هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
انتقدت صحيفة "هآرتس" العبرية، جيش الاحتلال الإسرائيلي بشكل لاذع، لأنه لم يعد منذ فترة طويلة "السيد" في المناطق، وفقد القدرة على أن يقرر أو حتى أن يوصي في كل ما يتعلق بسلوك حكومات الاحتلال المختلفة.
وأوضحت الصحيفة في مقال نشرته للكاتب تسفي برئيل، أن هناك "شكوى قاسية طرحتها شخصيات رفيعة في جهاز الأمن، بأنه في الوقت الذي كانت فيه هذه الشخصيات مجتمعة مع رئيس الأركان، أفيف كوخافي، للمصادقة على خطط عملية إخلاء بؤرة "أفيتار" الاستيطانية، عرف من وسائل الإعلام عن الحل الوسط الذي يمكن أن يبقي المباني في البؤرة الاستيطانية على حالها".
وأضافت: "المفاجأة كانت كبيرة بشكل خاص، عندما تبين لهم أن وزير الجيش بني غانتس شارك في حياكة الحل الوسط هذا، لأن غانتس نفسه هو الذي صك قبل يومين المقولة الخالدة "حكم هذا المكان هو الإخلاء، وهذا الموضوع سيتم علاجه بصورة حساسة ومصممة جدا".
وقالت: "للحظة أنت تشعر بالحزن من ازدراء الحكومة للجيش، لأنها لم تطلعه أولا بأول وعملت من خلف ظهره، ولكن الرحمة حل محلها الغضب؛ فالحكومة لا تتعامل باحترام مع "السيد" على الأرض، في الوقت الذي يطرح فيه موقف قاطع وواضح يطالب – لا يقترح ولا يريد ولا يوصي – بإخلاء البؤرة الاستيطانية، ليس فقط لأنها أقيمت بصورة غير قانونية، بل لأن وجودها كما يقول كبار الجيش يمكن أن يؤدي إلى ضعضعة الأمن في المناطق".
ونبهت الصحيفة، أن "الجيش دائما كان العامل الذي منح حكومات إسرائيل الذريعة لإقامة المستوطنات والبؤر الاستيطانية بذرائع أمنية، بدءا من خطة "ألون" والاستيطان في غور الأردن ومرورا بموقع "الناحل" وإقامة قواعد صغيرة ووهمية، لاستخدامها كمهاد لإقامة المستوطنات عليها وانتهاء بسرقة مركز مدينة الخليل".
اقرأ أيضا: "بيتا" تواجه "أفيتار" بأسلوب "غزة"
وكشفت أن "إقامة بؤرة "أفيتار" بدأ بموقع عسكري تم تفكيكه لأنه لم يساهم في الأمن، لكنه ترك خلفه أمر وضع اليد على الأرض بدلا من إعادتها لأصحابها الفلسطينيين".
وتساءلت: "هل يقول الآن الجيش إن هذه البؤرة يمكن أن تضر بالأمن؟ هل تذكر أن يحتج على المفهوم الأمني الذي خدم الاحتلال والاستيلاء غير القانوني على مدى عقود؟ فإذا كان الأمر هكذا، فبماذا تختلف مكانة "أفيتار" عن مكانة "كريات أربع" بالخليل؟ وبماذا تختلف عن الاستيطان في الخليل وتفوح ومئات المستوطنات الأخرى؟".
وأكدت "هآرتس"، أن "مركز النزاع والذريعة الأساسية للهياج هي المستوطنات، دون أي صلة بالغطاء القانوني الوهمي الذي تعطيها إياه إسرائيل، ومن المضحك بشكل خاص الادعاء حول المس المتوقع بالسلطة الفلسطينية والصراع أمام حماس بسبب هذه البؤرة".
ونوهت إلى أن "الجيش في المقابل، يعتبر أراضي الضفة الموجودة تحت سيطرة السلطة مناطق للتدريب، وبيوت السكان الفلسطينيين منشآت للتدريب على القتال في المناطق المأهولة، وحتى لا يشاهد الجيش اعتداء المستوطنين على الفلسطينيين، يضع عصبة سميكة على عيونه"، مؤكدة أن "الجيش يتفوق في المس بمكانة السلطة الفلسطينية".
وتابعت: "الأكثر أهمية من ذلك، أن الجيش فقد منذ فترة طويلة الحق في أن يكون عاملا حاسما أو حتى موصيا في كل ما يتعلق بسلوك حكومات إسرائيل في المناطق".
وذكرت الصحيفة، أن "مفهوم "السيد في المناطق" لم يعد له أي معنى، فالجيش يسيطر فقط على لوحة المفاتيح التي تقوم بكتابة الأوامر التي تمليها عليه الحكومة، فالحكومة تقرر والجيش ينفذ، ولكن الوضع الذي يكون فيه المستوطنون هم الذين يقررون السياسة ويملون على الحكومة سياستها وطبيعة تنفيذها، فإن الحكومة نفسها تحولت لهيئة وهمية، لوحة مفاتيح ينبثق عنها أوامر هدم لسلطة القانون، وعلى الطريق تقوم بمنع الجيش من القيام بمهمته".