سياسة عربية

تهميش للأحزاب بتشكيل الحكومة الجزائرية وتفضيل للتكنوقراط

"أغلبية رئاسية" في الحكومة الجزائرية الجديدة وتمثيل ضعيف للأحزاب- جيتي
"أغلبية رئاسية" في الحكومة الجزائرية الجديدة وتمثيل ضعيف للأحزاب- جيتي

لم تحصل الأحزاب الممثلة في البرلمان الجزائري، التي أعلنت عن مساندتها للرئيس عبد المجيد تبون، سوى على ثمانية حقائب وزارية في الحكومة الجديدة، ما أثار جدلا حول دوافع هذا الخيار، وتفضيل وزراء التكنوقراط.


وتوزّعت الوزارات، على أربعة أحزاب فائزة في الانتخابات التشريعية الأخيرة، التي يبلغ وزنها في البرلمان حوالي 300 مقعد، بحيث نالت جبهة التحرير الوطني ثلاث حقائب، بينما حصل كل من التجمع الوطني الديمقراطي وجبهة المستقبل على وزارتين، ومُنحت لحركة البناء الوطني التي تنتمي للتيار الإسلامي وزارة وحيدة.


وفضلا عن العدد الزهيد من الحقائب، فإن الأحزاب المساندة للرئيس لم تمنح وزارات سيادية، وقد عادت لشخصيات تكنوقراطية تحظى بثقة الرئيس، مثل وزير الداخلية كمال بلجود ووزير الخارجية رمطان لعمامرة وهو من أبرز العائدين إلى الحكومة.

 

اقرأ أيضا: الإعلان عن الحكومة الجديدة في الجزائر.. "أغلبية رئاسية"

واحتفظ الرئيس عموما بسبعة عشر اسما من الحكومة السابقة، من أهمهم وزير السكن طارق بلعريبي ووزير الاتصال عمار بلحيمر والتجارة كمال رزيق وهما في الأصل كانا يدرسان في الجامعة.


آراء الأحزاب


وفي تعليق الأحزاب على هذه الخيارات، قال الطيب زيتوني الأمين العام للتجمع الوطني الديمقراطي، إن حزبه اختار أن يكون في الحكومة، ويساند الرئيس تبون، ولا يفكر أبدا بمنطق اقتسام الغنائم.


وأوضح زيتوني في كلمة له عقب الإعلان عن التشكيلة، أن حزبه حصل على وزارتين هما الثقافة والشباب والرياضة، وسيعمل على أن يكون قوة اقتراح في البرلمان لمساعدة الحكومة في عملها.


لكن أحمد الدان القيادي في حركة البناء التي حصلت على وزارة التكوين المهني فقط، كان أقل تحفظا من سابقه، وأشار إلى أن تمثيل الأحزاب في الحكومة قليل، ولا يعكس الطموحات المنتظرة في تشكيل حكومة سياسية.


وبحسب ناصر حمدادوش، مسؤول الإعلام في حركة مجتمع السلم، فإن تهميش دور الأحزاب يؤكد صواب قرار حزبه الذي احتل المرتبة الثانية بين الأحزاب في الانتخابات، بعدم المشاركة في الحكومة.


وقال حمدادوش لـ"عربي21"، إن الحضور القليل للأحزاب في الحكومة، هو توجه غير طبيعي في الحياة السياسية، إذ إن الديمقراطية تُبنى على التنافس بين الأحزاب.


وأوضح أن عدم اعتبار نتائج الانتخابات والبعد السياسي في تشكيل الحكومة، رغم هرولة الأحزاب للمساندة وإلغاء برامجها، يدل على انتكاسة في الحياة السياسية في البلاد.


وأشار حمدادوش إلى أن النظام السياسي يمارس نوع من الانقلاب على المنطق الديمقراطي المعمول به في العالم، مشيرا إلى أن المنظومة بقيت وفية لنفس النهج وبأشكال مختلفة، وهو ما برز حسبه بالتوجه نحو المجتمع المدني والأحرار والتكنوقراط، سواء في الترشح أو نتائج الانتخابات أو تشكيلة الحكومة أو رئاسة المجلس الشعبي الوطني.


أسباب تفضيل التكنوقراط


لكن ثمة من يرى عكس ذلك، أن الرئيس باعتباره حصل على أغلبية رئاسية في البرلمان، فلا يوجد ما يمنعه من اختيار الوزراء الذين يراهم مناسبين لتنفيذ برنامجه.


