يعاني أصحاب مزارع إنتاج الأسماك في قطاع
غزة من أزمات متتالية، كان آخرها تكبّد خسائر كبيرة جرّاء
العدوان الإسرائيلي الذي بدأ في 10 أيار (مايو) الماضي واستمر لمدة 11 يوما.
هذه الأزمات تبدأ من الأضرار المباشرة التي لحقت بمزارع الأسماك، جرّاء القصف الإسرائيلي الذي استهدف مواقع في محيطها، ما كبّد أصحابها خسائر كبيرة، أمر فاقمه استمرار إغلاق معبر كرم أبو سالم (التجاري الوحيد بغزة)، جنوبي القطاع، أكثر من شهر، ومنع التصدير.
ويضم قطاع غزة مزرعتين للأسماك فقط، أنشئتا للأغراض الاقتصادية والاستثمار، تنتجان نحو 500 طن سنويا، فيما يتوجد عدد آخر من "برك" الاستزراع السمكي، وفق وزارة الزراعة بغزة.
وأغلقت إسرائيل المعبر التجاري بداية العدوان الذي شنّته على قطاع غزة، في 10 أيار/مايو الماضي، بشكل كامل، فيما عاودت فتحه جزئيا لعبور المواد الغذائية وبعض المساعدات، بينما تمنع التصدير كليا.
وفي 13 نيسان (أبريل) الماضي، تفجرت الأوضاع في
فلسطين جراء اعتداءات "وحشية" إسرائيلية بمدينة القدس المحتلة، وامتد التصعيد إلى الضفة الغربية والمناطق العربية داخل إسرائيل، ثم تحول إلى مواجهة عسكرية في غزة، انتهت بوقف لإطلاق النار فجر 21 أيار/مايو الماضي.
وأسفر العدوان الإسرائيلي عن 290 شهيدا (في غزة والضفة)، بينهم 69 طفلا و40 سيدة و17 مسنا، وأكثر من 8900 مصاب.
كما تسبب العدوان بتدمير آلاف الوحدات السكنية، "كليا أو جزئيا"، بالإضافة إلى إلحاق أضرار فادحة بالبنية التحتية والقطاعات الإنتاجية الزراعية والسمكية والصناعية.
ونقل التقرير، الذي أعده مراسل الأناضول في غزة نور أبو عيشة، عن جهاد صلاح، مدير الخدمات بالإدارة العامة للثروة السمكية، في وزارة الزراعة، قوله؛ إن إجمالي الخسائر المباشرة وغير المباشرة، التي لحقت بقطاع الثروة السمكية (صيد بحري أو مزارع)، جرّاء العدوان الإسرائيلي تزيد عن مليونين و650 ألف دولار أمريكي.
وأضاف؛ إن قيمة الخسائر المباشرة، التي لحقت بهذا القطاع، من أضرار بألواح الطاقة الشمسية، ومزارع الأسماك، ومراكب الصيادين، بلغت نحو 250 ألف دولار.
فيما بلغت قيمة الخسائر غير المباشرة، التي تكبّدها قطاع الثروة السمكية، جرّاء العدوان، حوالي 1.2 مليون دولار، يضاف إليها، بحسب صلاح، نحو 1.2 مليون دولار خسائر جرّاء وقف التصدير وإغلاق المعابر.
وأوضح أن قطاع غزة كان يصدّر بشكل أسبوعي، بشكل أساسي ومباشر لأسواق الضفة، نحو 30 طنّا من الأسماك، تشكل نحو 80 بالمئة من إنتاج المزارع.
وأشار إلى تراجع تسويق الأسماك محليا بغزة جرّاء انعدام القدرة الشرائية للمواطن الذي خرج من العدوان بخسائر كبيرة، بالتزامن مع استمرار إغلاق المعبر التجاري، ما أدى إلى حالة ركود في الأسواق.
أما سهيل الحاج، وهو فلسطيني مالك لمسمكة البحّار، فيقول؛ إن العدوان الإسرائيلي الأخير انتهى، لكن
تداعياته ما زالت باقية وتؤثر بشكل كبير على المواطنين.
وأضاف؛ إنه أسس أول مزرعة لإنتاج الأسماك، في مسمكته، عام 2014، للقفز عن الظروف التي فرضها
الاحتلال الإسرائيلي من ملاحقة الصيادين في أثناء أداء مهامهم، ومن إغلاق متكرر للبحر.
وتابع: "هذه الإجراءات كانت تحرم المواطن من الحصول على الأسماك التي تشكل عنصر غذاء مهم من السلة الغذائية الآمنة، بالإضافة إلى قلة الوفرة السمكية في بحر غزة".
وأوضح أن مزرعة الأسماك تكبّدت خسائر كبيرة جدا جراء العدوان وإغلاق المعابر، تزيد عن 77 ألف دولار أمريكي.
وبيّن أنه كان يصدّر حوالي 5 ـ 6 أطنان من الأسماك أسبوعيا، إلى أسواق الضفة الغربية، لكن اليوم هذه الأطنان تتكدس داخل المزرعة موقعة "خسائر باهظة".
وبيّن أن كل يوم يمرّ في ظل استمرار إغلاق المعبر، يكبّدهم المزيد من الخسائر، في ظل تكدّس أطنان الأسماك داخل المزرعة، وعدم اتساعها لاستيعاب السمك الجديد.
وأشار إلى أنهم قبل نحو 4 سنوات، أنشؤوا مختبرا (حضانة) لتفقيس الأسماك من نوع "دنيس"، بعد أن كانوا يستوردونه.
وقال عن ذلك: "كنا نستورد أسماك الدنيس الصغيرة (بذرة) عبر المعبر التجاري، لكن هذا أيضا كان يكبدنا خسائر كبيرة، حيث مكوث الأسماك على المعبر لمدة تزيد عن 15 ساعة، يؤدي إلى موتها؛ علما أنها باهظة الثمن".
ولحل تلك المشكلة، لجؤوا إلى إنشاء المختبر المختص بتفقيس صغار سمك الدنيس.
وقال؛ إن هناك فوجا جديدا من الأسماك (البذرة)، التي لا يعرف أين سيعتني بها، في ظل تكدّس الأسماك في المزارع، وعدم وجود مزارع فارغة.
وأعرب عن تخوفاته من نفوق الأسماك، لافتا إلى أنه لجأ للعروض التجارية خلال الفترة السابقة، خوفا من الكساد، الأمر الذي عاد عليه بخسائر أيضا.
تراجع المبيعات المحلية، ووقف التصدير، أنهك الحاج ماليا، سيما وأنه ملتزم بدفع "مصاريف تشغيلية كبيرة جدا لإدارة المزرعة".
من جانب آخر، يقول؛ إن العام الماضي الذي تزامن مع جائحة كورونا، تسبب بأزمة اقتصادية كبيرة.
وتابع: "أثرت الجائحة بشكل سلبي على عملنا، وعلى كمية الإنتاج والمبيعات، كما أغلقنا المكان بشكل شبه دائم".
ولفت إلى وجود تخوفات من توقّف عجلة الإنتاج في المزرعة وإغلاقها، في ظل وقف التصدير وتتابع الأزمات.