هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
كشفت صحيفة واشنطن بوست معلومات صادمة عن صهر رجل المخابرات السابق سعد الجبري، المعتقل منذ العام الماضي.
"واشنطن بوست" وفي مقال لديفيد إغناطيوس، كشفت أن سالم المزيني كان في يوم من الأيام مسؤولا لدى النظام السعودي، إلا أن ذلك لم يشفع له من الاعتقال والتعذيب، وهو ما دفع أسرته لرفع دعوى قضائية ضد السلطات السعودية، لدى محكمة في مدينة أونتاريو الكندية.
ويتبين من أوراق المحكمة، أن أول مرة قبض فيها على المزيني كانت في دبي يوم 26 أيلول/ سبتمبر 2017 من قبل مسؤولين أمنيين في الإمارات، وأُرسِل على الفور إلى المملكة؛ قبل أن يفرج عنه في 2018 بعد تسوية مالية قدرها نحو 400 مليون ريال (106 ملايين دولار).
وفي يوم 24 آب/ أغسطس 2020 اختفى المزيني بعد زيارته لمسؤول أمني سعودي رفيع المستوى، ولم يره أحد منذ ذلك الحين.
يقول إغناطيوس إنّ وصف المزيني للمعاملة التي تلقاها في السنوات الفاصلة – في سجنين سعوديَّين، وفي فندق ريتز كارلتون بالرياض، يقدّم رؤيةً مرعبةً للمدى الذي وصل إليه النظام تحت حكم ولي العهد من أجل معاقبة أعدائه المتصورين.
وكشفت الصحيفة أن أسرة المزيني رفعت قضية ضد السلطات السعودية في محكمة أونتاريو الكندية، في حزيران/ يونيو الماضي.
تعذيب مهين
كتب المزيني ذات مرة: "مرت الأيام، وظللت أخشى سماع صوت المفاتيح وفتح الباب. لم أكن أعرف ما كان مُخَبّأ لي، سواء كان تعذيبًا أم تصفية".
يصف المزيني كيف أمره أحد المحققين بتقبيل حذائه ثم ضرب رأسه.
وتعرّض المزيني للضرب بشكل متكرر على أخمص قدميه وظهره وأعضائه التناسلية، وفقًا لرواية مروّعة تضمّنتها دعوى قضائية كندية تصف تعذيبه وأسره خلال فترة احتجازه من قبل عملاء سعوديين.
يقول المزيني، زوج حصّة بنت سعد الجبري، إنه تعرض للجلد والتجويع والضرب بقضبان حديدية والصعق بالكهرباء؛ وقال أيضًا إنه أُمِر بالزحف على أطرافه الأربعة والنباح مثل الكلب.
ذات مرة، طلب منه الشخص الذي يحقق معه أن يمد يده إلى صندوق ما ويختار سوطًا من أجل عملية ضربه التالية؛ وعندما تردد، اختار المحقق أحدها وجلد المزيني أثناء تبوله.
طُلِب من المزيني عدم ذكر اسمه، وبدلًا من ذلك أشار إلى نفسه على أنه "الرقم تسعة". وفي وقت آخر، أُمِر بتناول عشائه من الأرض مثل الكلب.
رافقت تقريره صور مؤلمة لندوب واسعة النطاق على جسد المزيني نجمت عن إصابات قال إنه أصيب بها على يد عملاء ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، إلا أن واشنطن بوست تحفظت عليها.
اقرأ أيضا: HRW: السعودية تفرض عقابا جماعيا على عائلة سعد الجبري
متعاون سابق
كتب المزيني عن المباحث السعودية: "المفارقة المحزنة هي أنه لم يكن هناك جهاز آخر ساعدتُه أكثر من المباحث والشؤون الخاصة، وها أنا الآن رهن اعتقالهم والتعرض للتعذيب من قبلهم".
بحسب إغناطيوس فإنّ درجة التعذيب النفسي ومحاولة التجريد من الإنسانية التي يصفها المزيني مروعة مثل الإساءة الجسدية التي يصفها أيضًا.
انضم المزيني، وهو خريج أكاديمية الشرطة السعودية، إلى وزارة الداخلية وأشرف على مشاريع الطيران للأمير محمد بن نايف، الذي كان حينها مسؤولًا عن مشاريع مكافحة الإرهاب في الوزارة قبل أن يصبح وزيرًا للداخلية ووليًا للعهد.
ووفقًا لرواية المزيني، فإنه عندما قرر ابن نايف إنشاء شركة طيران خاصة تدعى "ألفا ستار لخدمات الطيران"، فقد طلب من المزيني إدارتها.
وفي وقت لاحق، عندما أنشأ ابن نايف شركته الخاصة للطيران التجاري باسم "سكاي برايم للطيران"، فقد طلب من المزيني الإشراف عليها في دبي.
يروي المزيني: "كنت أشعر بالقلق من جميع الجهات. كنت قَلِقًا على والدتي وزوجتي وأطفالي وأخواتي وعمي وشركاتي والموظفين ومستقبلي والألم في جسدي والإذلال والخوف. في الواقع، لا يمكن للمشاعر أن تصف الأمر. كل ما سأقوله هو أن ظلم وقمع البشرية كانا شديدَين. شعرت بالضعف والعجز".
