هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
انعقد في الأسبوع الماضي في واشنطن منتدى عنوانه «حوار المسار الثاني
حول العلاقات القطرية ــ الأمريكية في عهد الرئيس بايدن لمدة يومين متتابعين، وقد
شارك في هذا المسار نخبة من أصحاب الرأي قطريون وأمريكان وكان لي الشرف أن أكون
بين تلك النخبة الموقرة عن بعد، إلا أنه لم يحالفني الحظ في الإدلاء برأيي فيما
طرح لأسباب تقنية خارجة عن قدراتي.
لأنها المرة الأولى التي أشارك في هذا المسار
كان لدي انطباع أن المشاركين عليهم تقديم أوراق عمل، وقد فعلت ذلك، تشرح قضايا
الاختلاف والاتفاق في القضايا الإقليمية والدولية لكل من قطر والولايات المتحدة
الأمريكية من وجهة نظر الباحثين بهدف الوصول إلى توافق الآراء في القضايا المطروحة
على الساحة الدولية، مثل قضايا الإرهاب، الصراعات الإقليمية وآثارها على أمن
الخليج العربي، المسألة الفلسطينية، إيران ومفاعلاتها النووية، العلاقات
الاقتصادية القطرية ــ الأمريكية إلى جانب أمور أخرى.
(2)
من المعروف أن العلاقات القطرية
ــ الأمريكية في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب عانت قطر من جراء سياسته في
المنطقة لأكثر من ثلاث سنين كان أهم تلك المعاناة الأزمة الخليجية إلى جانب الضغوط
التي مورست على الدوحة من أجل تطبيع العلاقات مع إسرائيل والذي استطاعت الدوحة
بدبلوماسيتها الهادئة الحيلولة دون الانزلاق في تنفيذ رغبات الرئيس ترامب وحاشيته
فيما يتعلق بصفقة القرن أو الانخراط فيما عرف بمصطلح «الديانة الإبراهيمية «. في
تقدير الكاتب وانطلاقا من مبدأ الملاحظة والمقارنة فإن عهد الرئيس جو بايدن شاح
بوجهه عن ممارسات الإدارة السابقة تجاه كثير من القضايا الأمر الذي أدى إلى تغير
طبيعة العلاقة بين الطرفين وفي أعلى درجات ذلك التغير في عهد الرئيس بايدن أن يكون
التعاون بين قطر والولايات المتحدة الأمريكية مبنيا على احترام مبدأ السيادة لكل
من الدولتين.
(3)
لا جدال بأن الدولة القطرية تعمل بكل الوسائل
لمحاربة الإرهاب بكل أشكاله وآلياته كما هي الولايات المتحدة الأمريكية، إلا أنه
يجب أن تكون العلاقة بين أمريكا وقطر واضحة في هذا الشأن فحركات التحرر الوطني لا
تصنفها قطر حركات إرهابية نموذج ذلك الحركة الوطنية الفلسطينية التي تعمل من أجل
استعادة الحقوق الشرعية للشعب الفلسطيني وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ذات
السيادة على ترابها الوطني وإنهاء آخر معاقل الاستعمار العالمي في فلسطين تحت
الراية الإسرائيلية.
كما أنه واجب التنبيه بأن قطر لا تنظر إلى بعض
التنظيمات الإسلامية على أنها حركات إرهابية وان الإسلام ليس مصدر إرهاب كما يصنفه
البعض، الإسلام دين عدالة ومساواة إنه دين سلام وتسامح. إن حركة بوكو حرام لا تمثل
الإسلام ولا المسلمين، ولا المتزمتين بالتمسك بحرفية المبادئ الإسلامية.
يوجد في العالم العديد من الجماعات المتطرفة
والتي تمارس أعمالا إرهابية لا تصنفها الدول الغربية حركات إرهابية أذكر منها على
سبيل المثال لا الحصر حركة كاهانا إنها حركة إرهابية متطرفة أسسها بنجامين كاهانا،
وكذلك منظمة لهافا تقوم بالاعتداء على الشعب الفلسطيني وعلى ممتلكاته وهي مسلحة
ومعترف بها في إسرائيل وأحد قادتها عضو في الكنيست الإسرائيلي، إنهم يدعون إلى طرد
الفلسطينيين من كل فلسطين وهدم المسجد الأقصى وبناء الهيكل محله. ولا أستثني حزب
شاس الديني الإرهابي وكذلك حزب الليكود الذي مارس كل وأبشع وسائل الإرهاب المسلح
على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية.
