هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
رأى سياسيون وخبراء عرب أن المواجهة الأخيرة بين الشعب الفلسطيني والاحتلال في القدس ثم في قطاع غزة، قد أوجدت خارطة سياسية جديدة تحولت بمقتضاها المقاومة والقضية الفلسطينية تبعا لها إلى رقم صعب يصعب تجاوزه.
واعتبر الوزير اللبناني السابق الكاتب بشارة مرهج في حديث مع "عربي21"، أن الجولة العربية والدولية التي بدأتها قيادة حركة "حماس" من المغرب والتي قادتها بعد ذلك إلى موريتانيا، تمثل تعبيرا واقعيا عن تغيير المعادلات الخاصة بالشأن الفلسطيني.
وقال مرهج: "زيارة قيادة حماس إلى المغرب ثم موريتانيا، مبادرة إيجابية لتجديد العلاقة مع الشعوب العربية هناك المؤيدة للحق الفلسطيني.. فالشعب المغربي مؤيد ومتحمس للقضية الفلسطينية، وله دور كبير على صعيد المغرب العربي في التحرك لدعم القضية الفلسطينية".
وأضاف: "لا ننسى أيضا أن النظام المغربي الرسمي له بعض الحضور بالنسبة لقضية القدس، وهو يترأس اللجنة السداسية المتخصصة بالقدس، وهناك بعض المشاريع التي تقوم بها".
وأكد مرهج أن زيارة "وفد حماس إلى المغرب مفيدة للجميع"، لكنه أكد أن تداعياتها السياسية مهمة بالنسبة للقضية الفلسطينية.
وقال: "زيارة وفد حماس إلى المغرب تمثل اعترافا وشعورا بأن المعادلات تتغير على الأرض، وأن الواقع الفلسطيني في الساحة العربية والإقليمية والدولية أصبح مرئيا وملموسا أكثر من ذي قبل وينبئ بتحولات سياسية واستراتيجية".
وأضاف: "المغرب وكل الدول العربية تشعر بأن هناك تغيرات ومعادلات جديدة بدأت على الأرض في الضفة والقطاع وأراضي 48، وهي حقائق يجب التعامل معها، هذا الشعور يتم ترجمته سياسيا باستقبال للوفود الفلسطينية الممثلة للشعب الفلسطيني".
وأكد مرهج، أنه "لا النظام العربي الرسمي ولا السلطة الفلسطينية يستطيعان بعد الآن أن يتجاهلا معالم المرحلة الجديدة من حياة المقاومة، والمتمثلة في حضور حماس على الساحة الفلسطينية في آخر معركتين".
وتابع: "هناك أناس كثيرون اعتقدوا أن المقاومة الفلسطينية قد طويت وأن الفلسطينيين يتوسلون العالم حلولا سياسيا مبتورة، لكن معركة 2014 ثم 2021 رسمت معالم خريطة جديدة".
وأشار مرهج إلى أن "الاحتلال الإسرائيلي أُعطي فرصة طويلة من العالم للوصول إلى حل سياسي مع الشعب الفلسطيني لكنه فشل في ذلك، وأنه متجه إلى مزيد من الاستيطان والتهجير، وهو واقع أثبتت المقاومة أنه غير قابل للتحقق.. وألغت الوهم الذي كان قائما بأن ترامب استطاع تصفية القضية الفلسطينية"، وفق تعبيره.
وفي مصر رأى الديبلوماسي السابق أستاذ العلوم السياسية عبد الله الأشعل، أن "معركة غزة الأخيرة بين الاحتلال والمقاومة أثبتت واقعا جديدا، دفع بالنظام العربي الرسمي ومعه النظام الدولي إلى الاعتراف بالمقاومة بأنها هي من يمثل الشعب الفلسطيني، وأن السلطة الفلسطينية لا تمثل إلا حركة فتح".
وأشار الأشعل في حديث مع "عربي21" إلى أن "إقدام الرباط ثم نواكشوط، وكلاهما نظام قوي وراسخ ويحتفظ بعلاقات قوية مع الغرب عامة ومع عواصم صنع القرار فيه، يمثل تحولا عربيا استراتيجيا في التعامل مع القضية الفلسطينية".
