ملفات وتقارير

هكذا زور "الاختيار 2" حقيقة ما جرى في "رابعة العدوية"

تم فض اعتصام رابعة بالقوة بأوامر قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي في 14 آب/ أغسطس 2013- أرشيفية
تم فض اعتصام رابعة بالقوة بأوامر قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي في 14 آب/ أغسطس 2013- أرشيفية

انتقادات واسعة لمحتوى مسلسل "الاختيار 2"، المذاع بالموسم الدرامي الرمضاني لعام 2021، والذي يتناول بحلقاته الأولى احتشاد آلاف المعتصمين من أنصار الرئيس الراحل محمد مرسي ورافضي الانقلاب العسكري منتصف العام 2013، بميدان رابعة العدوية المرتبط اسمها بأكبر مجازر التاريخ الحديث.


وبحسب متابعين، فإن المسلسل الذي يعرض بكثافة على فضائيات "ON E"، و"أبوظبي"، و"art حكايات"، ومنصتي "Watch IT"، و"شاهد "VIP"؛ يتناول أحداثا ووقائع مغايرة للحقيقة التي عاشها المعتصمون وبثتها كاميرات عشرات الفضائيات في بث مباشر على مدار 24 ساعة من الميدان لحظة بلحظة.


"الاختيار 2" تنتجه "المتحدة للخدمات الإعلامية"، التابعة لجهات سيادية مصرية، من بطولة كريم عبدالعزيز وأحمد مكي، وأظهرت مشاهد المسلسل، الاعتصام الذي استمر بميداني "رابعة"، و"النهضة"، من 28 حزيران/ يونيو 2013، حتى تم فضه بالقوة بأوامر قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي، في 14 آب/ أغسطس 2013.

 

اقرأ أيضا: "عربي21" تطلق مبادرة لتوثيق شهادات مجزرة رابعة


نشطاء ومتابعون انتقدوا ما أسموه أكاذيب مسلسل "الاختيار٢"، ومزاعم صناع العمل عن صعوبة دخول الاعتصام واحتجاز كل من يدخل ميدان "رابعة"، وعدم السماح له بالخروج.


وهو المشهد الذي ظهر فيه الممثل أحمد مكي، محاولا دخول الاعتصام وكأنه أمر صعب، وقام بعمل إنساني بإخراج شغالة تم احتجازها بالميدان من قبل المعتصمين، على غير حقيقة الأحداث.


وانتقد نشطاء إظهار المعتصمين كونهم طبقة فقيرة ومعدمة من المجتمع المصري من أهل الريف والصعيد، متجاهلا وجود الكثير من فئات المجتمع بكل طبقاته ودرجاته وشرائحه داخل الاعتصام.


وأشار النشطاء إلى أن وقائع القتل في اعتصام رابعة شاهدها العالم كله على الهواء مباشرة، وجرائم قنص المعتصمين العزل موثقة بالصوت والصورة، مؤكدين أن وزارة الداخلية عجزت عن إثبات وجود أسلحة في الاعتصام كما يروج المسلسل.


"شهادة معتصم"


أحد قيادات الصف الثاني بجماعة الإخوان المسلمين، وأحد المشاركين باعتصام رابعة، قال لـ"عربي21": "يخطئ من يظن أن إنفاق الملايين على الإعلام الموجه لغسل أدمغة الجماهير من واقعة تم بثها على الهواء وما زال شهودها أحياء".


وأضاف: "في سلسلة من الأكاذيب الفجة؛ احتوى المسلسل على تزييف وفجور في الخصومة حولت الجاني لمجني عليه والضحية إلى جلاد؛ ولك أن تتخيل بالمقياس الغربي أن يعاد تدوير محرقة الهولوكست بأن النازي هو الضحية وضحايا المحرقة هم الجناة".


وأكد القيادي الذي رفض ذكر هويته، أن "المسلسل عرض أكاذيب وافتراءات مخابراتية؛ استكتبها المؤلف وتولى كبرها مخرج متعصب كـ بيتر ميمي".


