هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "واشنطن بوست" مقالا للناشط الحقوقي، محمد سلطان، علق فيه على حجب إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن 130 مليون دولار من المساعدات العسكرية لمصر.
وقال الناشط الحقوقي سلطان، إن إدارة بايدن قامت هذا الأسبوع بالإفراج عن 170 مليون دولار وأجلت 130 مليون دولار من أموال دافعي الضرائب لواحد من أكثر الأنظمة الاستبدادية قسوة في العالم، والذي قام بسجن وقتل مواطنين أمريكيين، وهي مصر في عهد عبد الفتاح السيسي. مخالفة لوعد حملة بايدن بـ "عدم وجود المزيد من الشيكات المفتوحة لـ 'ديكتاتور ترامب المفضل'".
وأضاف أن إدارة بايدن منحت أموالا للسيسي أكثر مما قدمته إدارة ترامب خلال عامها الأول في المنصب، وكان هذا الاختبار المبكر لمصداقيتها والتزامها بسياسة خارجية تتمحور حول الحقوق فشلا ذريعا.
وتابع: "أكتب هذا بقلب حزين، لأنني كنت أفتخر بدعم ترشح بايدن للرئاسة، بعد أن تطوعت بلا كلل وقمت بجمع التبرعات لحملته. حتى أن الرئيس غرد عن استهداف السيسي لعائلتي أثناء حملته الانتخابية. لذا فإن هذا القرار، الذي تم تغليفه بشكل مخادع باعتباره تقدما، لا يمثل صدمة فحسب، بل يمثل أيضا خيبة أمل قاسية".
وأضاف: "كانت تلك الأموال - 300 مليون دولار – جزءا من 1.3 مليار دولار من المساعدات العسكرية السنوية لمصر والتي اشترط الكونغرس ربطها بمعايير واضحة لحقوق الإنسان. فلو كانت الإدارة قد حجبت 300 مليون دولار، لكانت مصر لا تزال ثاني أكبر متلق للمساعدات العسكرية الأمريكية".
اقرأ أيضا: WP: ضغط بايدن الضعيف بشأن حقوق الإنسان لن يحرك مصر
وأشار إلى أن الإدارات السابقة استخدمت استثناء بحجة الأمن القومي لدفع الأموال المشروطة. لكن إدارة بايدن قررت استخدام بند لم يتم استخدامه من قبل للإفراج عن 170 مليون دولار لأمن الحدود ومكافحة الإرهاب ومنع الانتشار، وتأخير 130 مليون دولار، بانتظار حل شروط جديدة ومحدودة، بما في ذلك إغلاق تحقيق هزلي استمر لعقد من الزمن في المنظمات غير الحكومية المصرية والأمريكية، والإفراج عن 16 فردا فقط حددتهم الإدارة.
وأكد أن إدارة بايدن تدرك السلطات الشاملة التي يتمتع بها السيسي؛ يمكنه، بجرة قلم، تلبية جميع المعايير الأصلية المنصوص عليها في قانون الاعتمادات. ومع ذلك، على عكس الرئيس ترامب، الذي استدعى السيسي علنا، قامت إدارة بايدن بعمل جمباز قانوني لمنح السيسي أموال دافعي الضرائب أثناء محاولتها حفظ ماء الوجه من خلال عدم استخدام الاستثناء. بعد أيام فقط من إشادة وزير الخارجية أنطوني بلينكين بـ "الدور التقليدي للكونغرس كشريك في صنع السياسة الخارجية"، فإن هذا النهج يحيل الكونغرس إلى دور المتفرج من خلال تجاهل روح القانون، إن لم يكن نصه.
ولفت إلى أن لهذا القرار "عواقب فورية في واقع حياة مئات الآلاف من المصريين الذين تتعرض حياتهم وأمنهم للتقلب - بمن فيهم أنا".