ويميز الدستور الجزائري الجديد، بين حالتي الأغلبية الرئاسية التي يقود فيها الحكومة وزير أول ينفذ برنامج الرئيس، والأغلبية البرلمانية التي يكون فيها الرئيس مجبرا على تعيين رئيس حكومة يطبق برنامج هذه الأغلبية.


وتقدم أستاذة العلوم السياسية لويزة آيت حمادوش، فرضيتين في تفسير أسباب تفضيل السلطة للشخصيات التكنوقراطية على الأحزاب في تشكيل حكوماتها منذ فترة طويلة.

 

اقرأ أيضا: الرئيس الجزائري يكلف أيمن عبد الرحمان بتشكيل حكومة جديدة

وقالت آيت حمادوش في تصريح لـ"عربي21"، إن السلطة إما أنها لم تتمكن من إعادة التأسيس لقاعدة اجتماعية سياسية تستطيع بناء تحالف رئاسي، وأسباب ذلك عديدة، أو أنها تعد أن التحديات كبيرة وخطيرة وتعتقد انه من الأحسن تحميل مسؤولية قرارات قاسية لتقنوقراط.


ولأن التوجه الحالي يعطي أولوية لمواجهة الأزمة الاقتصادية وتداعياتها الاجتماعية الواسعة، فإن الاختيار وفق بعض القراءات، وقع على شخصيات بعيدة عن المنطق السياسي الحزبي.


رؤية اقتصادية


وفي قراءة لتشكيلة الحكومة، يقول هارون عمر أستاذ الاقتصاد بجامعة المدية، إن التغيير الهيكلي  الأساسي الذي وقع هو احتفاظ الوزير الأول بحقيبة المالية، وهو الذي كان يشغلها في حكومة عبد العزيز جراد وقبلها كان محافظا لبنك الجزائر.


وأبرز هارون عمر أن هذا التغيير يوحي بأن الوزير الأول الجديد يملك رغبة ملحة في تنفيذ مجموعة من الإصلاحات الهيكلية العميقة في المنظومة الاقتصادية الكلية في استكمال للعمل الذي قام به سابقا.


ويشير المتحدث إلى أن أهم الورشات التي ستفتح، تلك المتعلقة بالمنظومة الضريبية والجمركية والنظام المصرفي الذي بالتأكيد سيعمق المعاملات الإسلامية، بالإضافة إلى قيمة الدينار الجزائري وسياسات الدعم الحكومية التي تحتاج هي الأخرى إلى مراجعات عميقة، ناهيك عن محاولة إحياء البورصة الجزائرية والإشراف على التنسيق بين مختلف الدوائر الوزارية لإطلاق قانون الاستثمار.


وأكد أستاذ الاقتصاد أن قانون الاستثمار سيعول عليه لجلب الاستثمارات الأجنبية المباشرة التي لم تعرف طريقا للجزائر منذ ما قبل الحراك الشعبي، وهذا يعني أن الرئيس "أحس بأهمية وثقل الملفات الاقتصادية وقدم للوزير الأول الجديد صكا على بياض في الملف الاقتصادي، وهذا ما تأكد في اختيار أصحاب الحقائب الاقتصادية، إذ إنه رغم كونهم متحزبين فإنهم حاملون لشهادات عليا في تخصصاتهم على غرار وزراء الصناعة والصيد البحري والانتقال الطاقوي"، وفق قوله.


لكن الملاحظ من خلال الوزارات المستحدثة، وفق قراءة هارون عمر، هو "غلبة السياسات المالية العامة على نظيرتها النقدية، ما قد يؤثر بشكل كبير على التوازنات النقدية والاقتصادية الكبرى في البلاد، وهو ما يجعلنا ننادي بالتوجه نحو المقاربات الاقتصادية لخلق توازن بين السياسة المالية ونظيرتها النقدية".

التعليقات (1)
ناقد لا حاقد
السبت، 10-07-2021 12:17 م
للتذكير من يعد هاته الاخبار كان في قنوات العار و اقصد محمد سالم معروف بمقابلته مع رموز العصابة مثل بن قرينة الذي يمثل وجه العصابة المتأسلم .........اخبارك بلا معنى بما انك تصف تبون بالرئيس و هو لا يختلف عن السيسي في مصر ............