ملفات وتقارير

هل تلجأ مصر لـ"إسرائيل" لحل أزمة سد النهضة مع إثيوبيا

سد النهضة- الاناضول
سد النهضة- الاناضول

"السياسة الخارجية لا تعرف المثاليات".. تحت هذه العبارة دعا الدبلوماسي المصري السابق، مصطفى الفقي، بلاده إلى تجاوز كل الخطوط، واستخدام كل الأوراق، والاستعانة بإسرائيل في نزاع ملف سد "النهضة" الإثيوبي.


دعوة الفقي لطلب الدعم من إسرائيل خلال لقاء تلفزيوني عبر أحد البرامج على قناة mbc التابعة للسعودية لم تكن الأولى من نوعها، بل كانت الثانية خلال أقل من أسبوع، وذلك بعد أن استنفدت مصر كل الوسائل الدبلوماسية والسياسة لحل النزاع مع إثيوبيا.

 

اقرأ أيضا: دبلوماسي إسرائيلي: حرب سد النهضة تقترب وعلينا الابتعاد

ويرى الفقي، السياسي والدبلوماسي المخضرم، ومدير مكتبة الإسكندرية الأكبر والأعرق بالمنطقة، أن مصر عليها الاعتماد على الحلول غير التقليدية، والاتصالات مع الدول صاحبة التأثير لحل الأزمة، مشيرا إلى أن الموقفين الأمريكي والروسي سيتغيران إذا اقتنعت إسرائيل بضرورة دعم مصر.

 


وأكد في أكثر من مناسبة أن لإسرائيل تأثيرا بملف سد النهضة؛ لأنها تحلم أن تكون إحدى دول مصب نهر النيل منذ عهد الرئيس الراحل محمد أنور السادات، وأنها من تحمي السد، لافتا إلى أن "بعض الكروت لم تستخدمها مصر من أجل الضغط على إثيوبيا، بينها الحديث مع إسرائيل".


الفقي الذي عمل سكرتيرًا للمعلومات للرئيس المصري الراحل محمد حسني مبارك بين عامي 1985 و1992، طرح قبل سنوات الدور الإسرائيلي في حل الأزمة، وقال خلال لقاء تلفزيوني على القناة والبرنامج ذاتهما عام 2019، إن من يملك الضغط على إثيوبيا بالدرجة الأولى هي إسرائيل؛ لأنها حامية السد والمدافعة عنه".



وترتبط إثيوبيا بعلاقات قوية مع إسرائيل؛ في إطار مساعي الأخيرة لوضع قدمها في القارة الأفريقية، خاصة شرق القارة والقرن الأفريقي، وكان رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد قام بأول زيارة رسمية إلى إسرائيل في آب/ أغسطس 2019.


وخلال تلك الزيارة، حصل آبي أحمد على دعم إسرائيلي قوي بمساعدة بلاده على الاستفادة من مواردها المائية في تطوير الزراعة، وتزويدها بالتكنولوجيا الإسرائيلية، وتزويدها بأحدث نظام دفاع جوي إسرائيلي هو "سبايدر إم أر" (Spyder MR)، الذي يمكنها من إسقاط الطائرات المقاتلة على مسافة 50 كم.


لا طائل من وراء إسرائيل


أعرب الخبير في شؤون دراسات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، الدكتور خيري عمر، عن اعتقاده بأن "الطرح الذي قدمه الفقي يصب في صالح إسرائيل، في إشارة إلى مطامعها في مياه النيل، ورغبتها في أن تتحول إلى دولة مصب".


ولكنه أكد في تصريحات لـ"عربي21"، أنه "لا فائدة من طلب الدعم والمساندة من إسرائيل في ظل فشل كل مساعي مصر الدبلوماسية لحل الأزمة مع إثيوبيا، والأمر برمته غير ذي جدوى، ويطيل أمد التفاوض، وتظل مصر في مكانها".

 

اقرأ أيضا: لماذا انقلب بوتين على السيسي بملف سد النهضة؟

واستبعد الخبير في شؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ليس من واقع مسؤولية، أن يتم التحرك في هذا الصدد، قائلا: "ثمة كلام بأن اقتناع إسرائيل بمطالب مصر تجاه سد النهضة يمكن أن يشكل مقدمة للحل أو التسوية، ما يشكل مصدراً لمزيد من الإنهاك في الملفات الحيوية".


ونشطت إسرائيل خلال السنوات الأخيرة الماضية في أعقاب ثورات الربيع العربي في التقرب إلى دول الشرق الأفريقي، وحظيت زيارة رئيس الوزراء الإثيوبي السابق هايلي ماريام ديسالين إسرائيل في حزيران/ يونيو 2017، بدعوة رسمية من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بحفاوة كبيرة في أوساط البلاد.


وكان نتنياهو قد زار إثيوبيا في تموز/ يوليو 2016، ضمن جولة أفريقية شملت أيضا أوغندا ورواندا وكينيا، وتعهد حينها من أديس أبابا بدعم مشاريع التنمية، وتحديث الزراعة، والتحول التكنولوجي، والتعليم، والصحة، والثروة الحيوانية في إثيوبيا.


مخطط صهيوني قديم


وحذر البرلماني المصري السابق، أمير بسام، من أبعاد مقترح الدبلوماسي المصري مصطفى الفقي، مهندس العديد من الصفقات السياسية، حيث اعتبر أن "طلب مساعدة دولة الاحتلال في قضية سد النهضة هو حلقة من حلقات المخطط الصهيوني؛ من أجل مرور النيل إلى أراضيها".


وأعرب عن توقعه، في تصريحات لـ"عربي21"، "أن يكون هذا الفشل في المفاوضات مخطط له من أجل تبرير اللجوء لدولة الاحتلال، التي تربطها علاقات قوية مع أديس أبابا، وتقوم بحماية السد لحين الانتهاء من إنشائه، ولا أستبعد أن يتحول مقترح الفقي إلى واقع وحقيقة".


ورأى أن "هناك مصالح مشتركة بين الكيان الصهيوني وإثيوبيا، ولن تمانع الأخيرة في إطالة فترة ملء خزان سد النهضة مقابل تعهد مصر بتوصيل مياه نهر النيل للكيان المغتصب، مشيرا إلى أنه "يتم العمل في صمت تام على سحارات سرابيوم، التي ستنقل مياه النيل تحت قناة السويس إلى العدو الصهيوني".


من جهته، وصف الأكاديمي المصري، الدكتور عادل دوبان، ما يجري بأنه عصر "بيع المياه"، وقال: "لا تستغرب إذا تضمن أي اتفاق مستقبلي مع إثيوبيا بيع كميات من مياه النيل لإسرائيل تمر بمصر، من خلال سحارة سرابيوم تحت قناة السويس وعبر سيناء إلى صحراء النقب".


وأضاف في منشور له على صفحته فيسبوك: "إسرائيل تعمل لتنفيذ حلمها القديم الذى عرضه هرتزل على سلطات الاحتلال البريطاني لمصر في بدايات القرن العشرين، ثم أعاد طرح الطلب مناحم بيجين على السادات ووافق عليه الأخير، لكنه لم يتم بعد الاغتيال، الآن جاء الوقت لمن سيقوم بتنفيذ حلم إسرائيل في مياه النيل".

 
التعليقات (0)