ملفات وتقارير

ماذا جنى المصريون من "30 يونيو" بعد مرور 8 سنوات؟

 "30 يونيو" مهدت لانقلاب السيسي ضد أول رئيس مدني منتخب في مصر- جيتي
"30 يونيو" مهدت لانقلاب السيسي ضد أول رئيس مدني منتخب في مصر- جيتي

تحل، الأربعاء، الذكرى الثامنة لأحداث 30 حزيران/ يونيو 2013، التي مهدت لانقلاب قائد الجيش حينها عبدالفتاح السيسي، على أول رئيس مدني منتخب في مصر، الرئيس الراحل محمد مرسي، والتي يعتبرها أنصار السيسي "ثورة".

ومنذ "30 يونيو"، تراجعت أحلام المصريين التي تفجرت مع ثورة كانون الثاني/ يناير 2011، بالعيش الكريم والحرية، والعدالة الاجتماعية، وسلك النظام العسكري الحاكم مسلكا مغايرا لطموحات حتى من أيدوه، ما جعل الكثيرين منهم يراجعون مواقفهم ويعارضون النظام.

ولكن السؤال: هل قادت أحداث 30 يونيو 2013، بعد مرور 8 سنوات عليها، مصر إلى تحقيق مكاسب حقيقية استفاد منها المصريون وأنقذتهم من الفقر البطالة والغلاء؟ أم أنها تسببت في خسائر للدولة والشعب المصري؟

إعلام النظام المصري، وقبل أيام من ذكرى 30 يونيو، تحدث طويلا عن إنجازات النظام خلال 8 سنوات، خاصة المدن الجديدة، كالعاصمة الإدارية والعلمين الجديدة والجلالة، والطرق الجديدة والكباري، وكذلك حفر تفريعة قناة السويس.

 

 

 


"هذه خسائر مصر"

وفي إجابته عن التساؤل المطروح، أكد السياسي المصري المهندس سمير عليش، بحديثه مع "عربي21"، أن حجم الخسائر المصرية في 8 سنوات من 30 يونيو كبيرة، وعلى كل المستويات، السياسية والاقتصادية والخارجية والداخلية.

وقال: "أهم الخسائر التي منيت بها مصر كانت باتفاقيات ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية نيسان/ أبريل 2016، التي نتج عنها تنازل مصر عن جزيرتي (تيران وصنافير)، وما تبع ذلك من خسائر استراتيجية وأمنية وسياسية واقتصادية". 

المتحدث باسم "الجبهة الوطنية للتغيير" سابقا، أشار أيضا إلى "خسائر مصر من اتفاقيات ترسيم الحدود البحرية مع قبرص واليونان، وقبلهما إسرائيل، وما تلاها من تقسيم بحري لحقول البترول والغاز بالمنطقة الاقتصادية في البحر المتوسط". 

وأكد أنه "من أكثر خسائر مصر نتيجة 30 يونيو كانت اتفاقية مبادئ السد الإثيوبي التي عقدها السيسي في 23 آذار/ مارس 2015"، والتي خسرت مصر بتوقيعها حصتها التاريخية من مياه النيل والبالغة 55 مليار متر مكعب، وتواجه التعنت الإثيوبي بملف المياه.

وداخليا، تحدث عليش عن "خسارة مصر الكبيرة بسبب التعديلات الدستورية الفاشية"، التي تم الاستفتاء عليها في نيسان/ أبريل 2019، ومنحت السيسي سلطات واسعة، ومنحته الحق في حكم البلاد حتى عام 2030، وزادت المدة الرئاسية لـ6 سنوات.

وألمح إلى "الانهيار الكامل لحرية الإعلام طوال 8 سنوات، إلى جانب بناء جمهورية الخوف"، في إشارة إلى بطش النظام العسكري الحاكم بالمعارضين واعتقالهم، وإصدار الأحكام القاسية التي تصل للإعدام، وتكميم الأفواه، وسيطرة النظام على وسائل الإعلام، وتجريم النشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وفي الجانب الاقتصادي، أكد عليش أن خسائر مصر في هذا الإطار لا حد لها، مشيرا إلى "الديون الداخلية والخارجية الباهظة وغير المسبوقة، وأنها تضاعفت 5 مرات عما كانت عليه منذ 5 سنوات".
 
وسجلت ديون مصر الخارجية حتى نهاية كانون الأول/ ديسمبر 2020 نحو 129.195 مليار دولار، ومنذ وصول السيسي للحكم، كان حجم الدين 46 مليار دولار، وتضاعفت ديون مصر، مسجلة ارتفاعا بنسبة 175 بالمئة، وفق صندوق النقد الدولي.

