هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أثارت عودة التيار الصدري
إلى المشاركة في الانتخابات البرلمانية، بعد شهر ونصف على إعلان زعيمه مقتدى الصدر
الانسحاب، تساؤلات كثيرة حول إمكانية تطبيق "وثيقة الإصلاح" التي بعثها
قادة سياسيون إلى الأخير، وكانت سببا في تراجعه عن قرار المقاطعة.
وأعلن الصدر، الجمعة، أن "وثيقة
الإصلاح" تقدم بها عدد من القادة العراقيين، الذين نثق بهم لأنهم كانوا ممن
دعوا للإصلاح، وقد شكلت أملا له في إمكانية تخليص العراق من الفساد والفاسدين
وعشاق التبعية، مؤكدا أنها "جاءت متماشية مع رغبات الشعب العراقي في تحقيق
الإصلاح، ودافعا له إلى العودة للمشروع الانتخابي".
"لا ضمانات سياسية"
من جهته، قال البرلماني العراقي
رياض المسعودي، عن تحالف "سائرون" المدعوم من زعيم التيار الصدري مقتدى
الصدر، إن "الوثيقة هي عبارة عن مبادئ أولية تعهد بها الموقعون من رموز
وشخصيات سياسية".
وأوضح المسعودي، في حديث لـ"عربي21"، أن "الرموز
السياسية هي: مسعود البارزاني، ومحمد الحلبوسي، وهادي العامري، وحيدر العبادي،
وعمار الحكيم، وهؤلاء مجتمعين مع التيار الصدري يشكلون 70 بالمئة من العملية
السياسية في العراق".
وأضاف أن "ما جرى ذكره في الوثيقة هو
عبارة عن رؤية ومبادئ تتعلق بمستقبل إدارة البلاد في مرحلة ما بعد الانتخابات،
والركائز الأساسية لها هي إعادة هيبة الدولة، وأن تكون الحكومة المقبلة مدعومة من
جهات سياسية بعينها، وليست كالحكومات السابقة، ومشاركة الجميع في الحكومة
والمعارضة في آن، فهذا لن يتكرر في المستقبل".
وتابع المسعودي قائلا: "الجانب الآخر هو
حصر السلاح بين الدولة، ونعني به سلاح العصابات والعشائر والفصائل المسلحة،
والتابع لبعض الشخصيات، كل ذلك ينبغي أن يكون تحت إشراف الدولة العراقية".
وأشار إلى أن "الوثيقة أيضا تتحدث عن
ضرورة إجراء التعديلات الدستورية، لاعتقاد القوى السياسية، وفي مقدمتها التيار
الصدري، أن الدستور فيه عقبات كثيرة معطلة له، وأن أكثر من 27 مادة بحاجة إلى
تنظيم، خصوصا اختيار رئيس الحكومة، وقانون النفط والغاز، والعلاقة بين الحكومة
والإقليم، وانتخاب مجالس المحافظات، وكذلك باب الحريات".
وأكد المسعودي أن الوثيقة شددت على ضرورة
إبعاد المؤسسات الحزبية والقوى السياسية عن إدارة الوزارات، لأنه اليوم تحسب كل
وزارة على حزب، وإذا حصل تقصير يقال الجهة الفلانية مقصرة وليس الوزارة والوزير
الفلاني.
وبخصوص الضمانات لتنفيذ ما كتب في الوثيقة،
قال المسعودي إنه "لا ضمان في العمل السياسي، فالموضوع هو محددات للعملية
السياسية بعد الانتخابات، والضامن لتطبيقها هو حجوم القوى السياسية في الانتخابات،
وبالتالي تبقى العملية السياسية رهينة الشارع العراقي والقوى السياسية والدول
الإقليمية والمنظومة الدولية".
وبيّن البرلماني الصدري أن "التدخلات
الخارجية موجودة، لكن الضامن الحقيقي لوثيقة المبادئ هو ما ستحصل عليه القوى
السياسية هذه، التي أدركت ضرورة تصحيح العملية السياسية؛ لأنها فرصة أخيرة، ولا بد
من رؤية سياسية واضحة لإنقاذ البلاد قبل فوات الأوان".
اقرأ أيضا: الصدر يتراجع عن مقاطعة الانتخابات البرلمانية العراقية
حبر على ورق"
وفي المقابل، قال الباحث في الشأن
السياسي العراقي، نذير محمد، في حديث لـ"عربي21"، إن "وثيقة الإصلاح
ما هي إلا وسيلة أراد زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر نفسه العودة من خلالها إلى
الانتخابات".
وأضاف محمد أن "الكثير من القوى السياسية
كان من مصلحتها إعادة التيار الصدري للانتخابات؛ لأنها تخشى من تعطيل العملية
السياسية بعدها بمظاهرات، وربما حتى أعمال شغب يقوم بها أتباع التيار كونهم قاعدة
جماهيرية واسعة تأتمر بكل ما يصدر عن الصدر".