وقال: "علينا أن نتذكر أن الجامعة العربية كانت قد صنفت حركة حماس ضمن المنظمات الإرهابية، وأن إقدام القاهرة ثم الرباط على استضافة قيادة حماس، يعني عمليا سقوط هذا التصنيف، ليس هذا فحسب، بل إن الاجتماع الوزاري التشاوري العربي الذي استضافته الدوحة حول القدس يمثل اعترافا بالمقاومة وبالوضع الجديد الذي تمثله".
وأضاف: "أعتقد أن المعركة الأخيرة بين المقاومة والاحتلال أثبتت أن المقاومة رقم صعب لا يمكن تجاوزه، ولذلك نرى أن كل الأنظمة العربية الآن تتعامل مع المقاومة لأنها هي الممثلة للشعب الفلسطيني على الأرض".
وأكد الأشعل أن "العصر اليوم هو عصر المقاومة"، وقال: "أعتقد أن المفاوض الفلسطيني يجب عليه أن يتعامل مع المقاومة باعتبارها ورقة ضغط على الاحتلال وحلفائه، تماما مثلما كان الفيتناميون يتعاملون مع الاحتلال الأمريكي".
وعما إذا كانت خطوة التعامل العربي الرسمي مع "حماس" تمثل تحولا عربيا في التعاطي مع الشأن الفلسطيني، قال الأشعل: "من المبكر الحديث عن هذه الخطوة لأنها ستؤدي إلى صدام مع إسرائيل وأمريكا، لكن يوم حدث اتفاق أمريكي ـ إيراني سيحدث تبعا لذلك اتفاق إيراني ـ سعودي وسيحدث تبعا لذلك اتفق عربي ـ عربي"، وفق تعبيره.
وفي العاصمة الموريتانية، التي بدأ وفد "حماس" بقيادة رئيس مكتبها السياسي زيارتها اليوم، رأى الدكتور ديدي ولد السالك رئيس المركز المغاربي للدراسات الاستراتيجية في حديث مع "عربي21"، أن "زيارة وفد حماس إلى الرباط ثم نواكشوط تأتي في مسارين اثنين: أولهما أن الأطراف العربية ومن ورائها المجتمع الدولي تتعامل مع حماس كأمر واقع، والثاني أن حماس لا ترغب في البقاء معزولة عن العالم العربي وترغب في الانفتاح على الجميع".
وأكد ولد السالك أن المقاومة الإسلامية في فلسطين استطاعت أن تغير المعادلة عندما هددت أمن إسرائيل وفرضت على المجتمع الدولي العودة إلى حل الدولتين وفق مفاهيم جديدة لم تتضح معالمها حتى اليوم، وفق تعبيره.
واختتم وفد حركة "حماس" بقيادة رئيس مكتبها السياسي إسماعيل هنية مساء أمس الأحد، زيارة إلى المغرب استمرت ثلاثة أيام بدعوة رسمية من حزب "العدالة والتنمية"، قائد الائتلاف الحكومي، وتوجه، اليوم الاثنين، إلى العاصمة الموريتانية نواكشوط.
وخلال زيارته للمغرب، التقى هنية بمسؤولين حكوميين وزعماء أحزاب سياسية وهيئات حكومية وغير حكومية.
وليلة الجمعة، أقام الملك محمد السادس مأدبة عشاء على شرف هنية والوفد المرافق له، في قصر الضيافة بالعاصمة الرباط، وهو مخصص عادة لاستضافة حفلات عشاء ضيوف المغرب الكبار.
وزار هنية وكالة "بيت مال القدس الشريف" في الرباط، وقُدم له شرح حول طبيعة عمل الوكالة ودورها في مدينة القدس الفلسطينية المحتلة.
والوكالة هي الذراع الميداني للجنة القدس، التي أسستها منظمة التعاون الإسلامي عام 1975، وأُسندت رئاستها إلى العاهل المغربي الراحل الحسن الثاني، ثم لخلفه الملك محمد السادس.
وبدأ هنية جولته العربية من المغرب بعد نحو شهر من مواجهة عسكرية جديدة، بين جيش الاحتلال الإسرائيلي وفصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، بين 10 و21 أيار/ مايو الماضي.
إقرأ أيضا: وفد "حماس" يختتم أول زيارة له للمغرب ونواكشوط الوجهة التالية