وأضاف أن الحكومات والمنظمات الدولية لحقوق الإنسان تواصل توثيق مجموعة واسعة من الانتهاكات المنهجية في مصر، بما في ذلك القتل خارج القانون والاختفاء القسري والاعتقالات التعسفية واحتجاز الصحفيين والرقابة والفساد. وهذا له أيضا تداعيات على المواطنين الأمريكيين والمقيمين الذين يواجهون الاعتقالات وحظر السفر وحتى التهديدات بالترهيب والمراقبة على الأراضي الأمريكية والأوروبية.
وتحتجز مصر أكثر من 60 ألف سجين سياسي، لذا فإن قرار الإدارة بذكر 16 فردا فقط في قائمة الشروط الخاصة بها هو إشارة ساحقة على لامبالاة الإدارة تجاه المعاناة الفظيعة للمصريين.
ورأى أن هذا القرار يوضح أيضا أن خطاب بايدن الصارم حول حقوق الإنسان انتقائي، مما يعزز صورة الإدارة الضعيفة والمرنة. ولا يفوت هذا القادة الاستبداديين في جميع أنحاء العالم.
وأشار إلى أنه عندما تخلى بايدن عن التحذير الذي أطلقه خلال حملته الانتخابية، أعلن السيسي خلال عطلة نهاية الأسبوع "استراتيجيته الوطنية لحقوق الإنسان" التي لا معنى لها، وهي وثيقة تهدف فقط إلى إرضاء صانعي السياسة الغربيين.
ونوه إلى أن استراتيجية السيسي المعلنة لا توفر مسارا ذا مغزى نحو الإصلاح السياسي، ولا تذكر المعتقلين السياسيين وتفتقر إلى إرشادات واضحة حول تحسين حقوق المرأة. علاوة على ذلك، في مؤتمر إطلاق الاستراتيجية، أشار السيسي للمسؤولين الأجانب في القاعة إلى أنه لا ينبغي تطبيق المعايير العالمية لحقوق الإنسان على المصريين. وبذلك يكون السيسي قد قابل تهديد بايدن الفارغ بوعد فارغ.
واستدرك أنه لا يزال هناك متسع من الوقت لإدارة بايدن لتصحيح مسارها. مضيفا: "يجب جعل النظام المصري يشعر أن الإدارة مستعدة لاستخدام كافة الأدوات السياسية المتوفرة لها إذا فشل في إحراز تقدم ملموس في مجال حقوق الإنسان. يجب أن تعمل الإدارة على معاقبة منتهكي حقوق الإنسان في مصر وأن تضغط من أجل الالتزام الزمني بسبع خطوات حددها المجتمع المدني المصري لوقف تدهور حالة حقوق الإنسان، مع ما يترتب على عدم الالتزام من عواقب وخيمة. كما يجب أن توضح للنظام المصري أن المزيد من مساعدات العام المقبل على المحك".
اقرأ أيضا: إدارة بايدن تحجب جزءا من مساعدات مصر بسبب مخاوف حقوقية
وشدد على أنه يجب على الكونغرس أن يعرب عن غضبه من تجاوز إدارة بايدن للقانون وانحنائه من أجل تعزيز نظام قاس والبدء على الفور في العمل لسد الثغرات. كما يجب على الكونغرس زيادة مبلغ المساعدة - حاليا 75 مليون دولار - المشروط بإطلاق سراح السجناء السياسيين دون إمكانية الاستثناء. وإذا فشل بايدن وفريقه في استخدام النفوذ الذي منحه له الكونغرس بشكل فعال لتعزيز حقوق الإنسان، فيجب على المشرعين تزويد الإدارة بأدوات أفضل.
وأضاف أنه إذا كانت إدارة بايدن صادقة في إعطاء الأولوية لحقوق الإنسان كجزء من استراتيجيتها للأمن القومي، فعليها أن تضع أموالها في مكانها الصحيح وعندها فقط سيكون لكلماتها وزن. نحن في مجتمع حقوق الإنسان لن نهدأ حتى تصحح الإدارة أخطاءها - أو تتم محاسبتها.