هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
قال موقع "بلومبيرغ" في تقرير أعدته دونا أبو ناصر؛ إن سلسلة من التحركات التي قام بها ولي العهد محمد بن سلمان للتحول عن الحكم الثيوقراطية تهدد بردة فعل من المتدينين.
وأشارت إلى قصة أحمد الغامدي، الذي عمل سابقا بهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (الشرطة الدينية)، التي ظن أنه وجد فيها الوظيفة المناسبة، حيث يأمر المحلات بإغلاق أبوابها أوقات الصلاة، ويطلب من الرجال الذهاب إلى المسجد والنساء بتغطية وجوههن.
وكانت هذه الوظيفة بعد عمل قصير كمحاسب ومدرس ومسؤول جمارك، وهي وظائف لم تلق تشجيعا من مشايخه.
وبعد انضمامه لـ"المطاوعة" في سن العشرين، بدأ يشعر بالخيبة من واحد من أعمدة المؤسسة الحاكمة في السعودية، فلم يكن مقتنعا أن الأساليب المتشددة للمؤسسة الدينية تتوافق مع الدين الإسلامي.
والآن، يدعو الغامدي، 56 عاما، للحرية التي منعها مشايخه السابقون، وهو مع اختلاط الرجال والنساء في الأماكن العامة ومع الاستماع للموسيقى والاحتفال بعيد الحب. وهو يستطيع اليوم الحديث بدون خوف أو رد انتقامي؛ لأن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، الحاكم الفعلي يقوم بقصقصة تأثير سلطة العقيدة الوهابية التي دعمت حكم عائلته في مهد الإسلام.
وتاليا الترجمة الكاملة لبقية المقال:
التحول من الثيوقراطية إلى الأوتوقراطية أدت لانقسام السعوديين، مثل الغامدي نفسه، والذين يشتكون من أن التحول سيقوض موقع المملكة في العالم الإسلامي.
ويقول الغامدي؛ إن ما يجري هو "ثورة طال انتظارها". وأضاف: "يجب أن تكون هناك مساحة للنقاش الديني، لا أن يقوم العلماء بفرض مدرسة فكرية واحدة على المجتمع". وشكل الإسلام السعودية أكثر من أي مكان آخر، ففيها مكة والمدينة وظلت الوهابية التي تمثل تيارا في الإسلام السني تعلم الحياة في المملكة التي اتخذت من القرآن دستورا لها. لكن التيار هذا يتعارض مع خطة تنويع الاقتصاد، التي مضى عليها خمسة أعوام ويقف وراءها ولي العهد الطامحة لفطم السعودية عن النفط بحلول 2030.
فمحمد بن سلمان يريد جذب الاستثمارات الخارجية وتطوير قطاع الترفيه والسياحة، وسط منافسة شديدة مع الدول الجارة الأكثر انفتاحا من السعودية مثل الإمارات العربية المتحدة.
فالفتاوى التي كانت تحرض على كراهية الغرب وترى أن قيادة المرأة للسيارة تؤثر على رحمها، وتحرم التنقيب في أثار الأمم التي سبقت الإسلام وعاشت في الجزيرة العربية، لا تتساوق مع هدف التنويع.
وفي مقابلة مع محطة تلفزيونية تمت في نيسان/إبريل قال: "لا يمكننا النمو ولا نستطيع جذب رأس المال، ولن تكون لدينا سياحة ولن نتقدم بهذا التفكير المتطرف في السعودية". وأضاف: "لو أردت ملايين فرص العمل أو أردت تراجع البطالة أو يتحسن الدخل، فيجب علينا محو هذه البرامج".
وفي محاولته لتعزيز سلطته، كمم ولي العهد الأفواه وسجن الناشطات الداعيات لقيادة السيارة، وسجن أيضا الناقدين بلطف، مثل الداعية سلمان العودة، وأدى مقتل الصحفي جمال خاشقجي عام 2018 لشجب دولي أثر على رؤية 2030.
لكن التغير استمر خلال السنوات الخمس الماضية، فقد سمح للمرأة بقيادة السيارة وهو الحظر الوحيد الذي ظل قائما في العالم، وسمح لها بالسفر بدون موافقة وليها، والعمل في قوات الأمن في مكة.
وأعلنت الحكومة في شباط/فبراير، أنها تقوم بتعديل النظام القضائي المتجذر في القانون الإسلامي والانتهاء من العمل بنهاية العام الحالي. وهذا من أجل تشجيع المستثمرين الذين ترددوا في السابق بسبب ما يرونه عشوائية المحاكم السعودية.