وفي رصده لبعض تلك الأكاذيب التي وردت بالحلقات الخمس الأولى، ضرب مثالا بـ"محاولة المسلسل الربط بين اعتصام سلمي وأحداث العنف في سيناء".


وأشار القيادي بجماعة الإخوان في الداخل، أيضا إلى "ترسيخ فكرة أن الاعتصام كان مسلحا لتبرير المحرقة ضد أبرياء ونساء وأطفال عزل إلا من حناجرهم"، لافتا إلى "أكذوبة التخطيط لاستهداف معتصمي التحرير، الموالين للانقلاب".


وأكد أنه "عاصر الأحداث ولم تسجل حادثة عنف واحدة في ربوع القطر المصري؛ وإنما كان العنف من الطرف الآخر (البلاك بلوك) في إحراق المقرات التابعة لجماعة الإخوان وحزب الحرية والعدالة، والحافلات التي تقل المعتصمين والتهجم على الإخوان في بيوتهم ومحلاتهم كواقعة إحراق صاحب محل العطور ببورسعيد لكونه ملتحيا".


ويعتقد أن "المناخ الفني الآن بأسوأ أيامه كحقبة الستينيات، يدار من المكاتب الأمنية، ويضغط على الفنان بلقمة عيشة، إما أن يلتحق بالجوقة أو يقعد ببيته، حتى إن كثيرا منهم امتهن غير التمثيل".
ويرى أن "أي نجم ارتضى لنفسه النزول لهذا الدرك من المستنقع خسر احترام جمهوره"، مضيفا: "وهالني تفاعل الجمهور غير المسيس بالتعليق على أخبار المسلسل بمواقع الصحف الموالية".


"لن تفلح الأكاذيب"


الناشط حسام المتيم، قال إن "فض رابعة مجزرة يندى لها جبين الإنسانية، والمشاركة فيها ليست مفخرة أو بطولة تستحق التمجيد، بل عار يلازم من قاموا به لأنهم ضربوا المثل في الانحطاط والدناءة والإجرام بقتلهم المعتصمين الأبرياء".


المتيم، أضاف بحديثه لـ"عربي21": "لن تفلح الأكاذيب التي يروجها صانعو الدراما المصرية في طي الحقائق أو إخفائها خاصة أن المعاصرين للأحداث ما زالوا أحياء يرزقون، كما أن الوقائع تتحدث وتحكي عن أناس بعضهم ما زالوا في قبضة العسكر مأسورين ظلما وبهتانا".


"لن يغير الحقائق"


الحقوقية المصرية هبة حسن، قالت لـ"عربي21"، إن "مجزرة اعتصامي رابعة والنهضة، التي ارتكبها النظام منتصف 2013، جريمة لم يحاسب مرتكبيها رغم مرور نحو 8 سنوات، ومع كم التقارير التي وثقتها".


مديرة التنسيقية المصرية للحقوق والحريات، أكدت أن "خروج مسلسل صنعه النظام بشركة إنتاج المخابرات؛ لن يغير الحقائق التي شاهدها العالم على الهواء وما زالت مسجلة عبر آلاف الصور ومقاطع الفيديو".


وأشارت أيضا إلى "شهادات شهود العيان بالاعتصامات وسكان المنطقة، وكل أسرة مصرية استشهد منها فرد؛ بل وسجلتها تقارير حقوقية محلية ودولية، وبالرغم من أنها لم توثق سوى جزء من الحقيقة، إلا أنه كاف لتوثيق جريمة إنسانية غير مسبوقة بالعصر الحديث".


هبة حسن لفتت إلى توثيق "لجنة تقصي الحقائق التي شكلها النظام قتل أكثر من 600 شخص -بالرغم من عدم حيادها ومحاولتها تبرئة النظام- واعتبرت أن ما تم إفراط باستخدام القوة غير متناسب مع ما ذكرته الداخلية عن وجود سلاح بأيدي بعض المعتصمين، وطالبت بتحقيق قضائي مستقل".


وذكرت أن تقرير "هيومان رايتس ووتش" بالعام 2014، صنف المجزرة كـ"جريمة ضد الإنسانية"، واعتبرها "أكبر عمليات القتل الجماعي بتاريخ مصر الحديث"، موثقا قتل قوات الأمن لـ 817 متظاهرا على الأقل بساعات قليلة".


