صحافة دولية

VOX: اعتقال الأمير حمزة يهدف لإسكات كل أنواع المعارضة

الموقع قال إن اعتقال حمزة يتناسب مع نمط قمعي متزايد من قبل الملك- بترا
الموقع قال إن اعتقال حمزة يتناسب مع نمط قمعي متزايد من قبل الملك- بترا

نشر موقع "فوكس" تقريرا لمراسله في البيت الأبيض، أليكس وارد، قال فيه إنه نادرا ما يسمع الجمهور عن الخلافات داخل العائلة المالكة في الأردن. لكن خلال الأيام القليلة الماضية، استحوذوا على انتباه العالم، بعد ما كان إما حملة قمع وحشية ضد المعارضة العائلية، أو انهيار مؤامرة جريئة ضد التاج.

قال موقع "فوكس" إن الجمهور نادرا ما يسمع عن الخلافات داخل العائلة المالكة في الأردن، لكن خلال الأيام الماضية، استحوذت على انتباه العالم بعد حملة "قمع وحشية ضد المعارضة العائلية، أو انهيار مؤامرة جريئة ضد التاج".

وقال الموقع في تقرير ترجمته "عربي21"، إن ما حدث بالضبط لا يزال غير واضح، لكن الاضطرابات الواضحة داخل أحد أقوى حلفاء أمريكا في الشرق الأوسط، التي يُنظر إليها في واشنطن على أنها "ركيزة أساسية ضد الإرهابيين ومن أجل السلام المنشود بين الإسرائيليين والفلسطينيين، جعلت أمريكا والدول الأخرى تنتبه على الفور".

وتزعم حكومة الملك عبد الله الثاني، البالغ من العمر 59 عاما، أن الأمير حمزة بن الحسين، الأخ غير الشقيق للحاكم، البالغ من العمر 41 عاما، والمنتقد لأخيه منذ سنوات، قاد مخططا مدعوما من الخارج "لإثارة الفتنة"، الهدف المتمثل في "زعزعة استقرار أمن الأردن"، وهي عبارة تشير إلى حد كبير إلى محاولة انقلاب.

وأشار إلى انه ردا على ذلك، "اعتقل النظام الأمير حمزة وما يصل إلى 17 آخرين يوم السبت؛ لإحباط كل ما زعموا أنهم خططوا له. وأعلن أيمن الصفدي، وزير الخارجية الأردني ونائب رئيس الوزراء، الأحد، أن المؤامرة تم احتواؤها بالكامل".

لكن حمزة، قيد الإقامة الجبرية في قصره، أرسل شريط فيديو إلى وسائل الإعلام يوم السبت، نفى فيه قيادته لمؤامرة محكمة، وزاد من انتقاد قيادة عبد الله.

وقال: "حتى انتقاد جانب صغير من السياسة يؤدي إلى الاعتقال والإساءة من قبل الأجهزة الأمنية، وقد وصل الأمر إلى النقطة التي لا يستطيع فيها أحد التحدث أو التعبير عن رأي في أي شيء دون التعرض للتنمر أو الاعتقال أو المضايقة والتهديد ".

وسرعان ما تدخل أفراد العائلة المالكة الآخرين، ما كشف المزيد من الانقسامات العميقة داخل العائلة.

وغردت الملكة نور الحسين، والدة حمزة، المولودة في أمريكا، وزوجة أب الملك، يوم الأحد، أن "الحقيقة والعدالة ستسود لجميع الضحايا الأبرياء لهذا الافتراء الشرير". وفي تغريدة تم حذفها، ردت الأميرة فريال، زوجة عم الملك عبد الله وحمزة، قائلة إن "الطموح الأعمى للملكة نور وأبنائها وهمي، وعديم الجدوى، وغير مستحق". وأضافت: "اكبروا أيها الأولاد".

في حين أن الخلافات المفتوحة بين أفراد العائلة المالكة في البلدان الأخرى تحدث كثيرا، إلا أنها ليست أمرا شائعا في الأردن، ولم تكن بهذه الخطورة في العصر الحديث. ونقل الموقع عن جواد العناني، نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية الأردني السابق: "هذا النوع من الخلاف العائلي نادر للغاية.. هذه الحلقة الأخيرة صدمت الجمهور الأردني في الواقع؛ لأنهم لم يشهدوا شيئا كهذا من قبل".