ولفت عليش إلى جانب آخر من الخسائر، وهو "انهيار مدخرات المصريين إثر قرار النظام بتحرير سعر صرف الجنيه في تشرين الثاني/ نوفمبر 2016، والذي أدى لارتفاع نسب الفقر بالبلاد، وانهيار الطبقة الوسطى".
 
وتحدث عن "العدالة المسيسة، نتيجة تدخل السلطة في عمل القضاء وتوجيهه، وإصدار آلاف الأحكام القاسية بحق أكثر من 60 ألف معتقل مصري بالسجون منذ 8 سنوات". 

وأشار إلى أنه حتى المشروعات التي أقامها النظام منذ 30 يونيو وتكلفت مليارات الدولارات تمت دون دراسات جدوى مثل تفريعة قناة السويس".

ولفت إلى ما اعتبره "تراجعا خطيرا في رأس المال والقوى الناعمة، وانهيار الأخلاق والسلوكيات، وازدياد نسبة الأمية، وعدم الاهتمام بالتعليم والصحة، وارتفاع هجرة العقول، وابتعاد حلم الدولة الديمقراطية المدنية الحديثة، وتوثيق الارتباط بالصهيونية وعملائها العرب".
 
وحول الإنجازات، يرى عليش أن "أهمها في الحجر ببناء مدن وطرق وكباري ومشروعات للنقل لخدمة العاصمة الإدارية، ومدينة الجلالة والعلمين الجديدة، وتطوير العشوائيات، واستكمال المشروعات القديمة مثل متحف الحضارة، ومشروعات تحلية المياه وتدوير مياه المجاري والطاقة الشمسية، وارتفاع مستوى التسليح".

"أصغر وأضعف وأقل قيمة"

القيادي في حزب "الحرية والعدالة"، الدكتور أحمد رامي الحوفي، جزم في حديثه لـ"عربي21"، بأنه لا توجد مكاسب لمصر ولا المصريين بعد 8 سنوات من 30 يونيو، موضحا أن "الخسارة على كافة الأصعدة".

وقال إن "مصر الآن أصغر وأضعف وأقل قيمة، وبالجغرافيا فقدت جزيرتي (تيران وصنافير)، وبالثقل الاستراتيجي فقدت جزءا مؤثرا من مياه النيل بناء على تنازلها عن حقها في ضمان وصول المياه لها، وهو ما لم يحدث منذ نشأة مصر التي نسبت للنيل فهي هبته".

وأضاف الحوفي: "وفي المكانة، صارت تابعة لدول أخرى كانت لوقت قريب أقل منها مكانة ووزنا"، مبينا أن "مصر تفقد ذاتها كل يوم إما بمحاصرة عناصر قوتها الناعمة كالأزهر الشريف على سبيل المثال لا الحصر".

ولفت أيضا إلى "إهدار إمكانياتها المادية من مياه نيل، وغاز البحر المتوسط، وجزيرتين كانتا تضيفان إليها ثقلا استراتيجيا".
 
وداخليا، يرى الحوفي أن مصر خسرت "المؤسسات وقيمتها ورسالتها"، متسائلا عن "مبرر وجود الجيش إذا كانت مياه النيل تضيع وهو صامت؟ وهل حقا بات لا يتعدى كونه أداة لحماية السلطة ضد الشعب؟".
 
وألمح لما حل بمؤسسات "القضاء التي أصبحت أحكامه التي تصدر باسم الشعب لا تخدم الشعب وصار أداة تنكيل بالمعارضين، كما فقدت مؤسسات التمثيل النيابي المصداقية"، معتبرا أنه "انهيار بأعمدة الدولة فلا سلطة تنفيذية أو قضائية أو تشريعية تحظى بثقة المصريين".
 
وأكد السياسي المصري أن ما يروجه النظام حول بناء عاصمة جديدة ومدن الجلالة والعلمين وطرق جديدة وكباري كثيرة، لم تؤثر إيجابا على المواطن، ولم تحسن معيشته، فقد زادت نسب الفقر لحد غير مسبوق، (60 بالمئة وفقا لتقرير البنك الدولي عام 2019)".
 
وأشار إلى أن "إنشاء هذه المنشآت دون رقابة يزيد احتمالات الفساد الذي يفضي حتما لإهدار الأموال، فضلا عن أن أغلب المشروعات لم يكن لها مردود، بما فيها المشروعات الأكبر كتوسعة قناة السويس على سبيل المثال".
 
وأكد أن "هذا طبيعي في ظل غياب الأسس التي يتم تحديد الأولويات عليها لخدمة المصريين"، خاتما بقوله: "الخلاصة أن النظام الذي نشأ بطريقة غير شرعية (الانقلاب) فشل ببناء أي درجة من درجات المشروعية سواء الأخلاقية أو عبر مشروعية الإنجاز". 

