مقابلات

وزير الخارجية الأسبق: جهات بليبيا تسعى لإشعال حرب طويلة

 دافع وزير الخارجية الليبي الأسبق عن أهمية التواجد التركي في ليبيا- تويتر
دافع وزير الخارجية الليبي الأسبق عن أهمية التواجد التركي في ليبيا- تويتر

استبعد وزير الخارجية الليبي الأسبق، ورئيس "التيار الوطني الحر"، الدكتور عبد الحميد النعمي، إجراء الانتخابات الليبية في موعدها المقرر 24 كانون الأول/ ديسمبر المقبل، وذلك لعدم توفر الشروط اللازمة لذلك.

وأكد النعمي، في مقابلة خاصة مع "عربي21"، أن "ما يجري الإعداد له حاليا من قِبل بعض الأطراف هو إشعال حرب طويلة تقودنا إلى التقسيم، وأن المسؤولية في هذا كله تقع على عاتق قيادات البرلمان ومجلس الدولة"، وفق قوله.

فيما دافع وزير الخارجية الليبي الأسبق عن أهمية التواجد التركي في ليبيا، قائلا إن "هذا التواجد التركي كان نتيجة الاتفاقية الليبية- التركية، وتم بطلب من الحكومة الشرعية للبلاد التي من حقها طلب المساعدة لحماية أمنها القومي".

وشدّد على أنه "في حال قيام حكومة الدبيبة بإلغاء الاتفاق مع تركيا لأي سبب فذلك يعني انتحارا لهذه الحكومة، لأن إلغاء الاتفاقية سيرفض من العديد من الأطراف المحلية وسيدفع البلاد في اتجاه حرب أهلية قد تستمر لسنوات عديدة، ولا أتصور أن تقف الحكومة التركية مكتوفة الأيدي أمام مثل هذه الحماقة إن حدثت".

وتاليا نص المقابلة الخاصة مع "عربي21":

قمتم قبل أسابيع قليلة بتأسيس تيار سياسي جديد، وهو "التيار الوطني الحر".. فما أبرز ملامح هذا التيار الجديد؟
هذا التيار الوطني الوليد يقوم في جانبه السياسي على بناء الدولة المدنية الحديثة، والنظام الديمقراطي القائم على التعددية، والتداول السلمي للسلطة، وحقوق الإنسان.

 

كما أنه يدعو للانفتاح على الآخر، ولاستيعاب تجارب الشعوب الأخرى والاستفادة من إسهاماتهم وإنجازاتهم على مستوى التنظيم السياسي والمفاهيم السياسية والحريات العامة وحقوق الإنسان.

إن الدولة المدنية، كما نراها اليوم عبر تطلعات شعوبنا، تمثل قطيعة تامة مع الثقافة التقليدية الظلامية التي سادت لقرون، والتي كرست تخلف العالم العربي والإسلامي عن ركب الحضارة الإنسانية، وبالتالي فإن ثقافتنا الجديدة هي قطيعة مع ثقافة الخضوع للجلاد وتشريع العبودية، وهي دعوة للتفكير بروح نقدية والانطلاق بالعقل العربي والإسلامي عبر آفاق الفكر العلمي الحديث.

 

وفي نفس الوقت نؤكد على التزامنا بثوابتنا ومرجعيتنا الدينية والأخلاقية، وكذلك انفتاحنا على ثقافة العقل والحرية والحداثة والنهضة.

ونحن بحاجة ماسة إلى رؤية عصرية جديدة تُعبّر عن حقيقة الإشكالات التي نعيشها اليوم والتحديات التي ستواجهنا غدا.


اقرأ أيضا : وزيرة خارجية ليبيا تتحدث عن الفاغنر والجنجويد.. هل ستغضب حفتر


ومن المبادئ الأساسية لهذا التيار نبذ العنف والتطرف، والتعاون بإيجابية مع الجميع، خاصة مع جيراننا الذين تربطنا بهم أواصر القربى والدين واللغة.

ورسالتنا لشركائنا الإقليميين والدوليين مفادها أنه من حقنا أن يُنظر إلينا كطرف يمتلك إرادته الوطنية المستقلة، وشريك في الاستقرار والتنمية في المنطقة، ولا يُنظر إلينا كفريسة أو كغنائم حرب.

هل الساحة السياسية الليبية بحاجة للكثير من الأحزاب والتيارات المختلفة؟
التجربة الديمقراطية في كل مكان بالعالم بحاجة إلى أحزاب سياسية. ونحن في ليبيا على وجه الخصوص بحاجة إلى أحزاب وطنية للخروج من دائرة القبلية والجهوية وإرساء العمل السياسي على أسس عصرية أساسها القانون والدستور والمؤسسات الرسمية.

كيف تقيم تجربة العمل السياسي في ليبيا بشكل عام خلال الفترة الماضية؟
العمل السياسي في ليبيا قبل وبعد 17 ثورة شباط/ فبراير 2011 كانت تقوده القبيلة أو التحالفات القبلية، وكان يفتقر إلى النخب السياسية الناضجة والأرضية الفكرية المطلوبة.

