صحافة دولية

كيف ستكون أفغانستان بعد الانسحاب الأمريكي؟

من المقرر أن ينسحب الجيش الأمريكي من أفغانستان في أيلول المقبل- جيتي
من المقرر أن ينسحب الجيش الأمريكي من أفغانستان في أيلول المقبل- جيتي

نشر موقع "فالداي كلوب" الروسي تقريرا تحدث فيه عن مصير أفغانستان بعد انسحاب القوات الأمريكية.

وقال الموقع، في هذا التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن المسؤولية الدولية حول ضمان الاستقرار وإحلال السلام في أفغانستان بعد انسحاب القوات الأمريكية ستقع بشكل طبيعي على الدول المجاورة. لكن تحقيق هذا الهدف ينطوي على عدة حسابات معقدة، فحتى لو وافقت أوزباكستان المجاورة على إقامة قاعدة عسكرية أمريكية على أراضيها - وهو قرار غير حكيم سيجلب لها العداء مع ثلاثة من جيرانها - فإن قدرة الولايات المتحدة على التأثير في الشؤون الداخلية لأفغانستان ستكون محدودة.

باستثناء الهند، أقامت كل الدول الكبرى في المنطقة علاقات مع طالبان من أجل الاستعداد للانسحاب الأمريكي، الذي كان واضحا أنه سيتم عاجلا أم آجلا. وتبدو روسيا بشكل خاص في موقع جيد فيما يتعلق بالوساطة للتوصل إلى توافق إقليمي حول مستقبل أفغانستان، باعتبار أن علاقاتها جيدة مع الهند والصين وباكستان.

وأشار الموقع إلى أن العلاقات مع طالبان تكتسي أهمية بالغة نظرا لأن هذه الجماعة - سواء أحببنا أم كرهنا - ستلعب الدور الأكثر أهمية في مستقبل أفغانستان. ومن جهتها، تستعد كل من الولايات المتحدة وباقي دول حلف الناتو منذ الآن لانتصار طالبان، وذلك من خلال إجلاء المترجمين وباقي الموظفين الأفغان الذين قد يتعرضون للاستهداف من طرف المنتصرين. واستبقت أستراليا الأمور بغلق سفارتها وخفض تمثيليتها في الأراضي الأفغانية. ومن المنتظر أن تنسج دول غربية أخرى على منوالها، وهو ما يقوض قدرة الغرب على توفير الدعم المالي للحكومة الأفغانية.

 

اقرأ أيضا: وزير الدفاع الأمريكي يتنبأ بتهديد مصدره أفغانستان خلال عامين

ويرى الموقع أن هذا لا يعني الانهيار الفوري للوضع في أفغانستان، ذلك أنه بالعودة إلى التاريخ تمكن النظام الأفغاني الذي ترك بمفرده إثر انسحاب القوات السوفياتية في سنة 1989 على عكس كل التوقعات من الصمود ثلاث سنوات بعد ذلك. وبالنظر إلى تفشي الفساد في الحكومة الأفغانية الحالية والانقسامات الداخلية الحادة وحالة الإحباط التي تسود معظم القوات العسكرية، فإنه من المستبعد أن تنجح هذه الحكومة في الصمود لوقت طويل. وعندما تنهار الدولة، فإن هذا قد يحدث بشكل مفاجئ وسريع وسلمي، على الأقل في المناطق التي يعيش فيها البشتون.

وأضاف الموقع أن هذه الحسابات تنطبق أيضا على أحداث انهيار الدولة الأفغانية على يد المجاهدين في ربيع 1992 وصعود طالبان بين 1994 و1996. حينها كان السبب الأول وراء ذلك هو شبكة العلاقات القبلية والعائلية المترابطة، إلى جانب الاتفاقات المحلية التي ربطت المسؤولين والجنود المحليين مع طالبان.

لسنوات طويلة اعتمدت العائلات البشتونية على استراتيجية معروفة جيدا وهي إرسال أحد أبنائها للجيش مقابل إرسال آخر لجماعة طالبان، وبذلك تضمن العائلة الحصول على الحماية مهما كان الطرف الفائز. وهذا يعني أنه في مرحلة معينة عندما يصبح واضحا أن أحد الطرفين بصدد الخسارة - ومن المستبعد أن يكون هذا الطرف هو طالبان - فإن كبار العائلة سيأمرون الابن الآخر بالتخلي عن الجيش والعودة للمنزل.

عندما يتعلق الأمر بالتعامل مع المسلحين الأعداء، فإن طالبان اعتمدت أسلوبا خاصا بها خلال التسعينات، حيث كان يسمح لكل من يستسلمون بالعودة لمنازلهم دون تجريدهم من أسلحتهم الفردية. كما عُرف عن قادة طالبان احترامهم للتعهدات الشفوية التي يبرمونها مع هؤلاء، حتى وصل الأمر إلى درجة السماح لقادة في الجيش الأفغاني بالانشقاق والانضمام لطالبان.

وأشار الموقع إلى أن أكبر مشكل ستواجهه أفغانستان وأكبر معضلة للقوى الإقليمية هي العلاقة بين طالبان والمجموعات العرقية من غير البشتون، التي حارب أغلبها ضد طالبان خلال التسعينات. فهل سيتمكن هذا التنظيم من التوصل إلى الاتفاق مع هذه العرقيات ويسمح لها بنوع من الحكم الذاتي المحلي؟ في حال فشل طالبان في التحالف مع هذه المجموعات العرقية، ما هو الدعم الذي قد تحصل عليه هذه المجموعات من الولايات المتحدة والقوى الإقليمية؟

أوضح الموقع أن إيران على سبيل المثال باتت تقدم دعما محدودا لطالبان خوفا من إمكانية التعرض لهجمات انتقامية من الأراضي الأفغانية في حال نشوب حرب بينها وبين واشنطن. كما تدعم إيران طائفة الهزارة الشيعية في وسط أفغانستان، بعد أن تعرضت لاضطهاد كبير من طرف طالبان منذ 2001.

وفي حال عدم التوصل لاتفاق بين طالبان وممثلي المجموعات العرقية من غير البشتون، فإن أفغانستان سوف تواجه احتمال الغرق في حرب أهلية لا نهاية لها تؤدي إلى تدفق اللاجئين والمخدرات والإرهابيين على الدول المجاورة والقارة الأوروبية. بناء على ذلك، تتمثل أول مهمة يجب أن تسعى لإنجازها الدبلوماسية الإقليمية في عقد اتفاق من هذا النوع. أما الهدف الثاني فهو منع أفغانستان من التحول مجددا لقاعدة خلفية للإرهاب الدولي، خاصة أن الولايات المتحدة وروسيا تعرضتا للعديد من الهجمات من هذا النوع.

وأضاف الموقع أن الهدف الآخر الذي يجب على القوى الدبلوماسية الإقليمية تحقيقه هو القضاء على تجارة الهيروين التي ألحقت ضررا كبيرا بكل أحياء أفغانستان. وتجدر الإشارة إلى أن مقاتلي طالبان كانوا الطرف الوحيد الذي تمكن من فرض نظام يوقف تجارة الهيروين في 1999 و2000، بما أنهم كانوا يتمتعون بالسلطة في قرى البلاد. والآن قد تشترط طالبان في مقابل قيامها بهذا الدور شيئين ضروريين، هما الاعتراف الدولي والمساعدات الدولية لأفغانستان.

التعليقات (0)