هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
تشهد العلاقات الأردنية التركية تطورات على الصعيدين الاقتصادي
والسياسي خصوصا بعد مصادقة الحكومة التركية، السبت الماضي، على اتفاقية موقعة مع الأردن
في مجال التعاون التجاري والاقتصادي، ما أثار تساؤلات حول انعكاس هذه الاتفاقية على
مستقبل العلاقات بين البلدين.
والثلاثاء؛ استقبل الملك الأردني عبد الله الثاني، في قصر
الحسينية بالعاصمة عمان، وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، في لقاء استعرض العلاقات
المتينة بين البلدين وسبل الارتقاء بها في مختلف المجالات، وفق وكالة الأنباء الرسمية
الأردنية (بترا).
ولاحقا؛ بحث أوغلو ورئيس الوزراء الأردني بشر الخصاونة، العلاقات
الاقتصادية بين البلدين وسبل تطويرها، إضافة إلى عدد من القضايا الإقليمية والدولية.
وقال الخصاونة إن مصادقة الجانب التركي مؤخرا على اتفاقية
التعاون الاقتصادي مع الأردن "سيسهم في فتح مجالات أوسع للتعاون بين البلدين وتعزيز
التبادل التجاري بينهما".
وفي المقابل؛ أكد أوغلو على "العلاقات المتينة بين البلدين
الشقيقين، والحرص على تعزيز حجم المبادلات التجارية بينهما وبالاتجاهين"، مشيرا
إلى أن "الحكومة التركية تشجع شركات البلاد على الاستثمار في الأردن".
وكانت حكومتا البلدين قد أبرمتا الاتفاقية في الأول من تشرين
الأول/أكتوبر 2019، إلا أن الأردن أوقفها بسبب إلحاقها ضررا بالقطاع الصناعي على وجه
الخصوص، إلى أن أعادت أنقرة التصديق عليها بعد تعديل عدد من بنود الاتفاقية التي تهدف
إلى تطوير التعاون بين البلدين في 16 مجالا.
العلاقات الاقتصادية
وتُعد مصادقة تركيا على هذه الاتفاقية مؤشرا جيدا بالنسبة
للأردن، كونها تعني تجاوب أنقرة مع الملاحظات التي قدمتها عمّان، وفق المحلل السياسي
والاقتصادي حازم عياد، الذي يرى أن "أنقرة ترغب في الاستمرار بالتعاون الاقتصادي
مع الجانب الأردني، رغم تبدل شروط الاتفاقية ومعطياتها".
وقال عياد لـ"عربي21" إن "الاتفاقية ستسير
بمخاض جديد في مجلس النواب الأردني للمصادقة عليها، وستخضع لمداولات طويلة من قبل القطاع
الصناعي الذي اعترض على الاتفاقية بصيغتها الأولى، بينما كان يرى القطاع التجاري فيها
مكسبا كبيرا، وخاصة لتجار الأغذية والألبسة".
وأضاف أن كلا من تركيا والأردن يظهر حرصا على تطوير العلاقات
الاقتصادية بين البلدين، "وهذا يفتح آفاقا واسعة قد تمتد إلى الفضاء الإقليمي
في العراق وسوريا ومصر ودول الخليج والسلطة الفلسطينية"، لافتا إلى أن "التعاون
الاقتصادي بين أنقرة وعمّان يمنح هذه الأخيرة تموضعا أقوى لبناء شراكات اقتصادية".
اقرأ أيضا: حراك دبلوماسي بعمّان.. وملفات مفتوحة لدول الجوار
واستبعد عياد وجود معوقات لإقامة علاقات اقتصادية بين الأردن
وتركيا، مؤكدا أن "هذه العلاقات متطورة وتسير باتجاه إيجابي، سواء على صعيد السياحة
أو التبادل التجاري، مما يعكس مستوى التطور في العلاقة السياسية بين البلدين".
