هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
تترقب شخصيات جزائرية وقعت ضحية لبرنامج التجسس "بيغاسوس"، نتائج التحقيق الذي باشرته النيابة العامة في البلاد، لمعرفة ملابسات عملية التنصت وسرقة المعلومات التي تعرضوا لها.
ويرتقب أن يكشف التحقيق الذي باشرته النيابة، ما إذا كان برنامج التجسس قد استطاع فعلا اختراق الهواتف الذكية للشخصيات الواردة أسماؤها في التحقيق وطبيعة البيانات والمعلومات الشخصية التي تم السطو عليها.
وبحسب بيان النيابة، فإن هذا التحقيق الابتدائي، كُلّفت به "مصالح الضبطيّة القضائيّة المختصّة في مكافحة الجرائم السيبرانيّة والمعلوماتيّة"، وهي على الأرجح وحدة الدرك المتخصصة في العاصمة.
وتشكل هذه الوقائع، إن ثبُتت، "جرائم يُعاقب عليها قانون العقوبات الجزائري، وهي "جناية جمع معلومات بغرض تسليمها لدولة أجنبيّة يؤدّي جمعها واستغلالها إلى الإضرار بمصالح الدفاع الوطني" و"جنحة الدخول عن طريق الغشّ أو بطرق غير مشروعة في منظومة للمعالجة الآلية للمعطيات" وكذلك "جنحة انتهاك سرّية الاتّصالات".
وتعدّ الجزائر أكبر مستهدف من هذا البرنامج وفق ما كشفه التحقيق الدولي في هذا الشأن، إذ إن من بين 50 ألف شخص تعرضوا للتجسس، يوجد 6 آلاف جزائري، بينهم شخصيات سياسية وعسكرية وصحفيون ورجال أعمال.
اقرأ أيضا: استمرار التنديد ببرنامج بيغاسوس ومطالبات بالتحقيق بالمغرب
وتُتهم المغرب من قبل منجزي التحقيق الدولي، بأنها التي تقف وراء عملية التجسس الواسعة على الشخصيات الجزائرية، حيث كتبت جريدة "لوموند" الفرنسية في هذا الصدد، أن الجزائر كانت مُراقبة عن كثب من قبل السلطات المغربية التي اقتنت برنامج التجسس الإسرائيلي، لكن الرباط نفت هذه المزاعم، ووصفتها بـ"الادعاءات الزائفة".
شخصيات ترحب بالتحقيق
وقالت زبيدة عسول، رئيسة حزب الاتحاد من أجل التغيير والرقي، إنها كانت تنتظر تحرك النيابة للتحقيق في هذه القضية، كون المسألة تتعلق بالأمن القومي للبلاد.
وذكرت السياسية المعارضة، في تصريح لـ"عربي21"، أنها من حيث المبدأ تحتفظ لنفسها بحق اللجوء إلى القضاء، مشيرة إلى أنها لحد الآن لا تملك المعطيات الكافية عما جرى وستنتظر ما ستكشف عنه التحقيقات القضائية لاتخاذ القرار المناسب.
وتوقعت عسول وهي محامية وقاضية سابقة، أن التحقيقات ستتضمن إرسال إنابات قضائية إلى دول ومؤسسات في الخارج، من أجل تزويد القضاء الجزائري بالمعلومات حول ما توصل إليه برنامج التجسس.
وأضافت أن مصالح الأمن الجزائرية بإمكانها أيضا أن تتوصل عبر التحقيق إلى معلومات من شأنها معرفة طبيعة المعلومات التي حصل عليها برنامج التجسس والغرض منها.
وتأسفت عسول، لكون المقاربة الأمنية الجزائرية ما زالت تركز بشكل أكبر على القوة العسكرية المادية، في وقت يظهر حسبها، أن الحروب الحالية تعتمد على المعلومات واختراق الدول أمنيا.
لكن رئيسة حزب الاتحاد من أجل التغيير والرقي، قالت إنها لا تحبذ أن تكون هذه القضية مادة للتصعيد بين الجزائر والمغرب، لأنها تدافع عن بناء الصرح المغاربي وتدعو إلى الحوار حول كل المسائل من أجل التوصل إلى حلول للأزمات.
واللافت أن السلطات الجزائرية، كانت على علم بأنها معرضة للتجسس، إذ طفى إلى السطح هذه الأيام، تصريح وزير الإعلام الناطق باسم الحكومة عمار بلحيمر، الذي قال قبل أشهر إن المغرب اقتنى برنامج تجسس وهو يحاول أن يخترق به الجزائر، لكن هذا لم يمنع مع ذلك من تعرض شخصيات جزائرية للتجسس.
وفي تعليقه على قرار النيابة، قال الوزير والسفير السابق عبد العزيز رحابي، إنه بعد ورود اسمه في القائمة، يرحب بقرار محكمة سيدي أمحمد فتح تحقيق ابتدائي للتحري حول عمليات جوسسة التي تعرضت لها مصالح الجزائر وطالت مواطنين وشخصيات جزائرية.
اقرأ أيضا: "بيغاسوس" يهدد بجعل التجسس ممارسة شائعة في المجتمعات
وأوضح رحابي، في مقابلة له مع برنامج "الخبر السياسي" أنه كان ينتظر رد فعل السلطات الجزائرية، قبل أن يقدم على أي خطوة تتعلق بمقاضاة المغرب حول عملية اختراق هاتفه.
وأشار منسق اجتماعات المعارضة في أواخر فترة حكم الرئيس بوتفليقة، إلى أنه لم يتفاجأ بعد ورود اسمه في القائمة، لكونه كان يعلم أن هناك دولا لديها مصالح مضادة للجزائر وكانت تراهن على سقوط الدولة في فترة الحراك الشعبي.
أشكال الرد الممكنة
وتبدو السلطات الجزائرية، من خلال موقفها، عازمة على عدم تفويت عملية التجسس التي استهدفتها دون القيام بالرد المناسب، وفق ما أظهر بيان وزارة الخارجية الأخير.
وشددت الجزائر باعتبارها "مستهدفة بشكل مباشر بهذه الهجمات"، على أنها ستقوم بتنفيذ استراتيجيتها للرد والبقاء ومستعدة للمشاركة في أي جهد دولي يهدف إلى إثبات الحقائق بشكل جماعي وتسليط الضوء على مدى وحجم هذه الجرائم التي تهدد السلم والأمن الدوليين، فضلا عن الأمن الإنساني.
ودعت وزارة الخارجية الجزائرية إلى معاقبة مستخدمي "بيغاسوس"، وحذرت من أن "أي إفلات من العقاب من شأنه أن يشكل سابقة ذات عواقب وخيمة على سير العلاقات الودية والتعاون بين الدول وفقا للقانون الدولي".
وفي تقدير حميد غمراسة الصحفي المختص في الشأن السياسي، فإن الرد الجزائري المتوقع، لن يتجاوز الأشكال الدبلوماسية المعروفة، مستبعدا أي تصعيد خارج هذا الإطار.
وأوضح غمراسة في تصريح لـ"عربي21"، أن الجزائر على الأرجح ستقوم برفع شكاوى في القضاء الدولي المختص، وفي الهيئات التي تشترك فيها مع المغرب كالأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والجامعة العربية والمؤتمر الإسلامي.
وأبرز المتحدث أنه يوجد داخل هذه الهيئات، "ميكانيزمات" لمعاقبة أي عضو يعتدي على عضو آخر، لكن ذلك يبقى نظريا بحسبه فقط، ويستبعد أن يصل فعلا إلى فرض عقوبات على المغرب باعتباره الجهة المُستهدِفة.