(4 )
◄ أمن الخليج العربي:
طرح بند أمن الخليج العربي في ذلك المسار
والرأي عندي أن الخليج تحيط به المخاطر، فاذا كانت الولايات المتحدة الأمريكية
همها الوصول إلى اتفاق مع إيران حول مشروعها النووي فإن همنا في الخليج في هذا
الشأن هو التأكد من عدم وجود مخاطر من انتشار المفاعلات النووية في الأراضي
الإيرانية وأهمها عندنا مفاعل بو شهر النووي المقام على ضفاف مياه الخليج الشرقية.
إن هذا المفاعل عبارة عن دمج تصميمين مختلفين في مفاعل واحد، أحدهما ألماني والآخر
روسي، ومن خطورته الهامة انه يقع على خط الزلازل وقد شهدت المنطقة في أبريل 2013
زلزالا بقوة 6.3 على مقياس ريختر. ومن المعلوم أن دول مجلس التعاون الخليجية تعتمد
اعتمادا كليا على تحلية مياه الخليج العربي للاستعمال الإنساني وكذلك الزراعة
والصناعة.
في هذه الحالة علينا أن نستدعي من
الذاكرة انفجار مفاعل تشيرنوبل عام 1986 والتي تعد أكبر كارثة نووية حدثت في أكرانيا
السوفيتية الذي أودى بحياة الآلاف من البشر إلى جانب نفوق قطاع كبير من الثروة
الحيوانية والزراعية الأمر الذي ما برحت آثاره تتلاحق حتى يومنا هذا. إن مفاعل
بوشهر في حال استخدم للأغراض غير السلمية يشكل تهديدا صريحا لأمن الخليج لا جدال
فيه وعلى إدارة الرئيس جو بايدن بصفة أمريكا حليفا لدول الخليج العربي أن تأخذ في
اعتبارها خطورة ذلك المفاعل على حلفائها في الخليج العربي وهم في مرحلة التفاوض.
في رأي الكاتب أن الهند لا تقل خطورة عن ايران
بالنسبة لأمن الخليج، إذ يتواجد اكثر من 8 ملايين هندي يعملون في الخليج وفي جميع
مفاصل دوله الأمنية والصناعية والاتصالات السلكية واللا سلكية تواجد كثيف في
المؤسسات المالية والمصرفية، إلى جانب ذلك العمالة الباكستانية وتقدر قوتهم
العاملة في المنطقة بأكثر من مليون ونصف، ولا جدال بأن في العلاقات الباكستانية
الهندية توتر بشأن كشمير وفي حال تطور الصراع بين القوتين النوويتين الهند
وباكستان فإن ذلك سينعكس على الجاليتين في الخليج الأمر الذي قد يمس أمن واستقرار
المنطقة برمتها. يضاف إلى ذلك الوضع السياسي في العراق، إن عدم وجود حكومة مركزية
قوية في العراق تضبط الأمن ومنع انتشار السلاح وهيمنة المليشيات سيقود إلى زعزعة
أمن الخليج العربي والشاهد على ذلك انطلاق صواريخ على المنطقة الشرقية في السعودية
وكذلك الإمارات، تقول أوثق التقارير إن تلك الصواريخ انطلقت من جنوب العراق.
نقطة أخيرة وليست الآخرة مشكلة الطائفية (شيعة
سنة بدون) وهي متجذرة في بعض دول الخليج، فالشيعة في تلك الدول يشعرون بأنهم لا
يتمتعون بالمساواة مع إخوانهم وشركائهم في المستقبل والمصير، وهناك تمييز ضدهم
واذا لم تحل هذه المشكلة فسيظل الاستقطاب الأجنبي واردا الأمر الذي يهدد وحدة
الخليج وأمنه واستقراره.
◄ آخر القول:
على قادة دول الخليج العربي الإيمان بأن أمن
استمرار حكمهم، وأمن الوطن وسيادته ترتكز على متانة الجبهة الداخلية وتحقيق
العدالة والمساواة والشراكة في صناعة القرار وعدم الاعتماد على القوى الأجنبية أو
حماية المليشيات الأجنبية لهم.
نقلا عن صحيفة "الشرق" القطرية