ويقول كامران بخاري من معهد نيولاينز للاستراتيجية والسياسة في واشنطن؛ إن ولي العهد يحاول تقديم التغيرات التي تمس الدين مجزأة مقارنة مع رؤية 2030، "فهو يحاول أن يرى ما يمكنه الإفلات منه، ولا يوجد نمط واضح لذلك".
لكن الاستراتيجية تحمل مخاطرها، ففي أيار/مايو، صدر أمر للمساجد بتخفيض صوت مكبرات الصوت في أثناء الأذان وإغلاقها بعد الانتهاء، وعدم بث الصلاة باستثناء صلاة الجمعة والعيدين. لكن هذا لم يمنع من عاصفة على منصات التواصل الاجتماعي.
وكان مجلس الشورى المعين من الملك سيصوت على مشروع يسمح فيه باستمرار فتح المحلات في أثناء الصلاة، باستثناء يوم الجمعة، لكن التصويت أجل قبل ساعتين من موعده. وقال شخص يعمل في الجيش اسمه مازن؛ إن السعودية قد تخسر هويتها "حفلات تستمر لساعات ويصخب فيها صوت الموسيقى ولا يستطيع الناس النوم بسببها أصبحت مقبولة، لكن دقائق من الصلاة باتت تعتبر تلويثا للسمع!". وقال رجل أعمال اسمه عبد العزيز، 31 عاما؛ إنه بات من الصعب التفريق بين ما هو مباح ومحظور، "لا أعرف إن كنت على الصراط المستقيم ام إن الطريق الذي يرسمونه هو الصحيح". و "كأني تلقيت صعقة كهربائية على رأسي".
وفي زيارة لصيدلية بالرياض طلبت امرأة دواء من الصيدلي، لكنه رفض بسبب الصلاة، ولكن المرأة أصرت.
والسبب كما قال: هو يخشى أن تقوم بالإبلاغ عنه للمطاوعة. ورغم اختفائهم من الأماكن العامة ومنعهم عام 2016 حيث بدأ محمد بن سلمان يسير صعودا إلى السلطة من اعتقال أحد أو تأنيبهم أو طلب هوياتهم. ومنعوا من مراكز التسوق والأماكن العامة، وإذا حاولوا ممارسة دورهم اليوم فهو من أجل النصح. وفي محاولة لتلميع صورة هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، قدم أفرادها بالونات عليها شعار الهيئة لزوار معرض الكتاب في الرياض عام 2019.
وانتقل نشاطهم إلى منصات التواصل الاجتماعي؛ حيث ينصحون الناس بالحفاظ على صحتهم وحمايتها من فيروس كورونا. وترى الكاتبة أن المؤسسة الدينية تجذرت أكثر في الحياة الاجتماعية السعودية بعد الثورة الإسلامية في إيران، حيث بدأت بتقديم الدعم للجماعات المسلمة في باكستان وأوروبا وأماكن أخرى ونشر العقيدة الوهابية.
وأصبح العلماء مركزا للنصح في كل مناحي الحياة من تجميل المرأة لنفسها إلى الخلوة غير الشرعية بها.
وفي هذا المناخ، حاول الغامدي أن يعيش النموذج الديني الصحيح. وانضم في عام 1988 للهيئة بجدة ولكنه وجد بعد ذلك أن عددا من الممارسات التي تقوم بها مثل التجسس على الناس وإهانتهم، تقوم على تفسير المشايخ.
وعندما اشتكى نقل لعمل مكتبي مدة 3 أعوام قبل أن يصبح مسؤولا عن منطقة مكة. وبدأت مشاكله عام 2009 عندما أعلن عن جامعة الملك عبد الله للعلوم والتكنولوجيا التي دعمها، ولكنه تعرض للهجمات وأنه يدعم الاختلاط. وبعد مغادرته الهيئة بدأ بتقديم النصح عبر التويتر في مسائل تتعلق بزينة المرأة، وحدود ما يجب أن يظهر من وجهها ويديها، وظهر مع زوجته سافرة الوجه عام 2019 ليظهر اقتناعه.
ويرى أن الذين يخالفون التغيير إما هم خائفون منه أو لديهم مصالح شخصية ويرغبون بالسيطرة على المجتمع. والسؤال هو عن استعادة المؤسسة الدينية نفوذها أم لا.
للاطلاع إلى النص الأصلي (هنا)