وقالت: "هذا توثيق مؤسسات -بالحد الأدنى التي استطاعت توثيقه- لعدد الشهداء؛ لكن الواقع يتخطى الـ3 آلاف شهيد، وآلاف الجرحى، وثقتهم منظمات حقوقية عبر قوائم الشهداء بمسجد الإيمان، وميدان النهضة، ومصطفى محمود، فضلا عن عشرات الجثامين المجهولة وعشرات المختفين حتى اليوم".


ولذلك ترى الحقوقية المصرية، أنه "مهما حاول الاختيار2، وإعلام النظام التدليس والمغالطة لإخفاء الحقائق وتغيير الوعي الجمعي للمصريين؛ فلن يُفلحوا، فما حدث عشناه ورأيناه ورآه العالم، وسنظل نعمل على محاسبة مرتكبيه واسترداد حقوق الضحايا".


"من قلب رابعة"


وتصدر وسم "#رابعة"، مواقع التواصل الاجتماعي، في مصر على مدار نحو يومين، وعرض خلاله نشطاء شهاداتهم ومقاطع فيديو وصورا لجرائم القتل بالميدان.


وعن حلقة الاختيار السبت، التي رصدت فض رابعة، ذكرت الناشطة الحقوقية أسماء خيري، إحدى المعتصمات، كيف قُتل المعتصم أحمد عمار، عند "طيبة مول"، الساعة الـسادسة والثلث صباح يوم الفض، مؤكدة أنه عندما قال للضباط: "احنا عزل"، رد الضابط عليه بـ 4 طلقات في صدره.


وتمنت خيري، عبر صفحتها بـ"فيسبوك"، ألا يذاع المسلسل حتى لا تتذكر المستشفى التي مات فيه المعتصمون بإصابات حروب، مثل الصحفية أسماء صقر التي ماتت برصاصة في رأسها، وزوجها الصحفي أصيب برصاصة في قدمه.


وأشارت إلى جريمة قتل الشهيدة أسماء البلتاجي، وحبيبة أحمد عبدالعزيز، وعمليات قنص المعتصمين الذين كانوا يحملون المصابين، ثم حرق مستشفى الميدان بما فيه من جثث.


وختمت تدوينها بالقول: "شهدنا 12 ساعة من استخدام القوة المفرطة ضد مدنيين"، مضيفة كحقوقيين: "شهدنا على فض رابعة؛ ولسه عايشين ومنسيناش".

 


وفي شهادته قال الدكتور هاني سليمان: "إنك تستطيع خداع بعض الناس كل الوقت، وتستطيع خداع كل الناس بعض الوقت، ولكنك لا تستطيع خداع كل الناس كل الوقت، مؤكدا عبر صفحته بـ"فيسبوك"، أن "الاختيار2"، يقدم "مغالطات وأكاذيب وتزويرا للحقائق عن مذبحة فض رابعة".


وبصفته كان مديرا لمعهد التدريب القومي التابع لوزارة الصحة عام 2013، روى شهادة أحد قيادات هيئة الإسعاف من ميدان رابعة، وتأكيده أن الضباط الذي كانوا يحاصرون الميدان بعد الفض منعوا سيارات الإسعاف من حمل ونقل الجرحى من الميدان، وتركوهم ليموتوا أو يقوم السفاحون بقتلهم.

 