ورأى الباحث السياسي أن "الصدر أراد من
خلال إعلان انسحابه من الانتخابات ليّ أذرع القوى السياسية، للاستجابة إلى مطالبه
التي تضمن وصول تياره إلى رئاسة الحكومة المقبلة".
وأشار إلى أن "التيار الصدري لم يكن
بعيدا عن السلطة منذ عام 2003 وحتى اليوم، فهو مشارك في عمليات الفساد وتردي
الواقع الخدمي، سواء في قطاع الصحة أو الطاقة الكهربائية، وكذلك الإعمار،
والمواصلات، لأنه تسلم كل هذه الملفات خلال تواجده ضمن الحكومات السابقة".
ولفت محمد إلى أن "الصدر اعتاد على
المراوغة السياسية لتحصيل مكاسب، فهو لديه منظومة مستشارين تفكر كيف تعمل على ذلك،
ففي تشكيل كل حكومة يأخذ التيار الصدري أكبر من حجمه في البرلمان بفضل ذلك".
وحول ما يدور من حديث عن أن انسحاب الصدر ثم
العودة للمشاركة كان الهدف منه تعبئة الشارع الصدري لخوض الانتخابات، استبعد محمد
ذلك، لكنه أكد أن "موضوع إعلان الصدر في أكثر من مناسبة قرب استشهاده يدخل
ضمن التعبئة للشارع الصدري".
ورأى الباحث أن "الوثيقة التي قيل إنها
أعادت الصدر إلى السباق الانتخابي عبارة عن حبر على ورق، ولن تلتزم بها القوى
السياسية، فقد سبقها الكثير من وثائق الشرف، سواء المحلية أو التي جرت في دول
الجوار، لا سيما وثيقة مكة، فكل ما من شأنه أن يصلح أوضاع البلد، ستمنع تطبيقه
القوى الخارجية من خلال أدواتها الداخلية".
بنود الوثيقة
ونشرت مواقع محلية عراقية، السبت،
نص وثيقة الإصلاح التي تسلمها زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، وقرر بموجبها
العودة إلى المشاركة في الانتخابات البرلمانية المقبلة، وتاليا بنود الـ17 التي
تتألف منها الوثيقة.
أولا: الانتخابات هي الوسيلة الأساسية للتعبير
الديمقراطي، وعلى أساسها يتم تعريف الأداء السياسي للقوى والأحزاب، كما أنها
التعبير الأكثر رصانة للأداء الديمقراطي.
ثانيا: الدستور العراقي هو الوثيقة التي رضي
بها الجميع كإطار حاكم وعادل لتنظيم العلاقة بين المؤسسات الرسمية والشعب، وبين
المؤسسات الرسمية فيما بينها، وبين أفراد الشعب العراقي، وعلى ذلك فإن احترام النص
الدستوري ومنع التجاوز عليه هو واجب تأسيسي، غير أن الدستور ليس وثيقة جامدة، وعلى
ذلك فإن من الضروري إجراء إصلاح دستوري ينسجم مع تطلعات شعبنا. تتعهد الكتل
السياسية التي تشكل مجلس النواب القادم بتعديل الدستور العراقي من خلال لجنة
التعديلات الدستورية، وتبدأ عملها خلال مدة أقصاها ستة أشهر من انعقاد أول جلسة
لمجلس النواب الجديد.
ثالثا: تعمل جميع القوى السياسية في مجلس
النواب والحكومة على ضمان نزاهة وعدالة الانتخابات، بعيدا عن أي تدخلات أو تأثيرات
خارجية، ومنع ممارسة أي عمل غير قانوني للتأثير على إرادة الناخب.
رابعا: تلتزم الحكومة ومجلس النواب القادمان
بالسقوف الزمنية لإنهاء التواجد القتالي العسكري الأمريكي في العراق.
خامسا: أن العراق دولة ذات سيادة، يمتلك قراره
الحر، ويتعامل على أساس دولة إزاء دولة، وليس أفراد أو جماعات، ويرفض أي تدخل في
شؤونه الداخلية، وأن علاقات العراق الخارجية مبنية على أساس التوازن والاحترام
المتبادل، ورفض التدخل في الشؤون الداخلية، ورفض تحول العراق إلى ساحة للصراعات،
أو استخدام الأراضي العراقية للاعتداء على الغير، وأن دور البعثات الدبلوماسية
الأجنبية في العراق واضح حسب القوانين والأعراف الدبلوماسية، ويرفض أي تجاوز لهذه
القوانين.
سادسا: التظاهر السلمي حق مكفول دستوريا وفق
القانون، ويتعهد مجلس النواب والحكومة القادمان باحترام حقوق الإنسان، خصوصا حق
التعبير عن الرأي والموقف، وإقرار القوانين التي تنظم الحقوق والحريات بما يحفظ هيبة
الدولة وكرامة المواطن.