كما أنها فاجأت الحكومات في جميع أنحاء العالم، ما دفع الشركاء القدامى للنظام، بما في ذلك أمريكا، إلى الإسراع لإعلان دعم الملك علنا. وكتب المتحدث باسم وزارة الخارجية نيد برايس على تويتر، يوم السبت: "الملك عبد الله شريك رئيسي للولايات المتحدة، وهو يحظى بدعمنا الكامل".

لكن ما الذي حدث حقا خلال هذه الملحمة التي استمرت أياما؟ في الوقت الحالي، لا يبدو أن أحدا يعرف على وجه اليقين. قال العناني: "ستكون عملية بطيئة قبل أن نصل إلى الحقيقة الكاملة لهذا الأمر".

ومع ذلك، يعتقد خبراء أن الملك ربما يكون قد هندس هذه الأزمة؛ لإسكات حمزة، وخنق المعارضة الشعبية المتزايدة من الجمهور الأردني ضد التاج. إذا كان هذا هو الحال، فإن أحداث نهاية الأسبوع الماضي تظهر أن صراع العائلة المالكة قد نما بشكل كبير، لدرجة أنه لم يعد من الممكن احتواؤه.

ولفهم جذور الخلاف بين عبد الله وحمزة، عليك العودة إلى الأسابيع التي سبقت تتويج عبد الله في عام 1999.

في ذلك الوقت، اختار الملك حسين، الذي حكم منذ عام 1952، عدم تسمية شقيقه الحسن ليكون الملك القادم للبلد. كان هذا القرار بمثابة صدمة لمعظم الناس، لأن ولي العهد الأمير الحسن كان بمثابة الوريث المعين لمدة 34 عاما.

لكن الملك حسين قال إن شقيقه حاول التأثير على القوات المسلحة الأردنية، ورفض رغبة الملك في أن يكون أحد أبنائه ولي عهد لحسن.

وبدلا من تسليم التاج إلى الأمير الحسن، اختار الملك أحد أبنائه عبد الله، أكبرهم، ليحل محله.


لكن هذا القرار كان مفاجأة أيضا؛ هذا لأن العديد من المراقبين اعتقدوا أنه إذا لم يكن الحسن ملكا، فمن المؤكد أنه سيكون ابن الملك الصغير، حمزة. حيث كان حمزة في كثير من الأحيان إلى جانب والده في أثناء علاج الملك من السرطان، وكان يُنظر إليه على نطاق واسع على أنه المفضل لدى الملك المحتضر.

 

 

اقرأ أيضاتداول تسجيل قديم للأمير حمزة: "يبحثون عن ذريعة" (استمع)


لكن المشكلة كانت هي أن الأمير حمزة كان عمره 18 عاما، وكان عبدالله يكبره بـ18 عاما، وكان له شعبية داخل الجيش. وتسلم عبدالله العرش بعد أسبوعين عندما توفي الملك حسين، وقام مباشرة بتسمية حمزة وليا للعهد. ليس واضحا بالضبط لماذا، خاصة أنه لم يكن على علاقة حميمة مع أخيه غير الشقيق، ولكن يعتقد كثير من الخبراء أنه فعل ذلك لأنها كانت رغبة أبيه.

وانتهى هذا الترتيب بعد خمسة أعوام في 2004، حيث أرسل الملك عبدالله رسالة إلى حمزة، قال له فيها إن منصب ولي العهد "منصب فخري"، وإنه "يقيد" حريته، ويعيق الملك من أن يسند إلى الأمير حمزة بعض المهام التي يعتبر الأمير مؤهلا لها، ولذلك قرر أن يعفيه من المنصب.

ولم يقم الملك عبد الله بتعيين ولي للعهد بدلا منه مباشرة، ولكن منحه عام 2004 لابنه الأمير حسين. وأبسط توضيح لتوقيت تغيير ولاية العهد، كما يقول روبرت ساتلوف، المدير التنفيذي لمعهد واشنطن للشرق الأدنى، هو أن الملك شعر أنه يستطيع فعل ذلك.. "فبعد حوالي خمس سنوات من وفاة أبيه، لم يعد الملك عبد الله يعمل في ظل والده، وواضح أنه اعتبر نفسه مسيطرا بشكل كامل على المملكة الهاشمية".

وأشار ستالوف إلى أنه كان هناك سوابق لمثل هذا القرار، فقد قام الملك حسين بتغيير ولاية العهد أربع مرات، آخرها كان نقل مقاليد الحكم لعبد الله. كما ساعده على ذلك أن الدستور الأردني ينص على أن "اللقب الملكي ينتقل من صاحب العرش إلى ابنه الأكبر".

