هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
عبّر كاتب يهودي وناج من المحرقة النازية عن رفضه لما يتعرض له الفلسطينيون، وقال إنه بكى عندما زار الأراضي الفلسطيني لأسبوعين سابقا، مشيرا إلى أن هذا دفعه إلى تغيير موقفه الذي كان يتبنى الصهيونية.
واستضاف الكوميدي البريطاني راسل براند في برنامج يقدمه على التواصل الاجتماعي، الكاتب جابور ماتيه، وهو ناج من المحرقة النازية عندما كان رضيعا بينما قتل عدد من أفراد عائلته، وفق قوله، للحديث عما يجري في الأراضي الفلسطينية.
وأثار الفيديو الذي تابعته "عربي21" وترجمت مضمونه، تفاعلا واسعا على منصتي فيسبوك ويوتيوب، واجتذب آلاف التعليقات المؤيدة وعشرات الآلاف من الإعجابات.
وقال ماتيه الذي يقيم في كندا ويعمل معالجا فيزيائيا: "هذه قضية قريبة من قلبي منذ فترة طويلة".
وأوضح أنه خلال فترة الشباب في كندا "أصبحت صهيونيا، هذا الحلم لليهود الذين بُعثوا في أرضهم التاريخية، والأسلاك الشائكة للمعسكرات النازية حلت محلها الحدود للدولة اليهودية مع جيش قوي... اعتقدت بذلك حقا". لكن ماتيه يستدرك بالقول: "ثم وجدت أن الأمر لم يكن كذلك بالضبط".
اقرأ أيضا: يهود بنيويورك يتظاهرون ضد إسرائيل والعدوان على غزة (شاهد)
ويوضح قائلا: "فمن أجل جعل هذا الحلم اليهودي واقعا، كان علينا أن نلقي بكابوس على السكان المحليين".
وأشار إلى أن هناك شعارا صهيونيا يقول "أرض بلا شعب لشعب بلا أرض... لكن لم تكن هناك أرض بلا شعب، بل كان هناك شعب يعيش لمئات السنين وربما أكثر".
وقال: "لم يكن ممكنا إقامة دولة يهودية بدون اضطهاد وطرد السكان المحليين، وهذا ما فعلوه (اليهود) ابتداء من عام 1947".
ولفت إلى "مؤرخين يهود إسرائيليين أظهروا بدون أدنى شك أن عمليات طرد الفلسطينيين كانت مستمرة.. كانت واسعة.. كانت قاسية.. كانت قاتلة، في عملية مقصودة".
وأوضح أن هذا ما يسميه الفلسطينيون النكبة (استخدم الكلمة باللغة العربية). وفي هذا السياق، أشار ماتيه إلى مفارقة غريبة، قائلا: "في كندا هناك قانون يمنعك من إنكار المحرقة، لا أعتقد بمثل هذه القوانين بالمناسبة.. لكن في إسرائيل غير مسموح لك أن تذكر النكبة، رغم أنها أساس قيام الدولة".
وذكر ماتيه أنه عندما أدرك هذه الحقائق "وجدت أننا حققنا حلمنا، لكننا تسببنا بكابوس لآخرين. ثم زرت الأراضي المحتلة خلال الانتفاضة الأولى.. بكيت كل يوم خلال أسبوعين بسبب ما رأيت.. وحشية الاحتلال.. المضايقات غير الضرورية.. التعطش للقتل.. حرق أو تقطيع أشجار الزيتون الفلسطينية.. إنكار الحقوق في المياه.. الإذلال".
وأضاف: "هذا مستمر والآن الوضع أسوأ.. لم يكن الأمر ليكون بطريقة أخرى، لأنه لم يكن ممكنا إقامة دولة خاصة باليهود دون اضطهاد الشعب المحلي.. إنها أطول عملية تطهير عرقي في القرنين العشرين والحادي والعشرين.. ما زالت مستمرة".
ونقل عن صديق يهودي له قوله: "كيهودي يمكنني أن أحط في مطار تل أبيب غدا وأطلب الجنسية بناء على حق العودة، لكن صديقي الفلسطيني ولد في القدس لكنه لا يستطيع حتى زيارتها.. لدي الحق للعودة بعد 2000 سنة، هذا لو كان التاريخ هكذا فهو موضع تساؤل، لكن دعني أفترض هذا.. كيف حنا (صديقه الفلسطيني) ليس لديه حق العودة بعد 70 سنة؟".
وتحدث عن معاناة أهل غزة تحت الحصار، مشيرا إلى أن القطاع يوصف بأنه "أكبر سجن مفتوح في العالم".
وقال: "ليس عليك أن تدعم حماس لكي تقف مع حقوق الفلسطينيين، فهذا تضليل مطلق، لكن كانت هناك انتخابات حرة (..) تمت مراقبتها من المجتمع الدولي، ووصفت بأنها الانتخابات الأكثر حرية في العالم العربي، وحماس فازت فيها، ثم رتبت إسرائيل والولايات المتحدة انقلابا ضدهم، وقد هزمته حماس".
