مقالات مختارة

كيف يصنع العالم أبطاله؟

حسن المستكاوي
1300x600
1300x600

أمريكا جمعت 2301 ميدالية أوليمبية في 125 سنة.. لكن سيطرتها على ألعاب القوى والسباحة أصبحت مهددة..


كوبا فازت بميدالياتها الأوليمبية بالملاكمة والجري.. ويوم البطل في جامايكا يشارك به 100 ألف طفل وشاب


المدارس والجامعات تنتج المواهب والأبطال.. لكن الرياضة في النظام الأمريكي ليست حصة الألعاب..

 

الأندية المصرية هي مصنع المواهب.. لكنها تعمل على تحقيق أكبر قدر من الأرباح من أولياء الأمور بالأكاديميات


** حافظت الولايات المتحدة الأمريكية على صدارة جدول الميداليات الأوليمبية، وكانت دخلت اليوم الأخير بميداليتين ذهبيتين أقل من الصين، لكن فوز جنيفر فالينتي بذهبية في سباق الدراجات وفوز منتخب أمريكا لكرة السلة للسيدات باللقب السابع على التوالي ترتب عليه تعادل أمريكا والصين برصيد 38 ذهبية لكل منهما، ثم تقدم الأمريكيون بعد فوزهم على البرازيل في نهائي الكرة الطائرة للسيدات. كان بإمكان الصين أن تعادل حصيلة الذهب في الولايات المتحدة في نهائي الملاكمة للوزن المتوسط للسيدات، لكن البريطانية لورين برايس فازت بسهولة على لي تشيان بالنقاط.


** أنهت اليابان الدورة برصيد 27 ميدالية، وهو أكبر عدد فازت به في دورة الألعاب الأوليمبية، لتحتل المركز الثالث في جدول الميداليات ــ وهو نفس المركز الذى حصلت عليه عندما في طوكيو عام 1964. واحتلت بريطانيا المركز الرابع برصيد 22 ميداليات ذهبية، مقابل 27 ميدالية فازت بها في 2016. وفى بعض الدول يعتمد إجمالي عدد الميداليات في الترتيب إلا أن الذهبيات هي الحاسمة، وقد جمعت أمريكا 113 ميدالية مقابل 88 للصين.


** السيطرة التقليدية للولايات المتحدة على السباحة وألعاب القوى لم تعد كما كانت سابقا، وقد وجدت منافسة شرسة في اللعبتين لأول مرة منذ عام 1980 حين قاطع أمريكا دورة موسكو. إلا أن الولايات المتحدة حصدت في 125 عاما 2301 ميدالية، وهو ما يعكس تفوق نظامها الرياضي الذى يفرز الأبطال وينتج الأجيال من هؤلاء الأبطال. وهو نظام التعليم العام والجامعات، حيث تمارس الرياضة بشكل علمي وعلى مستوى البطولة وصناعة البطل.


** ** كيف يصنع العالم أبطاله ونجومه؟!


هناك عدة مدارس عالمية تنتج الأبطال وتصنعهم بصورة مميزة ومستمرة ودون انتظار لطفرة أو لموهبة فردية أو لصدفة.. وهى:


** أولا: المدرسة الأمريكية والأوروبية التي تعتمد على إنتاج وإفراز الأبطال الرياضيين من خلال المدارس والجامعات ففيها ملاعب وأحسن المدربين والأبحاث العلمية التي ترفع من تقنيات تنمية الموهبة بالتدريب والتغذية والطب الرياضي بجانب أن التفوق الرياضي يحرر الطالب من أعباء الدراسة المالية الباهظة، وتكلفة النظام الأمريكي والأوروبي باهظة للغاية.


** ثانيا: مدرسة أوروبا الشرقية والصين وهذه المدرسة اعتمدت أسلوب معسكرات التدريب ومنح المواطن الرياضي مميزات خاصة لأنه يحرم نفسه من مباهج الحياة من أجل رفع علم بلاده ولجأت هذه المدرسة إلى الأبحاث العلمية التي ترفع من مستوى الرياضي.


