قال عضو حركة "رشاد"
الجزائرية المعارضة، الدبلوماسي السابق محمد العربي زيتوت، إن الجزائر تعيش صراعا محموما على السلطة بين جنرالات
الجيش، وإن جناح قائد الجيش السابق الراحل قايد صالح يتعرض لعملية استئصال مستمرة.
وأوضح زيتوت في حديث مع
"عربي21"، أن "الجزائر تعيش صراعا دمويا يفتقر لأدنى قواعد التنافس على السلطة في العالم، وذلك لأنها تعيش تحت نظام عسكري منذ العام 1962، وأن المدنيين ليسوا إلا واجهة لا أكثر ولا أقل".
وقال زيتوت: "إن ما نشاهده اليوم في الجزائر أن جماعة العسكر التي تحكم البلاد أرادت القضاء على الحراك الشعبي الذي انطلق منذ شباط (فبراير) من العام 2019، ولكنها لم تفلح، فأزاحت عبد العزيز بوتفليقة وألقت القبض على بعض الجنرالات، ولا تزال تفعل ذلك، وإن كانت واقعة الكوكايين في أيار (مايو) 2018 كانت عبارة عن نقل
الصراع من السر إلى العلن".
واعتبر زيتوت أن اعتقال عدد من قيادات الجيش الجزائري في الآونة الأخيرة في سياق مواجهة الفساد، جزء من سلسلة متواصلة لصراع الأجنحة بدأت في العام 2013 بشكل معلن، حيث تم اعتقال الجنرال عبد القادر آيت عرابي الذي كان يقود مكافحة الإرهاب، واتهم بأنه شكل مجموعات مسلحة خارج إطار القانون، وحكموا عليه 5 سنوات واستمرت عمليات الاعتقال في 2018، ثم ضربة نيسان (أبريل) أيار (مايو) بعد وصول قايد صالح إلى هرم السلطة وإزاحة بوتفليقة، من يومها جاء مفهوم النوفمبرية الباديسية المزعومة الذي كان يسعى لتقسيم الحراك".
ولفت زيتوت الانتباه إلى أن "الحاكم الفعلي في الجزائر اليوم هم مجموعة من الجنرالات بقيادة رئيس الأركان السعيد شنقريحة، ومعه بعض كبار الجنرالات مثل محمد قايدي وعبد الغني راشدي قائد المخابرات الداخلية".
وأكد أن تهمة الفساد التي تجري على أساسها الاعتقالات اليوم، ليست خاصة بفريق دون آخر وإنما هي صفة تجمع كافة القيادات العسكرية، وقال: "الواقع أن كبار الجنرالات متورطون في الفساد، ونحن نتحدث عن مليارات الدولارات وليس عن أشياء بسيطة.. والذين تم اعتقالهم تحت هذه اليافطة، مكافحة الفساد، إنما هم في الحقيقة اعتقلوا لأنهم فقدوا السلطة".
وأضاف: "لما سقط قايد صالح بدأت العملية من خلال الإطاحة بمجموعة من الجنرالات كان أشهرهم الجنرال مفتاح صواب قائد الناحية العسكرية الثانية وصهر قائد الجيش فر إلى فرنسا، التي سلمته بشكل سري، أما تركيا فسلمت سكرتير قايد صالح ويسمى قرميط بونويرة.. لكن قبل ذلك تم إسقاط قائد المخابرات بوعزة واسيني وكان ثاني أخطر شخصية بعد القايد صالح، واعتقل وحكم عليه 16 سنة في قضية و8 سنوات في قضية أخرى وتم إنزال رتبته من جنرال إلى جندي".
وتابع: "اليوم لدينا 31 جنرالا في السجن بعد الإعلان عن اعتقال الجنرال رشيد شواقي مدير الصناعات والمشتريات العسكرية في زمن القايد صالح، أي أنه كان مسؤولا عن ميزانية تتراوح بين 4 و5 مليارات دولار لشراء أسلحة خصوصا من روسيا ودول أخرى".
