ملفات وتقارير

مخاوف من تحكم نظام السيسي بأموال الوقف الخيري

تبلغ قيمة الأملاك الوقفية في مصر حوالي تريليون و37 مليار جنيه و370 مليونا و78 ألف جنيه مصري
تبلغ قيمة الأملاك الوقفية في مصر حوالي تريليون و37 مليار جنيه و370 مليونا و78 ألف جنيه مصري
تجددت المخاوف بشأن ممتلكات وأموال الوقف الخيري في مصر بعد موافقة مجلس الشيوخ على مشروع قانون صندوق الوقف الخيري بشكل نهائي، ومنح وزير الأوقاف سلطة التصرف في أموال صندوق الوقف الخيري.

تصل قيمة أملاك الوقف في جميع أنحاء الجمهورية إلى حوالي تريليون و37 مليار جنيه و370 مليونا و78 ألف جنيه. (الدولار يساوي 15.75 جنيه)، وفق أول أطلس لحصر أملاك الوقف أصدرته الوزارة في نيسان/ أبريل 2019.

وتستهدف هيئة الأوقاف تحقيق أرباح كبيرة بنهاية العام الجاري، تُقدر بنحو مليار و800 مليون جنيه لترتفع إلى 2.5 مليار خلال العام الجديد، وفق تصريحات وزير الأوقاف أمام البرلمان المصري في شباط/ فبراير الماضي.

وكان مجلس الشيوخ وافق الأسبوع الماضي على مشروع قانون صندوق الوقف الخيري، المقدم من الحكومة المصرية والمحال من مجلس النواب، كما أنه وافق على منح وزير الأوقاف سلطة التصرف في أموال الصندوق.

وعلى الرغم من أن أموال الصندوق تصنف ضمن الأموال العامة إلا أن مجلس الشيوخ حذف مراعاة الحد الأقصى للأجور بزعم جذب أعلى الكفاءات صاحبة الخبرة الإدارية والاستثمارية بإدارة صناديق الاستثمار أو الصناديق السيادية، ما يفتح الباب أمام أجور "فلكية"، وفق معارضين للمادة والقانون.

وتساءل النائب محمود سامي، رئيس الهيئة البرلمانية للحزب المصري الديمقراطي: "لماذا تعطى صلاحية التصرف في جزء من أموال الصندوق لوزير الأوقاف منفردا دون مجلس الإدارة أو مديره التنفيذي المسؤول أمام القضاء عن أعمال الصندوق؟".

وأضاف، خلال جلسة مناقشة مشروع القانون: "إذا كان القانون يرغب في منح الصلاحية منفردا لوزير الأوقاف لماذا أنشأ الصندوق، وكان له أن يترك الوقف يدار من الهيئة العامة للأوقاف".

ويقول منتقدو القانون في تصريحات لـ"عربي21" إن السلطة تستهدف وضع يدها على أموال وأرباح الوقف الخيري التي تقدر بمئات مليارات الجنيهات، وصرفها إما في مشروعات حكومية وليست خيرية، أو محاولة تقليص عجز موازنة الدولة، والابتعاد عن أوجه الإنفاق التي حددها الواقف.

ومن بين أهداف الصندوق بالفعل معاونة أجهزة الدولة في إقامة مشروعات خدمية وتنموية، والمساهمة في تطوير مشروعات البنية التحتية وكافة المشروعات التي تسهم في دعم الموقف الاجتماعي والاقتصادي للدولة، بالإضافة إلى المساهمة في تطوير العشوائيات، والحد من ظاهرة أطفال الشوارع والمتشردين.

تتكون موارد الصندوق من فوائض حسابات اللجنة العليا للخدمات الإسلامية والاجتماعية وصناديق النذور وصناديق إعمار المساجد، وفوائض ريع الوقف وسائر التبرعات والهبات والمنح النقدية أو العينية التي يتلقاها من الأشخاص الطبيعية والاعتبارية والتي يقبلها مجلس إدارة الصندوق بما لا يتعارض مع أغراضه، وعائد استثمار أموال الصندوق.

"عسكرة أموال الوقف"

انتقد وكيل اللجنة الدينية بالبرلمان المصري سابقا، الشيخ محمد الصغير، القانون واعتبره تعديا على أموال الوقف وعسكرته، قائلا: "النظام يعاني من حالة فشل اقتصادي واضح، وبدأ يعوض ذلك من جيوب المواطنين من خلال الرسوم والضرائب، والآن استدار نحو أموال الوقف الخيري بهدف استغلالها".

وحذر في تصريحات لـ"عربي21" من "خطورة إصدار هذا القانون في هذا التوقيت على الرغم من أن كل شيء تحت يد النظام منذ الانقلاب، ولكن يبدو أن النظام بحاجة إلى غطاء قانوني، ولذلك أعطى وزير الأوقاف حرية الصرف، ورأينا كيف دفع الوزير بأموال الوقف نحو صناديق من أمثال "تحيا مصر"، وقام بالتبرع بمبالغ طائلة لجهات عديدة في الدولة".

وأكد مستشار وزير الأوقاف الأسبق أن "القانون مخالف للشرع؛ لأنه يغير مسار هذه الأوقاف، القاعدة الشرعية تقول إن شرط الواقف كنص الشارع، أي كنص من نصوص الشريعة، كما أن هذا الصندوق سيحرم الكثير من الفقراء من حقوقهم، وسيحرم الأئمة من تحسين أحوالهم المعيشية، وسيؤثر بالطبع على تجديد المساجد والإنفاق على الخدمات بها".

"مخاوف من تبديد أموال الوقف"

وأعرب عضو لجنة الفتوى بالأزهر سابقا الشيخ هاشم إسلام عن مخاوفه من تأثر مصارف الوقف الرئيسية من أنشطة هذا الصندوق، وقال: "أموال الوقف ينبغي صرفها في أوجه الإنفاق الشرعية التي أقرها الواقف وليس التي يريدها الصندوق، وينبغي الحرص على هذه الأموال".

وأضاف لـ"عربي21" أن "إصدار القانون الآن، رغم وجود الوقف في مصر منذ مئات السنين، لا معنى له غير السيطرة عليها والتحكم بها، فإذا كانت أوجه الإنفاق تتفق مع نية الواقف كما يقول المشرع فلماذا لا يترك أموال الوقف وشأنها وتنفق بالطريقة المعتادة والمعروفة؟".

وأشار إلى أن "هناك بيانا لكبار العلماء في الأزهر في آذار/ مارس 2018، رفضوا فيه مقترحا تشريعيا يسمح للدولة باستغلال أموال الوقف؛ لأنه لا يجوز شرعاً تغيير شرط الواقف، أو التصرف في الوقف على غير ما شرطه".
التعليقات (0)