وقال الموقع: "بقي العداء الذي يكنه حمزة للملك بعد تجريده من المنصب بشكل أساسي داخل العائلة. وعلى مر السنين، أصبح حمزة شخصية مهمشة بشكل متزايد في هيكل السلطة في الأردن، ولم يتجسد كتهديد داخلي للتاج. لكنه تحول إلى ناقد صريح لسياسات أخيه".

ففي عام 2018، على سبيل المثال، اتهم الحكومة علانية بـ"الإدارة الفاشلة"، بعد أن أقرت قانونا يزيد الضرائب على العمال، ما دفع الآلاف إلى النزول إلى الشوارع احتجاجا. في نفس العام غرد: "يا بلدي"، يتحسر على حالة الأمة التي يقودها أخوه غير الشقيق.

وفي الوقت الذي أثارت فيه هذه التعليقات وغيرها ضجة في الأردن، كان بإمكان الملك عبد الله أن يتجاهلها في الغالب؛ كونها صادرة عن لاعب سياسي ساخط لكنه غير مهم.

لكن القيام بذلك أصبح أكثر صعوبة، حيث قام حمزة بتنمية ونشر العلاقات الشخصية بشكل متزايد مع اللاعبين الرئيسيين بين القبائل القوية في البلاد، التي يشكل الكثير منها العمود الفقري لقاعدة الملك السياسية.


وترى بعض هذه الشخصيات القبلية أن طريقة تعامل عبد الله مع الاقتصاد، ووباء فيروس كورونا، واندماج 600 ألف لاجئ من سوريا، والفساد الحكومي، كلها أمور تحتاج إلى ما هو مطلوب، حمزة، الذي يصور نفسه على أنه مناضل ضد الفساد، فيصبح الشخص المناسب الذي يمكن للقبائل أن تلجأ إليه كبديل عن الزعيم الحالي. ومن المفيد أن يبدو حمزة مثل والده، الملك الراحل حسين، الذي لا يزال شخصية محبوبة في بلاده.

كان كل ذلك على ما يبدو أكثر مما يمكن احتماله بالنسبة للملك. وبدلا من التعامل مع هذا الموقف على انفراد، كما هو الحال عادة مع العائلة المالكة الأردنية، حرص عبد الله على أن ترسل خطوته التالية إشارة واضحة وعلنية.

إذا كانت الادعاءات الموجهة ضد الأمير حمزة من قبل الحكومة الأردنية تبدو غريبة بعض الشيء، فذلك لأنها قد تكون كذلك.

وقالت الحكومة إن حمزة كان متعاونا مع باسم عوض الله، وزير المالية السابق والمقرب منذ فترة طويلة للملك، والشريف حسن بن زيد، وهو شخصية أخرى في العائلة المالكة، لاستهداف "أمن واستقرار الأمة".

وزعم الصفدي، نائب رئيس الوزراء، أن الحكومة اعترضت اتصالات بين الأمير وعوض الله، تظهر أنهما توافقا طوال يوم السبت، واتهم عوض الله بـ"التحريض والجهود المبذولة لتعبئة المواطنين ضد الدولة بما يهدد الأمن القومي".

ولم يظهر المسؤولون الأردنيون أي دليل على أن حمزة والآخرين كانوا يخططون لانقلاب أو تحرك آخر، لكنهم قالوا إن حكومة أجنبية قدمت الدعم لكل ما يجري على قدم وساق. ويبدو أن هذا الادعاء يشير إلى دولتين: السعودية وإسرائيل. وذُكرت السعودية لأن واحدا على الأقل من المتآمرين المزعومين مع حمزة له بعض العلاقات مع الرياض.

وردّ الموقع أن عوض الله، الذي يشغل الآن منصب الرئيس التنفيذي لشركة طموح للاستشارات المالية التي تتخذ من دبي مقرا لها، قد قام بعمل استشاري لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وشارك الشهر الماضي في مؤتمر استثماري تقوده الحكومة السعودية (إلى جانب العديد من المؤتمرات الأخرى). كما تولى دور المبعوث الخاص للسعودية، وقال بعض الخبراء، نقلا عن مصادر أردنية، إنه أيضا مستشار خاص لابن سلمان.

لكن ولي العهد السعودي اتصل بالملك عبد الله للتعبير عن تضامنه وتضامن بلاده مع العاهل الأردني، و"دعمه لجميع الإجراءات التي يتخذها جلالة الملك للحفاظ على أمن الأردن والحفاظ على استقراره".