سابعا: تعزيز إمكانات المؤسسات العسكرية
والأمنية الرسمية، وتحديد اختصاصات ومساحات عمل الأجهزة الأمنية فيها، وإنهاء تعدد
الأجهزة وتداخل الاختصاصات فيها، ودمجها في الجيش والشرطة، بما يضمن تكامل أدائها
على كل المستويات، وتوفير التدريب والتأهيل والتسليح اللازم لها؛ للقيام بعملها
خدمة لأمن العراق ووحدة أراضيه.
ثامنا: يجرم بنصوص قانونية مشددة كل أنواع
ومبررات حمل واستخدام السلاح المنفلت خارج المؤسسات الرسمية، أو استخدام سلاح
المؤسسات الرسمية خارج إرادة الدولة، وإنهاء ظاهرة حيازة السلاح، سواء كان سلاحا
تابعا للعشائر أو المجموعات المسلحة والفصائل أو الكتل السياسية.
تاسعا: يمنع ويجرم الخطاب السياسي الطائفي أو
العنصري وفق قوانين واضحة ونافذة.
عاشرا: احترام التنوع الديني والقومي والمذهبي
في العراق، واعتباره مصدر قوة لخصوصية شعبنا وبنيته التاريخية العميقة، ومنبعا
لقيم الوطنية العراقية، وأساسا للهوية الوطنية الجامعة التي يجب أن تكون مظلة لكل
العراقيين باختلاف وتعدد مجتمعاتهم وثقافاتهم.
أحد عشر: تحديد الجهات السياسية المسؤولة عن
تشكيل الحكومة، لتتحمل مسؤوليتها أمام الشعب العراقي بشكل واضح وصريح.
اثنا عشر: تتكفل الحكومة القادمة وخلال إطار
زمني معلوم بما يلي:
1. تشكيل لجنة عليا ذات صلاحيات موسّعة،
وبالتنسيق مع السلطة القضائية، لتدقيق ملفات الفساد في الحكومات السابقة منذ عام
2003، ومحاسبة المقصرين من خلال إجراءات شفافة وواضحة لدى الرأي العام، ويمنع تدخل
الكتل السياسية للدفاع عمّن يثبت عليه الفساد .
2. التعهد بإنهاء التحقيقات القضائية بالاعتداءات
التي ارتكبت خلال تظاهرات تشرين عام 2019، سواء على المتظاهرين أو الأجهزة
الأمنية، كما تتعهد باستمرار عمل اللجنة التي شكلت لهذا الغرض، ودعمها بكل السبل لإنهاء
عملها وإعلان النتائج النهائية .
3. تقديم مشروع قانون مجلس الإعمار وقانون النفط
والغاز إلى مجلس النواب لإقرارهما.
4. العمل على إنجاز مشـروع الحكومة الإلكترونية؛
للحد من الفساد والروتين الإداري والهدر المالي.
5. تشكيل لجنة عليا لتدقيق ملف مزاد العملة، وعمل
المصارف، وعمل البنك المركزي، وإشعار الرأي العام بالنتائج، والعمل على استقلالية
البنك المركزي بعيدا عن التدخلات السياسية.
6. منع التدخل الحزبي في المؤسسات الإدارية
والفنية للدولة، وملاحقة ظاهرة الشركات الحزبية.
ثلاثة عشر: ضمان استقلالية القضاء العراقي
مدعوما بتشريع القوانين التي من شأنها تحقيق الأمن والاستقلال القضائي.
أربعة عشر: رعاية الشباب، وتأهيلهم، وتوفير
التعليم اللازم لهم، ودعم المؤسسات الشبابية والرياضية للقيام بمهماتها، وتوفير
الفرص العادلة لعمل الشباب، وتطوير قابلياتهم، واحترام حقوق المرأة وحريتها
وإرادتها الذاتية، ودعم شريحة الأرامل والمطلقات، والتوسع في أنظمة الرعاية
الاجتماعية، ودعم عوائل الشهداء والجرحى وذوي الاحتياجات الخاصة.
خمسة عشر: تنظيم دور العشائر في حفظ الأمن،
ودعم الدولة، والتعاون مع المؤسسات الأمنية، ومنع المظاهر السلبية، مثل اكتناز
السلاح واستخدامه في الصراعات القبلية، أو التدخل في شؤون المؤسسات، أو فرض
المواقف بما يتقاطع مع القوانين.
ستة عشـر: دعم العلماء والمفكرين والمثقفين
والفنانين العراقيين، وتشجيعهم، ودعم المؤسسات العلمية والثقافية.
سبعة عشـر: دعم المؤسسات الرياضية بما يستوعب
طاقات الشباب ويحولها إلى منجز يليق بسمعة العراق.