 

وتجربتنا السياسية كانت للأسف مشوبة بالعديد من السلبيات والإخفاقات، بسبب تحول العمل السياسي إلى أداة لخلق أقطاب متنافسة ومتناحرة؛ فكانت ثنائية الإسلامي والعلماني، وأيلول/ سبتمبر وشباط/ فبراير، ودعاة التغيير وأنصار النظام السابق، والشرق والغرب، والجنوب والبادية والحضر. هذه التجاذبات كانت مسؤولة إلى حد كبير عن الانقسام والتشظي في الجسم السياسي الليبي.

لذلك، نحن ندعو إلى ضرورة تجاوز هذه السجالات العقيمة المصطنعة، والاتفاق حول الحد الأدنى من الثوابت المشتركة التي تجمعنا وتحقق توافقنا المنشود. وأتصور أننا في الاتجاه الصحيح نحو الدولة المدنية الديمقراطية رغم الصعاب والمؤامرات من كل جانب.

رئيس المجلس الرئاسي الليبي، محمد المنفي، يبحث سبل إنجاح المصالحة الوطنية بعدما تم الإعلان مؤخرا عن تأسيس مفوضية وطنية عليا للمصالحة الوطنية، لحل الخلافات بين الليبيين.. فما سبل إنجاح المصالحة الوطنية؟

الخطوات التي قام بها المجلس الرئاسي تحت شعار المصالحة كلها تصرفات عبثية تفتقر إلى الرؤية العلمية والموضوعية لمعالجة مسألة المصالحة. ما يعيق الاستقرار في ليبيا ليس شيوخ القبائل، ولكن أمراء الحرب والطامعون في السلطة من جميع الأطراف. تتحقق المصالحة عندما يتمكن الرئاسي من تحقيق تقدم حقيقي وجوهري على صعيد المسار السياسي، وكذلك المسار العسكري وتوحيد المؤسسة العسكرية.

كيف ترون أهمية التواجد التركي في ليبيا؟
التواجد التركي كان نتيجة الاتفاقية الليبية- التركية، وتم بطلب من الحكومة الشرعية للبلاد التي من حقها طلب المساعدة لحماية أمنها القومي.

ماذا لو قام رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة بإلغاء الاتفاق مع تركيا؟
لا أتوقع قيام حكومة الدبيبة بمثل هذه الخطوة. ولو قامت بها لأي سبب فذلك يعني انتحارا لهذه الحكومة، لأن إلغاء الاتفاقية سيرفض من العديد من الأطراف المحلية وسيدفع البلاد في اتجاه حرب أهلية قد تستمر لسنوات عديدة، ولا أتصور أيضا أن تقف الحكومة التركية مكتوفة الأيدي أمام مثل هذه الحماقة إن حدثت.

هل مجلس الأمن أصبح غير قادر على إخراج المرتزقة الأجانب من ليبيا؟

أتصور أن مجلس الأمن غير قادر على إخراج المرتزقة في ظل الأوضاع الراهنة.


الدبيبة قال إن الحكومة تمكنت من توحيد أغلب المؤسسات، وإنه لم يبق سوى توحيد المؤسسة العسكرية.. فما الذي يمنع من توحيد المؤسسة العسكرية؟

إذا لم تتمكن حكومة الدبيبة من توحيد المؤسسة العسكرية فهذا يعني أنها لم تتمكن من توحيد أي شيء على الإطلاق. فكل أوجه الحياة في ليبيا مرتبطة بمدى نجاح الحكومة في توحيد المؤسسة العسكرية. ولا أتوقع أن الحكومة تمتلك أية أدوات لفرض ذلك.

رغم ترحيب حفتر بانتخاب السلطة الانتقالية الجديدة، إلا أنه لا يزال يعمل بمعزل عن الحكومة الشرعية.. كيف ترون ذلك؟

حفتر يرى نفسه فوق الجميع، وهو فعلا كذلك، بسبب إخفاق الأطراف الأخرى في بلورة رؤيتهم السياسية، وتوحيد مواقفهم على صعيد الحل السياسي، فضلا عن انصياعهم إلى إملاءات البعثة الأمنية التي تنفرد بإدارة المشهد والتي تسعى - كما كانت دائما - إلى تمكين حفتر من حكم ليبيا من خلال الحوار السياسي المزعوم وحصوله عبر المفاوضات على ما لم يتمكن من الحصول عليه بالقوة.

كيف تستشرف مستقبل الأوضاع في ليبيا عقب إجراء الانتخابات المقبلة؟
من غير المؤكد أن تحدث الانتخابات في موعدها لعدم توفر الشروط اللازمة لذلك. أتصور أن ما يتم الإعداد له حاليا من قِبل بعض الأطراف هو إشعال حرب طويلة تقودنا إلى التقسيم وتقع المسؤولية في هذا كله على عاتق قيادات البرلمان ومجلس الدولة.

التعليقات (0)