وأقر مصدر بوزارة التموين والتجارة الدخلية، في تصريحات صحفية، بأن نسبة العجز في توفير زيوت الطعام خاصة الزيوت النباتية كبيرة جدًا وهو ما يرفع نسبة الاعتماد على الاستيراد لتلبية احتياجات السوق المحلي.
بحسب مستوردين واقتصاديين تحدثوا لـ"عربي21"، فإن استقرار أسعار "ياميش رمضان" (هو مصطلح يطلق على جميع أنواع السلع الرمضانية سواء الجافة أو السائلة) تحكمه قدرة المصريين الشرائية وأولويات إنفاقهم في هذا الشهر الكريم.
وتراوحت الزيادات في بعض الأنواع بين 10 إلى 15 بالمئة، حيث وصل سعر كيلو جوز الهند نحو 60 جنيها، والزبيب المصري 35 جنيها، والإيراني 60 جنيها، والتين المجفف 100 جنيه، والمشمشية 100 جنيه، والقراصيا 80 جنيها، والفول السوداني 40 جنيها. (الدولار يساوي 15.80 جنيها).
استقرار وانفراجة
وفيما يتعلق بأسعار السلع الرمضانية، قال عضو شعبة المستوردين بالغرف التجارية، أحمد شيحة، إن: "حالة الركود التي ضربت الأسواق العام الماضي أدت إلى زيادة المخزون من السلع الرمضانية، ما أدى إلى استقرار الكثير من السلع، ولكن الزيادة في بعض الأسعار تتوقف على درجات الأصناف المختلفة وجودتها والتي تأتي من مصادر متباينة".
وبشأن وجود زيادة في بعض السلع، أوضح لـ"عربي21": "نريد أن نوضح أن هناك فرقا بين الزيادة العالمية في بعض السلع، والزيادة بسبب جشع بعض التجار والمحتكرين الذين يستغلون مواسم بعينها من أجل رفع الأسعار، في حين أن بعض السلع الرمضانية تراجعت أسعارها نتيجة ركود التجارة العالمية".
وتوقع شيحة أن يكون الموسم الحالي أفضل حالا من الموسم الماضي: "حركة هذا العام أفضل من العام الماضي الذي أصيب فيه الناس بالهلع، وكان هناك شبه توقف تام بالكثير من الأسواق، وتشدد الحكومة في إجراءات الإغلاق، واحتاط الكثير من الناس، وامتنعوا عن إقامة "العزومات الرمضانية"، أما الآن فهناك انفراجة في كل شيء حتى في التزاور بين الناس وسينعكس ذلك بالإيجاب على زيادة الطلب".
البلح ياميش كل زمن
وحافظت أسعار المكسرات على ارتفاعها؛ وبلغ سعر كيلو الكاجو 250 جنيها، والفستق الحلبي 250 جنيها، والبندق 160 جنيها، واللوز 130 جنيها، وعين الجمل الأمريكي 190 جنيها، وقمر الدين المصري 20 جنيها، والسوري 40 جنيها، والتمر الهندي 20 جنيها لفة 200 جرام.
أما التمور فتتراوح أسعارها بين 25 جنيها للكيلو للمصري و80 جنيها للمستورد، في حين تنخفض أسعار البلح المحلي المجفف إلى أكثر من ذلك بكثير حيث يبدأ سعر الكيلو من 7 جنيهات فقط وحتى 40 جنيها، وهو أكثر شعبية وانتشارا نظرا لرخص ثمنه.
ويحلو للمصريين إطلاق العديد من الأسماء على أنواع البلح المختلفة، وعادة ما ترتبط بأشخاص أو أحداث معينة، مثل "كورونا"، نسبة إلى فيروس كورونا، وهناك أسماء قديمة مثل "السكوتي"، "الشامي"، "البرموتا"، "الأسواني"، "الأبريمي"، و"قرن الغزال"، وغالبا ما تأتي من أسوان جنوب مصر.
العام الحالي يلحق بعام كورونا
لكن الخبير الاقتصادي وأستاذ العلوم الاقتصادية في الجامعة المصرية، عبد النبي عبد المطلب، كان له رأي مغاير، حيث أكد أن "هذا العام في تقديري لن يختلف عن العام السابق، فبنظرة عامة على الأسواق نجد أن المعروض كثير والإقبال ضعيف".
لكنه أشار في حديثه إلى "عربي21" إلى أن "الأسعار هذا العام ربما نفس أسعار العام الماضي أو أقل بقليل في حدود ضيقة، وكانت هذه الفترة (النصف من شعبان) تشهد زحاما على معارض أهلا رمضان، ومعارض السلع الرمضانية، لكن من الواضح أنها أصبحت موجودة على نطاق ضيق".
وأوضح: "المتاجر الكبيرة والمشهورة لا تشهد أي إقبال كبير، لكن ربما خلال الأيام العشرة الأخيرة من شعبان قد تشهد تحسنا طفيفا، لكن جميع المؤشرات تقول إن هذا العام سيكون كسابقه، لأن الإجراءات الاحترازية قائمة مثل التي تتعلق بموائد الرحمن والخيم الرمضانية، إضافة إلى تأثر قدرات المصريين الشرائية".