التعليقات (3)
احمد
الأحد، 18-04-2021 04:45 م
اليوم قرأت في الاخبار عن حادث قطار راح ضحيته 10 او 20 (هناك خلاف في العدد ) حصل هذا اليوم لكن السلطات المصريه تتكتم على الخبر بالاكاذيب فما بالكم بما حصل منذ سنوات ؟ لا استبعد ان يحول ضحايا رابعه الى قتله صدرت بهم مذكرات اعتقال مصريه و مطلوبين من الانتربول !! و هم في الحقيقه لم يجدوا قبرا ليدفنوا به !! كنا نهزأ من الاعلام المصري ايام عبد الناصر فاذا بنا نترحم عليه بعد ما رأينا من اعلام السيسي
عربي
الأحد، 18-04-2021 01:39 م
لم يعد الأمر في حاجة لنقاش، فقد إنكشفت كل الحقائق التي حاول النظام الإنقلابي إخفائها،والآن يحاول تشويهها بالكذب والتدجيل الرخيص، حتى الكثيرين ممن ساندوا نظام الخسيسي سابقاً يشعرون الآن بالخزي والندم !!
رياء
الأحد، 18-04-2021 11:45 ص
أعجب لأمر المحسوبين على التيار الإسلامى المعارض فى مصر ، و دعاة عودة حكم " الشرعية الديمقراطية " للبلاد ، فهم يصطفون فى صف العسكر ، و يغضون الطرف عن الجرائم الوحشية المتواصلة للجيش و الشرطة منذ وقوع الانقلاب على حكم الإخوان فى يوليو / تموز عام 2013 م حين يتعلق الأمر بدماء و أعراض و ممتلكات المسلمين فى سيناء ، بينما يتحول أولئك العسكر إلى أعداء مستبدين ، و طغاة مجرمين من - وجهة نظرهم - حين يتعلق الأمر بجرائم الجيش و الشرطة بحق أنصار " السلمية " ، كما حدث فى فض اعتصامى (رابعة العدوية) و (النهضة) ! فأهالى سيناء الذين رفعوا السلاح فى وجه الانقلاب الغاشم هم من كان يتحدث أحد قادة الإخوان فى اعتصام (رابعة العدوية) قبل فضه عن أن عملياتهم المسلحة ضد الجيش و الشرطة هى رد فعل طبيعى على الانقلاب ، و أنها ستتوقف بمجرد العودة عن ذلك الانقلاب - من وجهة نظره ! و الأغرب أن قيادات الإخوان ظلوا يخذلون أنصارهم عن الإنضمام إلى المجاهدين فى سيناء ، و يقنعونهم بالتمسك بنهج السلمية حتى الموت كى لا يوصموا بـ (الإرهاب) ، و أن يتقبلوا تواطؤ (المجتمع الدولى) - الذى راهن عليه الإخوان - مع جرائم العسكر فى فض الاعتصامات ! و حين لم يجد المجاهدون فى سيناء الدعم الكافى من التيار الإسلامى فى مصر فى مواجهة العمليات العسكرية الغاشمة ، و وطأة الجرائم التى يرتكبها العسكر ضدهم فى سيناء ، بل على عكس وجدوا منهم سيلا من نظريات المؤامرة الواهية ، و الإتهامات بالعمالة للعسكر و الجهات الأجنبية ، و ذلك بعد مضى نحو 16 شهرا على وقوع الانقلاب ، اضطروا لمبايعة رأس الخوارج الجدد ( أبى بكر البغدادى) - عليه من الله ما يستحق - أميرا عليهم مقابل دعم الدواعش لهم ماليا و عسكريا و استخباريا تحت اسم جديد هو (ولاية سيناء) ! و اليوم بعد مضى ما يزيد عن 6 سنوات على مبايعة المجاهدين فى سيناء لتنظيم داعش التى جرت فى نوفمبر / تشرين ثان عام 2014 م ، فإن حرب الاستنزاف المتواصلة ضد الجيش و الشرطة فى سيناء دفعت بالعسكر إلى استخدام الحرب الإعلامية اليائسة من أجل تمجيد الجيش و الشرطة ، و رفع معنويات أنصار النظام ، و تشويه صورة التيار الإسلامى فى مصر ، فركب أنصار السلمية موجة تلك " الدراما " الرمضانية الهابطة ، و خرجوا للإشادة بما تقدمه من أكاذيب بحق المجاهدين فى سيناء و ليبيا بشكل فاضح ، لكن حين تحولت سهام تلك الحرب الإعلامية نحوهم خرجوا يشجبون و ينددون بأكاذيبها و افتراءاتها ، فى مشهد مبتذل اعتاده الجميع منهم ! إقرأوا تعليقى على خبر نشره موقع عربى 21 بعنوان : ( "الإخوان" تعرب عن أسفها وتألمها لحادث "بئر العبد" بسيناء ) .