آراء ثقافية

لطائف قياس القامة عند العرب

كان أبو حذيفة بن عتبة طوالا وكان عبد المطلب جسيمًا طوالًا ما رآه أحد قط إلا أحبّه- صورة لأطول رجل وأقصر رجل بالعالم/ جيتي
كان أبو حذيفة بن عتبة طوالا وكان عبد المطلب جسيمًا طوالًا ما رآه أحد قط إلا أحبّه- صورة لأطول رجل وأقصر رجل بالعالم/ جيتي

قاس البشر الطول بأعضائهم وجوارحهم، فقاسوا بالباع: وهو طول ما بين الذراعين الممدودين، أو الذراع: هو الطول بين الكتف ونهاية أصابع اليد الممدودة، والشبر: وهو مَا بَيْنَ أَعلى الإِبهام وأَعلى الخِنْصر، والفتر: وهو ما بَيْنَ طَرَفِ السَّبَّابة والإِبهام إِذا فَتَحْتَهُمَا، والأصبع: هو طول عقلة الأصبع السبابة. والقدم: وهو طول القَدَم البشرية.. وسنجد أن آلة قياس الطول العربية مختلفة عن آلات غيرهم من الشعوب، بعد أن نذكر فضل الطول وأشهر طوال العرب، مبتدئين بالأنبياء عليهم صوات الله وسلامه.


فضائل الطول في الخَلْق:

 
جاء في الذكر الحكيم في فضل الطول:
{وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} البقرة (٢٤٧).


{أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنْذِرَكُمْ وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً فَاذْكُرُوا آَلَاءَ اللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} نوح (69) 


جاء في تفسير الطبري، عن ابْنُ عَبَّاسٍ إأنه قال: كَانَ طَالُوتُ يَوْمَئِذٍ أَعْلَمَ رَجُلٍ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ وَأَجْمَلَهُ وَأَتَمَّهُ، وَزِيَادَةُ الْجِسْمِ مِمَّا يُهِيبُ الْعَدُوَّ. وَقِيلَ: سُمِّيَ طَالُوتُ لِطُولِهِ. وَقِيلَ: زِيَادَةُ الْجِسْمِ كَانَتْ بِكَثْرَةِ مَعَانِي الْخَيْرِ وَالشَّجَاعَةِ، وَلَمْ يُرِدْ عِظَمَ الْجِسْمِ، أَلَمْ تَرَ إِلَى قَوْلِ الشاعر:
تَرَى الرَّجُلَ النَّحِيفَ فَتَزْدَرِيهِ.. وَفِي أَثْوَابِهِ أَسَدٌ هَصُورُ. 


فالعربية توسع الخير دائمًا، وكلًا وعد الله الحسنى. وقد اقتبس الإنجليز كلمة طول نفسها للتعبير عن الطول، وفي الألمانية تعني العظيم، ووصف الله نفسه في القرآن بأنه ذو الطَّوْل: {غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ} غافر (3).


فضل الطول في الحرب وسفارات الملوك والتقرب إلى الله قبل مبعث النبي:
وفي الدعاء للطبراني أن: رُقَيْقَةَ بِنْتِ أَبِي صَيْفِيِّ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ، وَكَانَتْ لُدَّةَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ قَالَتْ: تَتَابَعَتْ عَلَى قُرَيْشٍ سِنُونَ أَقْحَلَتِ الضَّرْعَ وَأَرَقَّتِ الْعَظْمَ فَبَيْنَا أَنَا رَاقِدَةٌ الْهَمِّ أَوْ مَهْمُومَةٌ فَإِذَا هَاتِفٌ يَصْرُخُ بِصَوْتٍ صَحِلٍ يَقُولُ: مَعْشَرَ قُرَيْشٍ إِنَّ هَذَا النَّبِيَّ الْمَبْعُوثَ قَدْ أَظَلَّتْكُمْ أَيَّامُهُ، وَهَذَا إِبَّانُ نُجُومِهِ فَحَيَّ هَلَّا بِالْحَيَا وَالْخِصْبِ أَلَا فَانْظُرُوا رَجُلًا مِنْكُمْ وَسِيطًا عِظَامًا جِسَامًا (وفي رواية طوالًا) أَبْيَضَ بَضًّا أَوْطَفَ الْأَهْدَابِ، سَهْلَ الْخَدَّيْنِ، أَشَمَّ الْعِرْنِينِ، لَهُ فَخْرٌ يَكْظِمُ عَلَيْهِ وَسُنَّةٌ تَهْدِي إِلَيْهِ، فَلْيَخْلُصْ هُوَ وَوَلَدُهُ وَلْيَهْبِطْ إِلَيْهِ مِنْ كُلِّ بَطْنٍ رَجُلٌ فَلْيَشُنُّوا مِنَ الْمَاءِ، وَلْيَمَسُّوا مِنَ الطِّيبِ وَيَسْتَلِمُوا الرُّكْنَ، ثُمَّ لِيَرْقَوْا أَبَا قُبَيْسٍ ثُمَّ لِيَدْعُ الرَّجُلُ وَلْيُؤَمِّنِ الْقَوْمُ فَغِثْتُمْ مَا شِئْتُمْ..


