هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
كشفت صحيفة تونسية معروفة، أن الرئيس قيس سعيد، يعتزم إعلان تشكيلة الحكومة الجديدة الجمعة، برئاسة توفيق شرف الدين، خلفا لرئيس الحكومة الحالي هشام المشيشي، الذي أقاله بعد إجراءاته التي وصفت بالانقلابية.
وقالت "الشروق" عن مصادرها؛ إن ذلك يأتي ضمن خطاب رسمي يعود فيه على الأمر الرئاسي الصادر الأربعاء الماضي، بشأن "الإجراءات الاستثنائية"، التي بدأت منذ 25 تموز/ يوليو الماضي.
وأوضحت أن أغلب الوزراء سيتم تغييرهم، فيما قد يعتمد التنظيم الجديد للحكومة على طريقة "الأقطاب"، مثل القطب الاقتصادي والمالي، ويقوده وزير سابق للمالية وقت أزمة الحكم في تونس، ما بعد 2011.
غضب مستمر
ويتصاعد الغضب لدى الأحزاب والقوى السياسية منذ إعلان سعيد إجراءات جديدة الأربعاء الماضي، ضمن انقلابه على الدستور.
فمن جهته اعتبر "ائتلاف الكرامة" التونسي، الخميس، أن قرارات الرئيس قيس سعيّد الخاصة بتوليه السلطة التنفيذية، "خروجا عن الشرعية الدستورية".
وقرر سعيّد، إلغاء هيئة مراقبة دستورية القوانين، وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية، وأن يتولى السلطة التنفيذية بمعاونة حكومة، بحسب بيان للرئاسة، ووفق ما نشرت جريدة "الرائد" الرسمية الأربعاء.
اقرأ أيضا: رفض واسع بتونس لإجراءات انقلاب سعيّد الجديدة
ائتلاف الكرامة
واعتبر الائتلاف الذي لديه تمثيل في البرلمان الذي قام سعيد بتجميده، أن إجراءات الرئيس "خرقت كل النواميس القانونية والأخلاقية والسياسية المتعارف عليها وطنيا ودوليا".
وأضاف في بيان، أن سعيد "قد خرج عن الشرعية الدستورية، وفقد مشروعيته السياسية على إثر القرارات الأخيرة".
وذكر أنه "قد علق العمل بدستور 2014، وأعلن تنظيما مؤقتا للسلطات العمومية على مقاسه الشخصي، ولكنه تجنب التصريح بذلك للرأي العام التونسي".
وحمّل الائتلاف الرئيس "المسؤولية كاملة عما وصلت إليه البلاد"، مجددا دعوته "كل الأطياف السياسية إلى مقاومة كل أشكال الاستبداد الجديد، عبر صياغة مواقف سياسية موحدة".
وأعلن مساندته "لكل تحرك أو احتجاج سلمي ومدني وقانوني لمناهضة الدكتاتورية الجديدة المهددة لمستقبل الشعب التونسي الحر".
الدستوري الحر: نرفض الديكتاتورية
وانتقدت النائبة التونسية ورئيسة حزب الدستوري الحر عبير موسي، القرارات الجديدة للرئيس التونسي قيس سعيد، مؤكدة أنها وحزبها يرفضون "الديكتاتورية".
وبحسب ما نشرته موسي عبر صفحتها بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، فإن حزب الدستوري الحر الذي تترأسه، سوف ينتقل من موقع المساندة النقدية إلى موقع المعارضة.
ومعلقة على قرارات الرئيس التونسي قيس سعيد الجديدة التي اتخذها الأربعاء الماضي، قالت رئيسة الدستوري الحر؛ إنه يجب على رئيس الدولة تحديد مدة هذه الإجراءات وموعد إجراء الانتخابات.
اقرأ أيضا: ماذا وراء صدام قيس سعيّد وعبير موسي بعد الانقلاب؟
وقالت إنها ترفض الديكتاتورية، وما وصفته بـ"الحكم الفردي المطلق"، محددة عدة مجالات، هي: الأحوال الشخصية، والأمن القومي التونسي، والحقوق والحريات، وحق التعبير وحرية الصحافة والنشر، قالت إنها تمثل "خطوطا حمراء".
وكشفت موسي كذلك عن تأجيل الوقفة الاحتجاجية التي كان مقررا تنظيمها أمام مقر البنك المركزي يوم غد السبت، والتي كانت تستهدف الكشف عن الوضع المالي للدولة التونسية.
اتحاد الشغل: لا لاحتكار الرئيس السلطة
وهاجم الاتحاد العام للشغل في تونس، "احتكار الرئيس سعيد تعديل الدستور وقانون الانتخاب"، مؤكدا بأن ذلك "خطر على الديمقراطية".
