هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
رغم الأجواء الإيجابية التي سادت اللقاء الذي جمع الرئيس التونسي، قيس سعيد، برئيس البرلمان، راشد الغنوشي، الخميس، إلا أن محللين قللوا من انعاكاسته على حل الأزمة الراهنة في البلاد.
ويأتي هذا اللقاء بعد أيام قليلة من طرح القيادي السابق في حركة "النهضة" الإسلامية لطفي زيتون وساطة لترتيب لقاء بين سعيّد والغنوشي، للتداول في الأزمة السياسية التي تعيشها البلاد منذ أشهر وإيجاد حلول لها.
وجاء في بيان مقتضب للرئاسة التونسية، الخميس، إن اللقاء جاء "بمناسبة الاحتفال بالذكرى 65 لتأسيس الجيش الوطني".
وفي هذا الإطار، أكد المكلف بالإعلام في حركة "النهضة" (53 مقعدا بالبرلمان من أصل 217) خليل البرعومي، أن القطبين السياسيين تباحثا في أوضاع البلاد، وكان "لقاؤهما إيجابيا".
والإثنين، أوضحت الرئاسة التونسية أنه أثيرت في اللقاء "قضايا سياسية واجتماعية وقانونية".
وكان آخر لقاء قد جمع سعيد بالغنوشي في كانون الثاني/ يناير الماضي.
نجاح مشروط
وتعليقا على الخطوة، قال الباحث والأكاديمي التونسي سامي براهم: "إلى غاية الآن من غير الواضح إذا ما كانت هذه الوساطة برغبة من زيتون أم بطلب من رئيس الجمهورية"، مضيفا أن "الأمر يبدو يتعلق برغبة في تهدئة الأوضاع".
اقرأ أيضا: لقاء ثنائي بين "سعيد" و"الغنوشي" بعد أشهر طويلة من الخلاف
وعن فرص نجاح هذه الوساطة في تقريب وجهات النظر، رأى براهم أن "فرص النجاح مشروطة بالتنازلات التي من الممكن أن يقدمها الرئيس (سعيد)، الذي أعتبره فاقدا للوعي السياسي وغير مدرك لسياقات البلد ودستوره وقوانينه"، وفق قوله.
ولفت إلى أن "سعيّد يعتبر أن الدستور لا يمكّنه من أن يكون فاعلا في المنظومة السياسية، أي إنه يريد صلاحيات أوسع، والدستور لا يسمح له بذلك".
واعتبر براهم أن "سعيد يضيق على حاله، ويضع نفسه في حالة عزلة وجمود، وهو مُكبل ويحاول تكبيل الحكومة، من أجل أن تعود له الصلاحيات الكاملة للسلطة التنفيذية، وهو اليوم محاصر بسبب ما أقدم عليه من إجراءات".
وأشار إلى أن "(سعيّد) فقد كل حلفائه وشركائه، حتى اتحاد الشغل الذي كان من الممكن أن يكون قاطرة للحوار، دخل معه في معركة عبر ترذيل الحوار الذي قاده عام 2013، وأخرج البلد من حالة الصدام السياسي، التي كان من الممكن أن تؤدي إلى الاحتراب الأهلي، حيث وصف سعيد ذلك الحوار بأنه لم يكن وطنيا".
وأفاد الخبير بأن "الحوار الذي يريده سعيد هو لقلب منظومة الحكم برمتها، في حين يجب أن يكون الحوار لحل الأزمة الاقتصادية للبلد".
وشدّد براهم على أن "سعيد انحرف بالحوار عن مقاصده وأهدافه بالدعوة إلى حوار لتأسيس لنظام سياسي جديد وتعديل الدستور لتغيير منظومة الحكم. وهذا غير ممكن، وهو نوع من الجنون السياسي، وليس له أي صيغ قانونية أو سياسية أو أخلاقية".
تقدم تنازلات
من جانبه، قال رئيس مركز "الدراسات الاستراتيجية حول المغرب العربي" عدنان منصر لـ"الأناضول"؛ إن "وساطة زيتون مثلت خطوة إيجابية، ومن المفروض أن رئيسي الجمهورية والبرلمان لا يحتاجان إلى وساطة، فهما يمثلان مؤسسة تنفيذية وأخرى تشريعية عليهما القيام بمهامهما بحسب الدستور والقوانين".
وأضاف منصر: "في المطلق، كل وساطة هي جيدة، ولكن أخشى أن تموت هذه الوساطة قبل أن تولد؛ لأننا لم نر بعد نتائج ملموسة لها".
اقرأ أيضا: المشيشي: لن أستقيل من رئاسة الحكومة التونسية (شاهد)
وتابع قائلا: "أعتقد أن رئيس الجمهورية ليس متحمسا لهذه المبادرة، ولم يصرح بقبول الوساطة".
وزاد: "رغم النوايا الطيبة لزيتون، فإني أستبعد أن يكون لوساطته نتائج، لأن أحدا من الطرفين (سعيد والغنوشي) غير مستعد لتقديم تنازلات".
واعتبر منصر أن "في عدم التنازل خطأ، في ظل أزمة صحية تعيشها البلاد بسبب وباء كورونا الذي يحصد عشرات الأرواح يوميا، وهذا يفترض توفر حسّ المسؤولية لدى مسؤولي الدولة".
وشدّد على أن "لا أحد قادر على توقع أفق لحلحلة الأزمة السياسية؛ لأن كل طرف في السلطة متمسك برأيه وغير قابل لتقديم تنازلات، كما لا توجد حاليا أي مبادرة قادرة على جمع الطرفين (سعيّد والغنوشي) للحوار".
وأضاف منصر: "لا يوجد أي مؤشر حاليا على انفراج قريب للأزمة، بل الأزمة تتجه نحو مزيد من التعقيد".
وفي 15 حزيران/يونيو الجاري، أعلن الغنوشي أن سعيد وافق على الإشراف على "حوار وطني" لحل الأزمة السياسية التي تمر بها البلاد منذ أشهر.
وتمر تونس بأزمة سياسية إثر الخلافات بين سعيد ورئيس الحكومة هشام المشيشي، بسبب تعديل وزاري أعلنه الأخير في 16 كانون الثاني/ يناير الماضي.
ورغم مصادقة البرلمان على التعديل، فإن سعيد يرفض دعوة الوزراء الجدد لأداء اليمين الدستورية أمامه، معتبرا أن التعديل شابته "خروقات"، وهو ما يرفضه المشيشي.