السفارة السعودية في واشنطن رفضت التعليق على مزاعم التعذيب التي يصفها المزيني وزوجته بعد إطلاعِها عليها، وكذلك فعلت السفارة الإماراتية.
اقرأ أيضا: CNN: قتلة خاشقجي استخدموا طائرتين يملكهما ابن سلمان (وثائق)
الأموال والعلاقة مع الجبري
جريمة المزيني المزعومة، بناءً على الأسئلة التي قال إنّ معذّبيه سألوه إياها، هي أنه ساهم في مؤامرة لسحب الأموال من شركتَي الطيران – وهو أمر يقول إنه نفاه طيلة جلسات التعذيب.
وبالمثل نفى الجبري أي تورط في إساءة استخدام الأموال. ورفعت شركات تسيطر عليها الحكومة السعودية دعوى قضائية ضد الجبري في كندا، حيث يعيش الآن، لاستعادة الأموال التي تزعم أنه سرقها.
لكن جريمة المزيني الحقيقية، كما يتضح في وثائق المحكمة، ربما كانت زواجه من ابنة الجبري، حصة. كان ابن سلمان، وهو منافس ابن نايف، يلاحق الجبري منذ عام 2017 عندما عزل ابن نايف من منصب ولي العهد وفرّ الجبري من المملكة. ويحاول ابن سلمان إجباره على العودة إلى المملكة منذ ذلك الحين.
وصفت زوجة المزيني لحظةً مروعةً كان قد أفضى بها زوجها. كتبت: "قال إنه ذات مرة، قبل أن يُضرَب مائة مرة دون توقف، قيل له: "هذا نيابةً عن سعد الجبري"، و"هذا جزاء زواجك من ابنته".
في بعض الأحيان، قال المحققون لسالم وهم يضربونه: "نحن نضيف جلدات وعمليات ضرب إضافية لأن والد زوجتك ليس هنا، لذا فيمكنك أن تأخذ نصيبه".
قُدِّمَت إفادة المزيني الخطية من أجل دعم ادعاء الجبري، وجادل محاموه في دعوى قضائية مؤخرًا، في أنّ ابن سلمان قد سعى "إلى تعزيز سلطته من خلال اضطهاد منافسيه المتصورين تحت ستار حملة "مكافحة الفساد"، وأنّ المبالغ المدفوعة إلى الجبري "مرخصة بالكامل ومعتمدة" من قبل ابن نايف والسلطات السعودية الأخرى.
اقرأ أيضا: الجبري يتهم ابن سلمان بمحاولة استدراج ابنته مثل خاشقجي
هوس بالعائلة
يقول إغناطيوس إنّ "إساءة المعاملة المزعومة التي تعرّض لها المزيني هي مجرد مثال واحد على هوس ابن سلمان الظاهري بعائلة الجبري".
ويتابع: "منع ولي العهد اثنين من أبناء الجبري المراهقين آنذاك، عمر وسارة، من مغادرة البلاد عام 2017، عندما بدأ انقلابه الداخلي من أجل توطيد سلطته، واستخدمهما كرهائن على ما يبدو لمحاولة إجبار والدهما على العودة إلى المملكة".
ويتابع: "عمر وسارة سجينان الآن. واعتُقِل أصدقاء الجبري وأقاربه وشركاؤه التجاريون".
يقول إغناطيوس نقلا عن زوجة المزيني: "قال لي: لم يكن يكفيهم تعذيبي وسجني، لكن كان عليهم أخذ أموالي أيضًا. لماذا حدث كل هذا؟ لماذا كل هذا الظلم؟ لم أفعل شيئًا خاطئًا ولم أرتكب أي ذنب… لقد عرضتُ خدماتي وأنجزتُ أشياء كثيرة للأمة. لقد ساهمتُ في الحفاظ على سلامتها".
ويتابع المزيني: "بكل صراحة، الكلمات الوحيدة التي يجب أن أصفهم بها أنهم المنافقون الذين أفسدوا في الأرض".
قتلة خاشقجي
بعد جريمة مقتل جمال خاشقجي في إسطنبول في تشرين الأول/ أكتوبر 2018 بناءً على ما تصفه وكالة الاستخبارات المركزية بأوامر من ابن سلمان، تبادر إلى المزيني أمر مألوف.
يقول لزوجته بحسب "واشنطن بوست"، إنّ الأشخاص الذين كانوا يستجوبونه هم ماهر مطرب، الذي كُشِف علنًا عن كونه قائد فريق الاغتيال في إسطنبول، وسبعة من أعضاء الفريق الآخرين، وفقًا لإفادة خطية من زوجته. تزعم الإفادة الخطية أن من بين الحاضرين أثناء تعذيبه مساعد محمد بن سلمان المقرب سعود القحطاني.
وفي مفارقة غريبة، استُخدِمَت طائرتان مملوكتان لشركة "سكاي برايم"، شركة الطيران التي ساهم المزيني في إدارتها من أجل ابن نايف، لنقل فريق الاغتيال الذي قتل خاشقجي إلى إسطنبول بعد استيلاء ابن سلمان على الشركة، وفقًا لوثائق المحكمة التي قدمها محامو الجبري.