وهي فكرة جاهلية، جاء في صحيح مسلم: إِنَّ اللهَ لَا يَنْظُرُ إِلَى أَجْسَادِكُمْ، وَلَا إِلَى صُوَرِكُمْ، وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ.


قياسات الطول وأوزانه عند العرب في صدر الإسلام:

 
1 – القياس بقامات أزد شنوءة:
وجاء في صحيح البخاري أنه صلّى اللَّه عليه وسلّم قال: رَأَيْتُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي مُوسَى رَجُلًا آدَمَ طُوَالًا جَعْدًا، كَأَنَّهُ مِنْ رِجَالِ شَنُوءَةَ، وَرَأَيْتُ عِيسَى رَجُلًا مَرْبُوعًا، مَرْبُوعَ الخَلْقِ إِلَى الحُمْرَةِ وَالبَيَاضِ، سَبِطَ الرَّأْسِ، وَرَأَيْتُ مَالِكًا خَازِنَ النَّارِ، وَالدَّجَّالَ فِي آيَاتٍ أَرَاهُنَّ اللَّهُ إِيَّاهُ.
ذَكَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في صحيح مسلم، حِينَ أُسْرِيَ بِهِ، فَقَالَ: «مُوسَى آدَمُ، طُوَالٌ، كَأَنَّهُ مِنْ رِجَالِ شَنُوءَةَ»، وَقَالَ: «عِيسَى جَعْدٌ مَرْبُوعٌ»، وَذَكَرَ مَالِكًا خَازِنَ جَهَنَّمَ، وَذَكَرَ الدَّجَّالَ.


2- الصدقة ترفع المنزلة وتطيل القامة
وورد في صحيح مسلم:
أَنَّ بَعْضَ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قُلْنَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُّنَا أَسْرَعُ بِكَ لُحُوقًا؟ قَالَ: «أَطْوَلُكُنَّ يَدًا»، فَأَخَذُوا قَصَبَةً يَذْرَعُونَهَا، فَكَانَتْ سَوْدَةُ أَطْوَلَهُنَّ يَدًا، فَعَلِمْنَا بَعْدُ أَنَّمَا كَانَتْ طُولَ يَدِهَا الصَّدَقَةُ، وَكَانَتْ أَسْرَعَنَا لُحُوقًا بِهِ وَكَانَتْ تُحِبُّ الصَّدَقَةَ. 

 

وهذه من كرائم التعابير في المجاز والكنايات، فقد كنّى صاحب جوامع الكلم عن الطول بالصدقة والخير.


3- القياس بالبردة:
وجد النبي عليه الصلاة والسلام وصحابته الكرام أن شهيدهم مصعب لا تستره البرد، فستروه بطيب الأذخر.


جاء في دلائل النبوة للبيهقي عَنْ خَبَّابٍ، قَالَ: هَاجَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ نَبْتَغِي وَجْهَ اللهِ، فَوَجَبَ أَجْرُنَا عَلَى اللهِ، فَمِنَّا مَنْ ذَهَبَ لَمْ يَأْكُلْ مِنْ أَجْرِهِ، كَانَ مِنْهُمْ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ إِلَّا نَمِرَةٌ كُنَّا إِذَا غَطَّيْنَا رَأْسَهُ خَرَجَتْ رِجْلَاهُ، وَإِذَا غَطَّيْنَا رِجْلَيْهِ خَرَجَ رَأْسَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: غَطُّوا بِهَا رَأْسَهُ وَاجْعَلُوا عَلَى رِجْلَيْهِ مِنَ الْإِذْخِرِ، وَمِنَّا مَنْ أَيْنَعَتْ له ثمرته فهو يهد بِهَا. وروي مثل ذلك عن حمزة وخباب رضي الله عنهم.


ومن طوال الصحابة: الْمُغيرَة بن شُعْبَة الثَّقَفِيّ، أنه كَانَ رجلا طوَالًا ذَا هَيْبَة أَعور أُصِيبَت عينه يَوْم اليرموك كما جاء في الأخبار والمرويات.