أما العلاقة مع إسرائيل، فمردها إلى أن صديق حمزة، رجل الأعمال الإسرائيلي روي شابوشنيك، بعد أن عرض على ما يبدو على زوجة الأمير وأولاده طائرة خاصة للهروب من الأردن، زعم موقع عمون، موقع إخباري أردني له صلات بمجتمع الاستخبارات في البلاد، أن شبوشنيك عضو سابق في الموساد.


وشدد الموقع على أن "أي جهد لإثارة انقلاب داخل الأردن سينظر إليه الملك بالفعل بشكل سيئ، وسيكون مؤلما بشكل خاص؛ لأن الأردن وإسرائيل أبرمتا معاهدة سلام منذ 1994".

وفي بيان على موقع فيسبوك يوم الأحد، أقر شابوشنيك بوجود صداقة مع الأمير الأردني حمزة بن حسين، وأنه بعد أن اتصل به حمزة خلال عطلة نهاية الأسبوع "للتعبير عن مخاوفه بشأن سلامة عائلته"، وجه شابوشنيك دعوة "لزوجة الأمير وأولاده ليبقوا في بيته في أوروبا".

ومع ذلك، نفى شابوشنيك أي صلة الموساد وأي معرفة أو تورط في الأحداث التي يُزعم أنها تحدث في الأردن، ووصف الدعوة التي وجهها لعائلة حمزة بأنها مجرد "لفتة إنسانية حميدة".

يبدو أن هذه الروابط الخارجية تشكل العمود الفقري لقضية الملك، ومن المحتمل أن تكون ادعاءات الملك ذات مصداقية حقيقية، لكن الموقع أشار إلى أن الخبراء الذين تحدث معهم ليسوا متأكدين.

ونقلت الكاتبة جيليان شويدلر، الأستاذة في كلية هانتر، والتي تتابع السياسة الأردنية، أنها متشككة في التهم الموجهة إلى حمزة، حيث يُنظر إلى عوض الله على أنه شخصية فاسدة وغير شعبية في الأردن. إنه ليس من النوع الذي قد يتفاعل معه حمزة، الذي يصور نفسه على أنه مناضل ضد الفساد؛ لذلك لا يستوي أن يعملا معا بشكل وثيق للإطاحة بالملك.

وقالت بشأن ادعاء الحكومة إن الأمير حمزة لديه داعمون دوليون، ليس كما يبدو، لأن "أي فرد من العائلة المالكة في الأردن ستكون له علاقات خارجية"، مشيرة إلى أن الملك، مثل حمزة، درس في أكاديمية ساندهيرست العسكرية في بريطانيا، حتى أنه خدم في القوات المسلحة البريطانية لبعض الوقت.

وأضافت شويدلر وآخرون أن الملك أراد على الأرجح اعتقال الأمير حمزة لإرسال رسالة مفادها أنه لن يتم التسامح الآن، حتى مع أي معارضة من العائلة المالكة.

ولا يسمح القانون في الأردن انتقاد الملك، لكن بعض الأقوياء مثل الأمير يمكن أن يفلتوا من العقاب.

 

يبدو أن هذا لم يعد هو الحال. وقالت شويدلر: "هناك جهد واضح لإسكات كل أنواع المعارضة"، و"إذا كان هذا هو الهدف الحقيقي لاعتقال حمزة، فإنه يتناسب مع نمط قمعي متزايد من قبل الملك".

فمنذ احتجاجات 2018 على الضرائب على وجه الخصوص، شنت الحكومة حملة صارمة على أي محتجين. وفي العام الماضي، اعتقل مسؤولون 1000 عضو في نقابة المعلمين الأردنية، بعد الاحتجاج على إغلاق مكاتبها من قبل النظام.


ومع ذلك، لا يزال المتظاهرون يملأون شوارع البلاد، في تحد للملك، والذي دفعهم مؤخرا سوء إدارة الملك لوباء فيروس كورونا، ففي آذار/ مارس، على سبيل المثال، نفد الأكسجين في مستشفى تديره الدولة، ما أدى إلى وفاة ستة مرضى بكورونا.

وختم الموقع بالقول: "يبدو أن قرار الملك باعتقال الأمير حمزة نجح، على الأقل في الوقت الحالي. ويبدو أن الخطاب الذي يُزعم أنه وقعه يوم الاثنين، والذي أقسم فيه مرة أخرى بالولاء للملك أنهى هذه الأزمة بالذات".

التعليقات (0)