ابتداءً أودّ أن اعتذر قبل كل شيء لأبناء شعبنا السوري وأبناء أمتنا الذين استاؤوا - وأنا معهم - من بعض التصريحات التي صدرت من البعض بتحية الطاغية
بشار الأسد، فقد وجب علينا الاعتذار لكم، وأن نقولها دون مواربةٍ أو لفّ أو دوران.
وواجبنا أن نؤكد لكم أن ما صدر عن هؤلاء لا يمثل قيادة
حماس، فليس هو قرارها، وإنما قراراها هو عدم الخوض في العلاقة مع نظام بشار الأسد من أساسه. وهذه التصريحات لا تمثّل عناصر الحركة الذين أذاقوا العدو الصهيوني وبال أمره، وكنتم وسائر الأمة في مقدمة المساندين والداعمين لهم.
كما أن هذه التّصريحات لا تمثل أبناء شعبنا المجاهد أبدا، وربما تمثل قائليها فقط، بل إنني أشك بقناعتهم الداخلية بفحواها، فهم يعلمون التحية الكبرى التي وجهها بشار لشعبنا في هذه السنوات العجاف على
سوريا وأهلها والفلسطينيين فيها! فقد انتهك أعراض مئات
الفلسطينيات فضلاً عن عشرات آلاف السوريات! وكلهن أخواتنا وبناتنا، ومئات آلاف من الشهداء والجرحى، والمعتقلين السوريين والفلسطينيين اللاجئين في سوريا، ودمر مخيم اليرموك وغيره من مخيمات الفلسطينيين في سوريا، كما دمرت المدن والقرى السورية.
ولا شك أنه لا يصح توجيه تحية لمثله مهما لوّح بكلمة هنا أو هناك لمصالح يرتقبها.
ومع كل هذا أقول: يا إخواني الكرام أرجوكم أن لا تنغص علينا وعليكم هذه التصريحات الفردية - والتي لا تمثل شعبنا كما أكدت لكم - فرحتنا بالنصر الذي منّ الله به علينا وعلى أمتنا. وأهلنا في سوريا شركاء به بما بذلوا وعموا وبما دعوا وخرجوا وتفاعلوا.
وأسال الله تعالى أن يهدي أصحاب هذه المواقف إلى جادة الصواب، وأن يمنّ علينا بنصر مؤزر تحرر فيه كل بلادنا من المحتلين والمستبدين على حد سواء.
كما أؤكد أنه لا ينبغي أن تؤخذ حركة مقاومة كبيرة بموقف فردي هنا أو هناك، بل حتى أن سنة المصطفى عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم تقضي بالتجاوز عن خلل يقع من أهل الفضل والسبق. فقد وقع حاطب بن أبي بلتعة بفعل يمكن أن يعد خيانة، فعفى عنه عليه السلام لسابقته.
فمن حق أهل الفضل أن يُتجاوز عن عثراتهم وأخطائهم، وإنه لمن المعلوم أن الإنسان يوم القيامة يدخل الجنة بالنجاح وليس بالدرجة التامة، والطالب في المدرسة أو الجامعة يرتقى وينجح بالحصول على 50 في المئة أو 60 في المئة. وكما قال الحسن البصري: من غلب خيره شره وهب شره لخيره، فيسمى خيرا، والعكس بالعكس أيضا.
فأدعوكم إلى التعامل مع الحركة بهذه المعادلة، وهذا لا يعني ألا تخطّئوا خطأهم وتنتقدوا ما يستحق الانتقاد من تصرفاتهم، وأنا مع الانتقاد والإعذار وعدم اللجاجة والتجاوز في ذلك.
وإني لأرجو هذه الحركة
المقاومة إلى ضبط التصريحات والمواقف بما يراعي حقوق الأمة، دون أن يحول ذلك بينكم وبين حاجاتكم السياسية مع تقدير الاعتدال في كل أمر، فنحن أمة الوسط كما وصفنا الله تعالى "وكذلك جعلناكم أمة وسطا".