وكان أبو حذيفة بن عتبة طوالا، وكان عبد المطلب جسيمًا أبيض وسيمًا طوالًا فصيحًا ما رآه أحد قط إلا أحبّه، وصارت إليه السّقاية والرّفادة، وشرف في قومه وعظم شأنه. وكان يعرف فيه نور النبوة وهيبة الملك. وكان العباس جميلًا وسيمًا أبيض، له ضفيرتان. ومن الطوال: عمر بن الخطاب، وبلال بن رباح، وعمار بن ياسر، وعتبة بن غزوان، والمقداد بن عمرو، وسَعِيدُ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْل، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، وعاصم بن عمر، وكان ذراعه يزيد بنحو شبر عن ذراع غيره.


4 – القياس بخط الفارس برجليه على الأرض:

جاء في سيرة ابن هشام: فَقَامَ زَيْدُ الْخَيْلِ، فَكَانَ مِنْ أَعْظَمِهِمْ خُلُقًا وَأَحْسَنِهِمْ وَجْهًا وَشِعْرًا، وَكَانَ يَرْكَبُ الْفَرَسَ الْعَظِيمَ الطّوِيلَ فَتَخُطّ رِجْلَاهُ فِي الْأَرْضِ كَأَنّهُ حِمَارٌ فَقَالَ لَهُ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -وَهُوَ لَا يَعْرِفُهُ "الْحَمْدُ لِلّهِ الّذِي أَتَى بِك مِنْ سَهْلِك وَحَزَنِك، وَسَهّلَ قَلْبَك لِلْإِيمَانِ، ثُمّ قَبَضَ عَلَى يَدِهِ فَقَالَ مَنْ أَنْتَ؟ "فَقَالَ أَنَا زَيْدُ الْخَيْلِ بْنُ مُهَلْهِلٍ وَأَنَا أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلّا اللهُ، وَأَنّك عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ فَقَالَ لَهُ: "بَلْ أَنْت زيد الخير، ثُمّ قَالَ: "يَا زَيْدُ مَا خُبّرْت عَنْ رَجُلٍ شَيْئًا قَطّ إلّا رَأَيْته دُونَ مَا خُبّرْت عَنْهُ غَيْرَك. وذكرت آلة قياس الطول هذه، وهي قياس طول قامة الفارس فوق فرسه، في الزبير بن العوام وغيره.


ويذكر ابن قتيبة في المعارف الطوال من الأشراف مثل «حبيب بن مسلمة الفهري» وكان كالمشرف على دابة لطوله.
وكان «عمر بن الخطاب» كأنه راكب والناس يمشون لطوله.


و«العباس بن عبد المطلب» كان يمشى في الطوائف كأنه عماريّة على ناقة، والناس كلهم دونه.

 

اقرأ أيضا: الأشخاص طوال القامة معرضون لخطر السرطان لهذا السبب


وكان «جرير بن عبد الله البجلي» يتفل في ذروة البعير، من طوله، وكانت نعله ذراعًا. وكان عديّ بن حاتم طويلًا، إذا ركب الفرس كادت رجله تخط في الأرض. 


5 - القياس بتقبيل الظعن:
هناك وسيلة أخرى لقياس قامة الفارس غير قياسه من فوق فرسه، وهي قياسه ببلوغه ثغر امرأته وهي في الهودج، وهي طريقة لم يعرفها قوم من الأقوام سوى العرب.


جاء في الروض الأنف: كان الذي أسر العباس أبو اليسر، واسمه كعب بن عمرو، وكان قصيرًا دميمًا، وكان العباس عظيم الخلق طويل القامة من مقبلي الظعن يعني أنه كان يدرك فم الظعينة وهي راكبة على البعير، وهو على قدميه في الأرض.


رجال الشرطة:

 
رَوَى الْبُخَارِيُّ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: كَانَ قَيْسُ بْنُ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَنْزِلَةِ صَاحِبِ الشُّرَطِ مِنَ الْأَمِيرِ. ونستفيد من هذا الخبر أن الشرطة يجب أن تكون من عظام البشر وضخامهم، وهذا ملاحظ في شرطة أوربا.


وورد في كتاب الكامل ذكر أشهر مقبّلي الظعن:
كان قيسٌ موصوفاُ مع جماعةٍ قد بذّوا الناس طولًا وجمالًا، منهم: العباس ابن عبد المطلب رحمه الله وولده، وجرير بن عبد الله البجليّ( وقد مر ذكره)، والأشعث بن قيس الكنديّ، وعديّ بن حاتم الطائيّ، وابن جذل الطعّان الكنانّي، وَكَانَ عُمَيْرٌ هَذَا مِنْ أَطْوَلِ النّاسِ وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي مُقْبِلِي الظّعُنِ وَسُمّيَ جِذْلَ الطّعّانِ لِثَبَاتِهِ فِي الْحَرْبِ كَأَنّهُ جِذْلُ شَجَرَةٍ وَاقِفٍ وَقِيلَ لِأَنّهُ كَانَ يُسْتَشْفَى بِرَأْيِهِ ، وأبو زبيدٍ الطائيّ، وزيد الخيل بن مهلهل الطائيّ (مرّ ذكره)، وكان مقبّل الظعن يقبّل المرأة على الهودج، ويقال للرجل منهم مقبّل الظعن، وكان طلحة بن عبيد الله موصوفًا بالتمام.