"أثمان باهظة"

ويعتقد الخبير الاقتصادي المصري الدكتور أحمد ذكرالله، أن "30 يونيو كلها خسائر"، مضيفا أنه "توجد مدارس اقتصادية متعددة، ولكن المدرسة التي أنتمي إليها تشير إلى أن الحرية حجر ارتكاز وزاوية رئيسية بالنسبة لتحقيق التنمية الاقتصادية".
 
رئيس قسم الدراسات الاقتصادية بأكاديمية العلاقات الدولية، أكد بحديثه لـ"عربي21"، أنه "ولذا فإن الانقضاض على الحريات من خلال 30 يونيو، كان وأدا لأمل التنمية الاقتصادية عند المصريين". 

وجزم بأنه "من الصعب تحقيق تنمية إلا بمعدلات إما وهمية أو مؤشرات هامشية ضعيفة دون الحرية؛ ففي دولة الحرية يكون التركيز على الخدمات الأساسية المقدمة للمواطن كالصحة والتعليم وغيرها من الأمور التي تمس عصب الحياة الرئيسي، والتي تشير للتنمية البشرية التي هي عماد التنمية".
 
وقال إن "ما حدث بعد 30 يونيو كله خسائر بداية من المشروع الأول بحفر تفريعة قناة السويس الذي بلغت خسائره 8 مليار دولار، ثم توالت الخسائر بمشروعات تروج للحاكم أكثر منها للدولة من بناء قصور رئاسية وعاصمة جديدة وغيرها".
 
وأكد الخبير الاقتصادي، أن "المواطن دفع أثمان ذلك من رفاهيته ومعيشته وقوته الرئيسي، برفع الدعم عن كل مقررات حياته بصورة متدرجة عن الوقود، والسلع التموينية، والكهرباء، وتذاكر القطارات، ومترو الأنفاق، وأتوبيسات النقل العام، وغيرها". 

وتابع: "بالتالي نحن أمام مزيد من التحميل على المواطن طوال 8 سنوات، ودفعه ليكون جيبه حجر الزاوية لتمويل الموازنة العامة للدولة". 

ولفت إلى أنه "في المقابل لم تؤت المؤشرات الاقتصادية ثمارها، إلا بأمور هامشية ليس لها علاقة بالقطاعات الإنتاجية الرئيسية كالزراعة والصناعة، ولم تتطور الخدمات المقدمة للمواطنين، بل تأخرت لحد كبير".
 
وختم ذكر الله حديثه بالقول: "وبالتالي نتيجة 30 يونيو كلها خسائر ومغارم على المصريين وليس منها مكاسب".
 
"سابق الزمن"

وعلى الجانب الآخر، أكد رئيس حزب "الجيل" ومنسق الائتلاف الوطني للأحزاب، ناجي الشهابي، أن السيسي "سابق الزمن ليحقق إنجازا وراء إنجاز بكل المجالات الاقتصادية والاجتماعية الزراعية والصناعية".
 
وأضاف في رسالته إلى "عربي21"، أن "البداية من مجال البنية التحتية، والذي أقام فيه شبكة طرق وكباري نقلت مصر إلى العالمية، وقفزت بها لتكون بجوار دول العالم المتقدم".

الأكاديمي المصري نادر فرجاني، أكد عبر صفحته بـ"فيسبوك"، أنه لو فشل انقلاب ٣٠ يونيو 2013، لكان قد تم اعتقال السيسي، بتهمة الخيانة العظمى، ولسجن أعضاء حركة تمرد الممولة من الإمارات بدلا من دخولهم البرلمان. 

وأضاف: "ولكان شعب مصر يستعد للانتخابات التشريعية والرئاسية الديمقراطية الحرة الثالثة بعد ثورة يناير2011، ولكانت مصر نجت من مذابح الإبادة الجماعية التي تلت الانقلاب، ومن سجن عشرات آلاف الأحرار الأبرياء، ومن إزهاق أرواح العشرات الذين أعدموا زورا، والذين توفوا وهم سجناء". 

وواصل حديثه: ولظلت جزيرتا تيران وصنافير تحت العلم المصري، ولظل نهر النيل يفيض سنويا، ولصارت مصر مكتفية من الغاز والبترول، ولما تفاقمت أسعار الكهرباء والبنزين، والنقل الجماعي، ورسوم التعليم.

 

التعليقات (2)
الثورة فرض كالصلاة
الثلاثاء، 29-06-2021 04:45 ص
الجواب على المصرين عند أهل الجزائر المساكين 30 عام بعد إنقلاب اللصوص لا يوجد حتى الماء ?إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ?
فريد
الثلاثاء، 29-06-2021 03:37 ص
سيسي مصر بيشتم في ثورة يناير وهو عارف ان لولا هذه الصورة كان زمانه رئيس حي او اقصاها محافظ بيدي التحية لجمال مبارك وكان زمان طنط انتصار بتقبل ايد ابلة خديجة جمال مبارك