وتابع: "لو كان ثمة عوائق لما صادقت أنقرة على الاتفاقية،
وفي حال وافق مجلس النواب الأردني عليها؛ فإن ذلك سيقدم مؤشرات قوية على بدء حقبة جديدة
من العلاقة الإيجابية بين البلدين، مع الإشارة إلى أن تركيا أبدت خلال العامين الماضيين
قدرا كبيرا من الانفتاح على محيطها العربي، وخاصة مصر ودول الخليج".
وقال عياد إن "كثيرا من المناخات التي كانت سائدة في
فترة الاتفاقية الأولى زالت وأصبحت من الماضي، وخصوصا غياب إدارة الرئيس الأمريكي السابق
دونالد ترامب عن المشهد، ما يفتح آفاقا واسعة أمام تطوير العلاقات الأردنية التركية".
ومن المتوقع أن تنتقل العلاقة بين الأردن وتركيا من مستوى
التبادل، إلى مستوى التعاون على أسس واضحة تطور العلاقة الاقتصادية بين البلدين، وفق
الكاتب والمحلل السياسي منذر الحوارات.
وقال الحوارات لـ"عربي21" إن الاقتصاد التركي كبير
جدا، ويُعد من الاقتصادات التي تقفز بسرعة باتجاه العالمية، وفي المقابل فإن الاقتصاد
الأردني ضعيف، وإمكاناته محدودة، ولذا فهو يأمل أن تقوم تركيا بعملية استثمار مكثفة
في البلاد كي يستفيد القطاع التجاري الأردني.
ورأى أن الأردن سيستفيد بشكل واسع من ميزات السوق التركية،
ما يتطلب منه تجويد صناعاته الوطنية، بحيث تكون ذات قيمة مضافة لمنتج أردني بحت، وليس
لمنتج تجميعي، مضيفا أن صناعيي الأردن يرتكبون جريمة بحق بلادهم عند الاكتفاء بإعادة
تجميع ما ينتجه الآخرون.
العلاقات السياسية
وعلى الصعيد السياسي؛ رأى الحوارات أن تركيا بلد وازن سياسيا،
ولديه امتداداته على الصعيد الأوروبي والإسلامي والإقليمي، وبالتالي يمكن أن يشكل قيمة
مضافة لسياسة الأردن؛ الذي ستفيد منه تركيا أيضا، نظرا لما يتمتع به الأردن من استقرار
علاقاته السياسية مع دول الجوار والعالم.
ولفت الحوارات إلى أنه "رغم وجود رؤى مشتركة في العديد
من القضايا بين البلدين، كالموقف من القضية الفلسطينية والوصاية الهاشمية على الأماكن
المقدسة؛ إلا أن ثمة معوقات تحول بين الأردن والانفتاح الكامل على تركيا".
وأوضح أن هناك حالة من التنافر السياسي ما بين جزء من النظام
الرسمي العربي وبين تركيا، ما يجعل الأردن كمن يسير على الحبل للموازنة بين علاقته
مع أنقرة، وبين علاقته الأخرى مع الدول العربية الرافضة للانفتاح على الأتراك.
وأضاف الحوارات أن الأردن عوّد الآخرين على أن مصلحته الوطنية
هي الأهم في علاقاته، لكنه في الوقت ذاته لا يمكن أن يستبعد تركيا لاعتراض بعض الدول
العربية عليها، مرجحا أن تشهد آفاق العلاقة المستقبلية بين عمان وأنقرة تطورات إيجابية
للبلدين.
وكان وزير الخارجية التركي قد أكد في لقائه مع الملك عبد الله
الثاني "أهمية الدور الأردني الفاعل في قضايا المنطقة، وخصوصا مساعي التوصل إلى
حل للقضية الفلسطينية"، لافتا إلى "أهمية الوصاية الهاشمية على المقدسات
بالقدس في الحفاظ على الوضع التاريخي والقانوني القائم في المدينة المقدسة".