** ثالثا: مدرسة كوبا وجامايكا التي تقوم على التخصص في لعبات محددة كما هي الحال في الملاكمة وفى يوم من الأيام أصبح مدرب الملاكمة الكوبي سلعة مطلوبة حتى أن 11 مدربا من 12 لدول وصلت لنهائيات دورة برشلونة الأوليمبية كانوا من كوبا.. وهذه الدولة التي لا تعد من الدول الغنية جمعت عددا من الميداليات قدره 227 ميدالية من الملاكمة ومن ألعاب القوى بينما جامايكا التي توصف بأنها جزيرة السرعة تنظم كل عام يوما اسمه يوم البطل لاكتشاف مواهب الجري، ويشارك به 100 ألف طفل وشاب.


** العالم يصنع أبطاله ونجومه بالعلم وبالأبحاث العالمية ليزيد من قدرة الإنسان على حمل الثقل أو الجري والسباحة أسرع، أو ممارسة التنس بصورة أفضل.. ففي كل عامين تطرح شركة رياضية عالمية شهيرة كرة قدم جديدة لها وزنها وسرعتها وسرعة دورانها.. وتخترع شركات مضارب إسكواش وتنس خفيفة الوزن وقوية، وكرات تنس أسرع ذات سرعات مختلفة على الأراضي الرملية والعشب الأخضر والصلبة.


** نعم في الرياضة والمنافسة توفيق وعدم توفيق. لكن ليس صحيحا أن عدم التوفيق أمر دائم، وحين يخسر المنتخب الأوليمبي لكرة القدم من البرازيل بهدف ويترجم ذلك على أنه أمر جيد، يستحق التكريم، فهو بيع للوهم وتسويق للفشل، لأن الأداء كان يعنى شيئا واحدا أمام البرازيل وهو أن المنتخب غير قادر بدنيا، وعلينا أن نعرف سبب هذا الضعف البدني مقارنة بالمستويين الأوليمبي والعالمي، علما بأن فريقا جماعيا آخر وهو كرة اليد نجح في النهوض بطاقته البدنية للمستويين الأوليمبي والعالمي. يعنى نستطيع إذا اشتغل من يجب أن يشتغل.


** نقطة أخرى.. الأمر أعقد وأكثر تفصيلا مما سبق لأنه يتعلق ببعض الأشخاص الذين يديرون الحركة الرياضية المصرية.


** الأندية هي مصنع المواهب.. لكن كثير من الأندية تعمل على تحقيق أكبر قدر من الأرباح من أولياء الأمور بالأكاديميات، فتتحول مصانع المواهب، إلى مزارع جنى أرباح. فتتوه المهارات والمواهب ويتعثر الأبطال. فهناك خواطر ومجاملات ونقص كبير في زمن التدريب، لأن دوران حصص المران يجب أن يكون اسرع كي يلتهم من أولياء الأمور أكبر قدر من المال. ثم إن عدد الأندية في مصر يحتاج إلى زيادته بالمئات في كل المحافظات. ومن يقل أن الرياضة ستعود إلى المدارس أو الجامعات لا يعرف شيئا عن رياضة البطولة، ولعله يقصد حصص الألعاب.


** أنفقت اليابان 17 مليار دولار على دورة أوليمبية، لم يتمكن أحد من حضورها، بزيادة قدرها 111 ٪ عن الميزانية ــ كان بإمكان اليابان بناء 300 مستشفى جديد بسعة 300 سرير، أو 1200 مدرسة ابتدائية، مع تكلفة تأثيثها. لكنها ربحت رسالة إنسانية من الدورة. إذ جمعت العالم كله حول مائدة الأمل في الانتصار على وباء خطير. ورسخت بتنظيم الدورة قدرة الإنسان في تحدى الزمن والمسافة والوزن، وأرسلت دعوة على لسان رئيس فرنسا إلى البشرية بأن يكون التنافس وفقا للشعار الأوليمبي القديم الأعلى والأسرع والأقوى مضافا إليه كلمة سويا.

 

(عن صحيفة الشروق الجزائرية)

0
التعليقات (0)