مقالات مختارة

في يومهم العالمي.. عمال فلسطين "يسيرون نحو الأسوأ"

علي أبو حبلة
1300x600
1300x600

أصبح الأول من أيار احتفالا دوليا للإنجازات الاجتماعية والاقتصادية للحركة العمالية. وخصص الكونغرس الأمريكي الأول من أيار/مايو يوما للوفاء عام 1958؛ نظرا للتقدير الذي حظي به هذا اليوم من قبل الاتحاد السوفييتي الشيوعي. ووفقا للتقاليد، فإن عيد العمال يُحتفل به في الولايات المتحدة أول يوم اثنين في أيلول/سبتمبر، وفي كثير من الأحيان يتخذ الناس هذا اليوم يوما للاحتجاج السياسي.


الاحتفال بعيد العمال لهذا العام لم يختلف كثيرا عن العام الماضي، فعمال العالم أجمع باتوا يعانون من استمرار تداعيات أزمة كورونا بسبب تعثر عجلة الإنتاج في دول العالم أجمع، والحركة العمالية تعاني من تداعيات انهيار الاقتصاد العالمي، وازدياد حالات البطالة التي ضربت جذورها في أمريكا وأوروبا ودول آسيا والعالم أجمع.


بالرغم من أن الأول من أيار لعيد العمال العالمي استمد إلهامه من الظلم الأمريكي للحركة العمالية، يحتفل عمال فلسطين الذين يعانون من ظلم الاحتلال الصهيوني؛ وقد أصبح هذا اليوم رمزا لنضال الطبقة العاملة بفلسطين من أجل تحقيق حقوقها؛ التي يتنكر لها الاحتلال، فأجهز على حق العمال الفلسطينيين في كثير من الأمور، ومنها حقهم في السكن وفي التنقل، إلا من خلال بوابات وحواجز غير إنسانية وبظروف مأساوية وقاهرة. إن أغلبية العمال الفلسطينيين الذين يتوجهون بشكل يومي الى عملهم يستيقظون من الساعة الثانية قبل بزوغ الفجر وفي وسط الليل فجرا؛ ليتمكنوا من الوصول لأماكن عملهم في فلسطين المحتلة عام 1948م، ويمرون علي الحواجز للاحتلال ويتعرضون للمضايقات وللإذلال، وللقتل أحيااً! ويتعرض العمال لسلسلة طويلة من انتهاكات شروط عملهم، حيث تعمل الغالبية العظمى بلا عقود عمل مكتوبة فردية أو جماعية مع أصحاب العمل، ما يتركهم تحت رحمة المشغل الإسرائيلي، في ظل وجود تمييز واضح في الأجور بين العمال الفلسطينيين والإسرائيليين الذين يعملون في المنشأة نفسها، سواء في قيمة الأجر أو التعويض، علاوة على تعرض العديد من العمال للاحتيال على أيدي مشغليهم من الإسرائيليين وسماسرة العمال، خاصة الذين تنتهي تصاريحهم أو تلغى، أو يمنعون لذرائع أمنية، فيطردهم صاحب العمل، بينما يتعرض الكثير من العمال إلى الفصل من العمل بسبب عدم تمكنهم من الوصول إلى أماكن عملهم بانتظام؛ نتيجة الممارسات الإسرائيلية أو عند مطالبتهم بحقوقهم.


مع انتشار جائحة «كورونا» في الخامس من آذار الماضي 2020، أخذت معاناة العمال في الداخل شكلا آخر من المعاناة والمضايقات عليهم، وإن عددا من العمال يعملون في أماكن خطرة دون أدنى مستلزمات الوقاية، وحينما يرفض العمال ذلك يتم تسريحهم من عملهم دون التعويض عليهم. وتلزم القوانين الدولية، وحتى الإسرائيلية، أرباب العمل الإسرائيليين بمعاملة العامل الفلسطيني على قدم المساواة مع نظيره الإسرائيلي، من حيث الحقوق المادية والاجتماعية والصحية، إلا أن حكومة الاحتلال تتنصل من ذلك.


وتقر حكومة الاحتلال بتشغيل 68 ألف عامل فلسطيني نظامي في سوق العمل الإسرائيلية، أي من يحملون تصاريح الدخول، وإجمالي رواتبهم 336 مليون شيكل شهريا بعد الضريبة، وهناك 19400 يعملون في المستوطنات، ومجموع رواتبهم 112 مليون شيكل شهريا بعد الضريبة. ورغم كل التدخلات من منظمة العمل الدولية ومؤسسات حقوقية محلية وعالمية، فإن الطرف المشغل لم يقم بتحسين الأوضاع الحقوقية والإنسانية للعمال، التي ظهر أسوؤها خلال وباء «كوفيد-19».


يتطلع عمال فلسطين لغد أفضل ولفتح آفاق العمل أمامهم، وبناء اقتصاد وطني فلسطيني قادر على التغلب على البطالة واستيعاب الأيدي العاملة بالداخل المحتل، وخاصة عمال المستوطنات، وتحقيق ما يصبوا لتحقيقه عمالنا في فلسطين، أسوة بعمال العالم الذين احتفلوا أمس بعيد العمال العالمي.

(عن صحيفة الدستور الأردنية)

0
التعليقات (0)