هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
بعد ساعات من لقاء رئيس الوزراء في الكيان الإسرائيلي نفتالي بينت بالرئيس الأمريكي جو بايدن الجمعة الفائتة، تسارعت الخطوات لإحياء مسار التفاوض بلقاء جمع رئيس السلطة في رام الله محمود عباس بوزير دفاع الكيان بيني غانتس في رام الله الأحد الموافق 29 من آب (أغسطس) الفائت.
لقاء عباس غانتس جاء استجابة للضغوط الأمريكية لتجنب انهيار السلطة الفلسطينية التي تعاني من الهرم والتصارع الداخلي بين قياداتها؛ فتأجيل الانتخابات التشريعية واندلاع (معركة سيف القدس) بين الاحتلال والمقاومة في غزة رمضان الفائت كشف عن حجم الضعف والوهن الذي بلغته السلطة الفلسطينية؛ ما دفع الإدارة الأمريكية للمسارعة بإيفاد وزير خارجيتها توني بلينكين إلى رام الله للقاء رئيس السلطة محمود عباس والإعلان عن تقديم 360 مليون دولار إلى جانب وعود بفتح القنصلية الأمريكية في القدس.
المخاوف الأمريكية من انهيار السلطة الفلسطينية عادت مجددا وبقوة غذتها الأجهزة الأمنية الفلسطينية عبر تحذيرات اللواء ماجد فرج مدير المخابرات الفلسطينية الذي زار واشنطن في حزيران (يونيو) الفائت لنقل هذه المخاوف إلى واشنطن؛ وعبر سلوك هذه الأجهزة أيضا الذي فجر احتجاجات واسعة في الأرضي الفلسطيينية طالت الرئيس الفلسطيني وقيادات بارزة في أجهزته الأمنية بعيد اغتيال الناشط الفلسطيني نزار بنات في محافظة الخليل.
قمة القاهرة الثلاثية بالنسبة للأردن ومصر محاولة للهروب من العدمية السياسية التي خلقها الاحتلال الإسرائيلي بإصراره على سياسة الاستيطان والاقتحام للحرم الشريف والحصار لقطاع غزة؛ قمة كان من المتوقع أن تعقد في شرم الشيخ بحضور نفتالي بينت رئيس وزراء الكيان، الأمر الذي تم نفيه على لسان نفتالي بينت،
خفض التوتر والتصعيد تحول إلى هاجس حقيقي دعمته الوقائع على الأرض في فلسطين المحتلة والإقليم برمته؛ إذ جاءت زيارة مدير وكالة المخابرات الأمريكية (CIA) وليام بيرنز الدبلوماسي المخضرم إلى المنطقة في ذروة الاشتباك الإقليمي الذي تبع الهجوم على ناقلة النفط (ميرسير ستريت) في بحر عُمان فشملت جولته رام الله والكيان الإسرائيلي والقاهرة بدءا من 10 آب (أغسطس) الماضي.
خفض التصعيد وتجنب المواجهة كان هاجس الإدارة الأمريكية المنخرطة في مفاوضات جادة مع طهران لإحياء الاتفاق النووي في فينا والإعداد للانسحاب الأمريكي من أفغانستان؛ الذي سرعان ما تحول إلى كارثة للولايات المتحدة في 15 آب (أغسطس) ليلة وصول بيرنز إلى القاهرة بدخول طالبان العاصمة كابل واستقالة الرئيس الأفغاني السابق أشرف غني.
جهود أمريكا لخفض التصعيد وانهيار السلطة في رام الله لم تختلف عن جهودها لإنقاذ السلطة في كابول، إذ واجهت الكثير من النكسات والمفاجآت التي أفقدتها السيطرة بالكامل؛ فهل تنجح جهود إحياء المفاوضات واحتواء الوضع المتدهور في الأراضي الفلسطينية عبر قمة عربية ثلاثية تجمع اليوم الخميس في القاهرة الملك عبد الله الثاني والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس السلطة محمود عباس في تعزيز الهدوء ورسم معالم مسار جديد يوقف حال التدهور والانهيار في السلطة؟ أم أن المسألة لا تعدو كونها مجرد عملية تأجيل لقدر بات محتوما في الأراضي الفلسطينية يصنعه الاحتلال وممارساته على الأرض في القدس والضفة وقطاع غزة إلى جانب أراضي الـ 48؟
قمة القاهرة الثلاثية بالنسبة للأردن ومصر محاولة للهروب من العدمية السياسية التي خلقها الاحتلال الإسرائيلي بإصراره على سياسة الاستيطان والاقتحام للحرم الشريف والحصار لقطاع غزة؛ قمة كان من المتوقع أن تعقد في شرم الشيخ بحضور نفتالي بينت رئيس وزراء الكيان، الأمر الذي تم نفيه على لسان نفتالي بينت، فزيارته إلى شرم الشيخ بدعوة رسمية من الرئيس المصري لن تتضمن لقاءات مع محمود عباس.
ختاما.. لقاء بلينكن بالرئيس عباس في حزيران (يونيو) الماضي لم يختلف في دوافعه ونتائجه كثيرا عن لقاء غانتس بالرئيس عباس في آب (أغسطس) الماضي، إذ قدم غانتس قرضا بقيمة مليار شيكل (156 مليون دولار) للسلطة الفلسطينية لمساعدتها على مواجهة التحديات دون أن يقدم حلولا حقيقية تعزز شعبية السلطة وتمنع انهيارها تحت ضغوط الواقع الميداني في الأراضي المحتلة؛ ورغم الإشادة الأمريكية بهذا اللقاء كخطوة جديدة تسهم بجهود خفض التوتر والتصعيد في الأراضي الفلسطينية والإقليم؛ إلا أنها لم تقدم حلا حقيقيا لحالة التدهور والانهيار المستمر في الأراضي الفلسطينية التي تعاني من الفساد والاحتلال وممارساته القمعية التي تؤسس لانفجار سياسي وأمني كبير في فلسطين والمنطقة برمتها.
hazem ayyad
@hma36