وأضاف: "نحن اليوم أمام 31 جنرالا وحوالي 19 وزيرا بما في ذلك رئيسا حكومة، وعشرات الضباط، وعشرات من كبار الولاة وكبار المدراء، أي إننا أمام إعلان صارخ بأن ثلثي الطبقة الحاكمة من الذين كانوا مع بوتفليقة ثم قايد صالح في السجن، وهي بالتأكيد ليست عملية محاربة فساد، وإنما هي صراع على السلطة، ملخصه أن جناحا نافذا يستأصل جناح قائد صالح من السلطة".
وتوقع زيتوت، أن تستمر حالة الإرباك في المشهد السياسي الجزائري، وقال: "لم تستقر الأمور بعد في الجزائر، وما زال حكام اليوم لا يعرفون الصديق من العدو، والكثيرون كانوا يعتقدون أن السعيد شنقريحة الذي كان قائد القوات البرية، أي ثاني أهم شخصية بعد القائد صالح، يدين بالولاء لقائد صالح، لكن بمجرد غياب هذا الأخير فإذا بشنقريحة هو من يقود عملية تصفية جناح قائد صالح، والتهمة ليست فقط الفساد، وإنما لأنهم كانوا يديرون شبكات للذباب الإلكتروني".
وأضاف: "عندما كنت أقول هذا الكلام منذ فترة كان البعض لا يصدق، اليوم هذه اتهامات صادرة عن مصادر قريبة جدا من المخابرات العسكرية تسمي مجموعة من الجنرالات وتتهمهم بقيادة مجموعات للذباب الإلكتروني".
وأكد أن ما يعزز هذه الاتهامات أنها تزامنت مع التقرير الشهري لإدارة فيسبوك، التي أعلنت أنها "أوقفت أكثر من 221 صفحة وأكثر من 130 حسابا ومجموعات أخرى كانت مرتبطة بالذين كانوا يديرون انتخابات 2019 الرئاسية.. وهذه أول مرة تأتي فيها الجزائر ضمن شبكات تهاجم المعارضين وأسرهم"، على حد تعبيره.
وكانت صحيفة "الوطن" الجزائرية، قد كشفت النقاب الثلاثاء الماضي عن ايداع الجنرال عبد الحميد رغيس (شغل منصب أمين عام وزارة الدفاع الوطني أيام الراحل أحمد قايد صالح) السجن العسكري بالبليدة، عن تهمٍ تتعلّق بالفساد وسوء استغلال الوظيفة.
إضافةً إلى التهم المتعلّقة بالفساد، ذكرت الجريدة أنّ الجنرال رغيس متورّط أيضا في حربٍ إلكترونية قادتها مجموعة من الجنرالات تحت شعار "باديسية-نوفمبرية" سنة 2019 في عزّ الحراك الشعبي السلمي.
وقالت الوطن: "إنّ الشبكة التي قادت حرب الباديسية-النوفمبرية تتكوّن من كبار الضباط العسكريين المتواجدين رهن الحبس العسكري حاليًا، على رأسهم اللواء واسيني بوعزة، المدير العام السابق للأمن الداخلي".
يذكر أن موقع "فيسبوك" أعلن الأسبوع الماضي، عن حذف صفحات وحسابات نفّذت حملات تضليل ودعاية، بعض أصحابها "عملوا في الحملة الانتخابية لصالح الرئيس عبد المجيد تبون سنة 2019".
وحذف موقع التواصل الإجتماعي فيسبوك، حسب تقرير أصدره نهاية حزيران (يونيو) الماضي، 221 صفحة و130 حسابًا و35 مجموعة و29 حسابًا على "إنستغرام"، مشيراً إلى "ظهور شبكة في الجزائر استهدفت بشكل أساسي هذا البلد".
وقال "فيسبوك" إنّ الأشخاص الذين يقفون وراء الحسابات والصفحات المزيفة في الجزائر، قاموا بنشر صورٍ شخصية ومعلومات عن أفراد عائلات شخصياتٍ معارضة.
وأضاف التقرير أنّ أصحاب هذه الصفحات قاموا أيضًا بإنشاء محتوى يدعم الجيش الجزائري وكذلك منشورات "تنتقد الأقليات العرقية وشخصيات معارضة وصحفيين".
وأشار تقرير "فيسبوك" إلى أنّ مستخدمي هذه الصفحات قادوا حملات كراهية لوّثت شبكات التواصل الاجتماعي في الجزائر منذ سنة 2019.