لقد أحصينا خمس مقادير ومنازل لقياس طول القامة عند العرب، وهي ليست آلات، هي: القياس بأزد شنوءة، وبالصدقة وبالإذخر أو البُرُد، إذا قصر البرد سدَّ نبات الأرض العطر عيبته، والخط في الأرض من على ظهر الفرس، وتقبيل الحبيبة في الهودج.


أبطال أولمبيون وأرقام قياسية:

 
وَقَدْ كَانَ قَيْسٌ هَذَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِنْ أَطْوَلِ الرِّجَالِ، وَكَانَ كَوْسَجًا(أمرد)، وَيُقَالُ إِنَّ سَرَاوِيلَهُ كَانَ يَضَعُهُ عَلَى أَنْفِهِ مَنْ يَكُونُ مِنْ أَطْوَلِ الرِّجَالِ فَتَصِلُ رِجْلَاهُ الْأَرْضَ. وَقَدْ بعث سراويله مُعَاوِيَة إِلَى مَلِكِ الرُّومِ يَقُولُ لَهُ: هَلْ عِنْدَكُمْ رجل تجئ هَذِه السَّرَاوِيل على طوله؟ فتعجب صَاحب الرُّومِ مِنْ ذَلِكَ.


وورد في كتاب ثمار القلوب في المضاف والمنسوب:
(سَرَاوِيل قيس) يضْرب مثلًا لثوب الرجل الضخم الطَّوِيل، وَكَانَ قَيْصر بعث إِلَى مُعَاوِيَة رضى الله عَنهُ بعلج من علوج الرّوم طَوِيل جسيم معجب بِكَمَال خلقته وامتداد قامته، فَعلم مُعَاوِيَة أَنه لَيْسَ لمطاولته ومقاومته إِلَّا قيس بن سعد بن عبَادَة فَإِنَّهُ كَانَ أجسم النَّاس وأطولهم، فَقَالَ لَهُ يَوْمًا وَعِنْده العلج إِذا أتيت رحلك فَابْعَثْ إِلَى بسراويلك فَعلم قيس مُرَاده فنزعها وَرمى بهَا إِلَى العلج وَالنَّاس ينظرُونَ فلبسها العلج فطالت إِلَى صَدره فَعجب النَّاس فَأَطْرَقَ الرومى مَغْلُوبًا وليمَ( من اللوم) قيس على الْبَذْل( التعري) بِحَضْرَة مُعَاوِيَة فَأَنْشد يَقُول:
أردْت لكيما يعلم النَّاس أَنَّهَا.. سَرَاوِيل قيس والوفود شُهُود
وَألا يَقُولُوا غَابَ قيس وَهَذِه.. سَرَاوِيل عادى نمته ثَمُود
وإنى من الْقَوْم اليمانين سيد.. وَمَا النَّاس إِلَّا سيد ومسود
وبز جَمِيع النَّاس أصلى ومنصبى.. وجسم بِهِ أعلو الرِّجَال مديد
ويروي المبرد في كتاب الكامل أن قيصر الروم دعا معاوية إلى مباريات في الضخامة والمصارعة فأرسل علجين أحدهما جسيم طويل والثاني أيد (قوي) فندب معاوية للأول قيس بن سعد وللثاني محمد بن الحنفية، فخلع محمد بن الحنفية العلج من مكانه فيما يشبه المصارعة أو المكاسرة وعاد العلجان مهزومين مدحورين.


قياس طول الحسناء بعلو مهوى قرطها:

 
أما طول الحسناء، فيستحسن ببعد قرطها سقوطاً على الأرض، فهي بعيدة مهوى القرط، كناية عن طول الجيد في قول أو طول القامة في قول آخر، فإذا هوى قرط الحسناء استغرق ربيعا حتى يصل الأرض، وكل وحدات القياس المذكورة، آلات مجازية ومكاييل وأمداد حضر فيها منها الآيات الأرض، ومن الأجناس المرأة ومن الأنعام الخيل والبعير، ومن الآلاء: الحب والخير، وما زالت وحدة القياس والمقدار الأثيرة المستخدمة في النظام الإمبراطوري البريطاني هي: القدم!

التعليقات (0)