ووصف ماتيه السياسة الإسرائيلية المسماة "جز العشب" بأنها عملية قتل جماعي للمدنيين الفلسطينيين في غزة، بسبب الحصار.
اقرأ أيضا: VOX: ماذا يتعلم يهود أمريكا عن إسرائيل والفلسطينيين؟
وتساءل: "هل فعلا تطلق غزة الصواريخ على إسرائيل وتقتل مدنيين أبرياء، نعم.. هل أدعم هذا؟ لا.. لكن عندما يتعلق الأمر بموقف من المدنيين الأبرياء؛ فإن إسرائيل قتلت 20 ألف لبناني مدني عام 1982 بأسلحة غير قانونية.. أستطيع أن أقول الكثير".
وأكد أن "هذه القوة غير المتكافئة والمسؤولية والاضطهاد كلها من جانب واحد بشكل كبير.. عندما تفكر بأسوأ شيء حول حماس ضاعفه بآلاف المرات، ويبقى غير متساو مع القمع والقتل والتهجير من قبل إسرائيل بحق الفلسطينيين".
وقال: "إذا كنا (اليهود) نتحدث بعد 2000 سنة عن الحرية والتحرير، فلماذا لا يستطيع الفلسطينيون ذلك؟".
ونبه إلى أن "الخلط بين الصهيونية واليهودية هو ضرر كبير"، ونقل عن فيلسوف يهودي قوله عام 1895 أن هذا الخلط "خطأ مطلق"، وأن اتهام اليهود الذين يعارضون إسرائيل بأنهم ليسوا يهودا هو تشهير، وأن وصف انتقاد إسرائيل بأنه معاداة للسامية هو محاولة فاضحة لكبت "الجيدين من غير اليهود الذين يحاولون الوقوف إلى جانب ما هو صحيح".
وتحدث ماتيه عن طريقة تعامل الإعلام الغربي مع كل ما يتعلق بإسرائيل. قائلا: "عندما يلقي المتظاهرون في هونغ كونغ بالحجارة على الشرطة يوصفون بأنهم أبطال، وعندما يواجه المحتجون الجيش في ميانمار يسمون أبطالا، لكن عندما يرمي الأطفال الفلسطينيون الحجارة على الجنود الإسرائيليين يسمون بالإرهابيين"، موضحا أن إسرائيل لطالما نجت من انتقاد الإعلام الغربي.
وأشار إلى جود أطفال فلسطينيين معتقلين في سجون الاحتلال الإسرائيلي "وبعضهم لا يرون عائلاتهم لأشهر".
وخاطب براند قائلا: "أتمنى أن يزور صديقك الصهيوني الأراضي المحتلة كما فعلت أنا، ثم اجعله يتحدث بالطريقة التي يتحدث بها الآن.. إذا كانت لديه ذرة من إنسانية سيبكي كما فعلت أنا لأسبوعين قضيتهما هناك".
وقال إن معاناة اليهود على يد النازيين "ليست مبررا لما نفعله الآن، وعدم معرفة الحقيقة ليس مبررا"، مشيرا إلى "المحاولة المتعمدة لإسكات أي شخص يتكلم.. من اليهود وغير اليهود".
وأوضح أنه "ليس هناك طرفان.. أعني أنه دائما سؤال معقد، ولكن من ناحية القوة والسيطرة.. هي واضحة كثيرا.. فهناك أرض لشعب يعيش عليها، وهناك أناس آخرون أرادوها فسيطروا عليها، وهم يستمرون في السيطرة عليها، ويستمرون في التمييز ضد ذلك الشعب واضطهاده والاستيلاء على أملاكه.. هذا ما حدث وهذا ما يحدث".
وقال: "آمل أن أولئك غير اليهود من ذوي النوايا الحسنة أن يقفوا ضد المستعمرة (إسرائيل)، وأن لا يخضعوا لهذا التغيير في (تعريف) معاداة السامية".
ولفت إلى أن "السؤال ليس أن تكون مؤيدا للفلسطينيين.. أنا لست مؤيدا للفلسطينيين.. بل أنا مؤيد للحقيقة.. أعتقد أن ما يجري الآن يمكن أن يكون كارثيا للإسرائيليين على المدى الطويل، لأن هذا لا يمكن أن يكون قابلا للاستمرار".
وقال ماتيه: "السؤال ليس ما إذا كنت مؤيدا للفلسطينيين.. السؤال عن ما إذا كنت مع العدالة والتحرر والحرية والحقيقة، أم لا".
ويشار إلى أن راسل براند نفسه له مواقف مؤيد للفلسطينيين، وسبق أن هاجم وسائل الإعلام الغربية مثل فوكس نيوز بسبب طريقة تعاملها مع الصراع بين الفلسطينيين والاحتلال الإسرائيلي، وكذلك لطريقة تعاملها مع المسلمين.
اقرأ أيضا: الصهيونية ومعاداة السامية.. مفارقة تحمي "إسرائيل" من النقد