حقوق وحريات

لماذا تتركز النقاشات الدولية حول سوريا على قضية المساعدات؟

خبير: موسكو تريد فرض النظام شريكا وحيدا للأمم المتحدة ولجميع الدول التي تقدم مساعدات إنسانية- الأناضول
خبير: موسكو تريد فرض النظام شريكا وحيدا للأمم المتحدة ولجميع الدول التي تقدم مساعدات إنسانية- الأناضول

يعطي تركز المداولات بين الأطراف الفاعلة والمؤثرة بالشأن السوري على قضية إدخال المساعدات الأممية إلى سوريا، دون التطرق إلى المسار السياسي، انطباعا باختصار الملف السوري بالعناوين الإنسانية.

ويبدو أن الخلافات الكبيرة بين الأطراف الدولية، والتباينات الكبيرة في الرؤية للحل في سوريا، قد قادت في نهاية المطاف إلى التركيز على ملف يصفه قسم كبير من السوريين بـ"الثانوي"، قياساً على ملف الحل السياسي، الذي يضمن حلاً مستداما للوضع في سوريا.

وتريد روسيا، ابتزاز المجتمع الدولي من خلال المساعدات، بحيث تريد حصر إدخالها بمناطق سيطرة النظام، في المقابل تريد الولايات المتحدة توسيع نطاق إدخال المساعدات، ليشمل معابر أخرى (باب السلامة، اليعربية) إلى جانب معبر "باب الهوى" في إدلب.

والسؤال هو: هل نجحت روسيا بدفع المجتمع الدولي إلى اقتصار مطالبه على إدخال المساعدات، بدلاً من الضغط على النظام السوري للدخول الجاد في العملية السياسية في جنيف؟

وعلى الرغم من أن ما يجري يعكس ذلك، إلا أن الكاتب المختص بالشأن الروسي، طه عبد الواحد، استبعد أن تكون روسيا قد نجحت في اختصار الملف السوري على المساعدات.

ويوضح لـ"عربي21" أن مرد التركيز الدولي حاليا على هذا الملف، هو تفاقم المعاناة الإنسانية للسوريين بشكل عام، وبشكل خاص لأن روسيا عبر مجلس الأمن تمكنت من إغلاق المعابر الإنسانية التي تصل عبرها المساعدات إلى المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، باستثناء معبر واحد (باب الهوى).

"المساعدات لتعويم الأسد"

ويضيف عبد الواحد، أن موسكو تريد إغلاق هذا المعبر أيضاً وإرغام المجتمع الدولي، والأمم المتحدة على إرسال المساعدات عبر النظام السوري، بمعنى أنها تريد فرض النظام شريكا وحيدا للأمم المتحدة، ولجميع الدول التي تقدم مساعدات إنسانية.

ويتابع: "بهذا الشكل ترغم روسيا المجتمع الدولي على توسيع الاتصالات مع النظام، وتعول على أن يشكل ذلك خطوة تمهيدية لقبول النظام شريكا في بحث ملفات أخرى، بهدوء ودون تركيز على المسائل الحساسة، يريدون إعادة تأهيل النظام دوليا".

"فقدان التوافق الدولي"

في المقابل، يرى الباحث في "مركز الحوار السوري" الدكتور أحمد القربي أن من الطبيعي أن يطغى الحديث الدولي عن المساعدات في الملف السوري، نتيجة فقدان التوافق على المصالح بين الأطراف الفاعلة.

ويقول في حديثه لـ"عربي21" إن تركيز المجتمع الدولي على المساعدات يهدف لأمرين، الأول عدم تمدد الأزمة الإنسانية خارج سوريا، والثاني أن إدخال المساعدات يعفي المجتمع الدولي من مسؤولية فرض الحل السياسي.

وإلى جانب الحسابات تلك، يعتقد القربي أن تسلم إدارة جو بايدن، التي ترفع شعار التخفيف من حدة الأزمات، قد أدى بشكل واضح إلى اقتصار الملف السوري على المساعدات الإنسانية.

ويكمل قائلاً: "لا يوجد توافق دولي حول عناوين الحل السياسي، والواضح أن روسيا نجحت في تعطيل المسار الدولي (بيان جنيف1، القرار 2254)، لكنها بالمقابل فشلت في فرض رؤيتها للحل السياسي".

ويتفق مع قربي، الكاتب والمحلل السياسي، درويش خليفة، ويؤكد لـ"عربي21" أن "عدم نضج الحل السياسي الذي يتوافق مع مصالح الدول المتداخلة في سوريا يجعلها تركز على الوضع الإنساني، وتتجاهل القرارات الدولية التي وضعت خارطة طريق للحل السياسي الذي يفضي إلى انتقال السلطة لهيئة حكم انتقالي، وعودة آمنة للاجئين والنازحين المحليين".

ومقابل غياب الجدية الدولية، بحسب خليفة، تواصل روسيا وإيران الضغط على تركيا من خلال قصف المناطق التي تسيطر عليها فصائل المعارضة المدعومة من أنقرة، لزيادة أعباء الأخيرة من خلال نزوح سكان هذه المناطق باتجاه الشريط الحدودي معها.

ويّرجح أن يطغى الحديث عن إدخال المساعدات على أجواء القمة الأمريكية-الروسية المرتقبة في جنيف الأربعاء.

وفي العاشر من تموز/ يوليو القادم، سيتم طرح تجديد التفويض الخاص بعملية عبور المساعدات عبر الحدود، ويحتاج قرار تمديد موافقة المجلس إلى تسعة أصوات مؤيدة، وعدم استخدام حق "النقض" من روسيا أو الصين أو الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا.

 

اقرأ أيضا: 19 قتيلا في هجومين بعفرين.. استهدف أحدهما مستشفى (شاهد)


التعليقات (0)