وقال في بيان له الجمعة: "نحذر من مخاطر تجميع السلطات في يد رئيس الدولة في غياب الهياكل الدستورية".
وأضاف: "نرفض استمرار التدابير الاستثنائية وتحويلها إلى حالة دائمة"، مؤكدا أنه "لا حل للأزمة في تونس سوى بالحوار".
وشدد اتحاد الشغل على أنه يعتبر "الدستور منطلقا ومرجعا رئيسا، في انتظار استفتاء واع على تعديله يكون نتاج حوار واسع".
وطالب بالتسريع لتشكيل حكومة بكامل الصلاحيات.
حزب العمال
واعتبر حزب العمال خلال ندوة صحفية الجمعة، أن ما قام به سعيد يعد انقلابا، جمع فيه كل السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية بيده، وبذلك استفرد بالسلطة.
وقال رئيس حزب العمال حمة الهمامي؛ إن التدابير انقلاب واضح، وفيها اعتداء على الحريات، ووضع اليد على الإعلام وقمع الاحتجاجات.
وشدد الهمامي على رفض حزبه الحكم المطلق الاستبدادي، معلنا الانخراط في مقاومة الانقلاب والتمسك بشعارات الثورة، داعيا كل القوى السياسية والاجتماعية والمدنية والديمقراطية إلى العمل المشترك، لوضح حد للتلاعب الجنوني والخطير بمصير الشعب، وللتصدي للتمشي الخطير والسريع نحو دولة الاستبداد.
الغنوشي يدعو للنضال السلمي
من جهته، دعا رئيس البرلمان التونسي، زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي، الخميس، إلى "النضال السلمي ضد الحكم الفردي المطلق الذي قامت الثورة ضده"، رافضا قرارات الرئيس قيس سعيد الأخيرة.
جاء ذلك في تصريحات للغنوشي نقلتها وسائل إعلام محلية منها راديو "موزاييك" الخاص، الخميس، عقب يوم من قرار سعيد، إلغاء هيئة مراقبة دستورية القوانين (قضائية مستقلة)، وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية، وأن يتولى السلطة التنفيذية بمعاونة حكومة.
وقال؛ إن "قرارات سعيد الأخيرة رجوع إلى الوراء، رجوع إلى دستور 1959، وعودة للحكم الفردي المطلق".
وأضاف: "لم يعد هناك من مجال اليوم إلّا النضال، نحن حركة مدنية ونضالنا سلمي".
واعتبر الغنوشي أن إعلان سعيّد "انقلاب كامل الأركان ضد الديمقراطية والثورة وإرادة الشعب، وإلغاء لأهم المؤسسات الديمقراطية" في البلاد.
وتابع: "دعونا شعبنا إلى الانخراط في كل عمل سلمي يقاوم الديكتاتورية ويعود بتونس إلى مسار الديمقراطية".
وأقرّ الغنوشي بمسؤوليات حزبه في الأزمة السياسية في البلاد قبل إعلان سعيّد في تموز/ يوليو الماضي، قائلا؛ "إننا نتحمّل بالتأكيد (المسؤولية)، النهضة لم تكن في الحكم، ولكن دعمنا الحكومة رغم مآخذنا عليها قبل 25 تموز".
كما أكد أن سعيّد لم يستجب لدعوات حزبه للحوار، متابعا: "الرئيس لم يستجب لأنه تبيّن أن عنده مخطط أعده ويريد فرضه".
وأبدى رئيس "النهضة" استعداد الحركة لإجراء إصلاحات على دستور 2014.
وقال: "نحتاج إلى البرلمان من أجل تطوير الدستور، نحتاج إلى حوار وطني للاتفاق على الجوانب التي تحتاج إلى تطوير".
وتابع الغنوشي: "دستور 2014 صاغته كل القوى الديمقراطية، وصوّت عليه بأكثر من 90 في المئة من ممثلي الشعب التونسي إسلاميين وغير إسلاميين".
النهضة: انقلاب متكامل الأركان
وتأتي تصريحات الغنوشي عقب ساعات من بيان لكتلة النهضة البرلمانية (53 نائبا من أصل 217)، اعتبرت فيه قرارات الرئيس قيس سعيّد الأخيرة "انقلابا مكتمل الأركان على الشرعية الدستورية، ونزوحا نحو حكم استبدادي مطلق".
اقرأ أيضا: "النهضة": قرار سعيّد انقلاب سافر يهيئ لحكم استبدادي
وقالت كتلة النهضة؛ إن "قرار الرئيس تعليق فعلي لدستور الجمهورية وتعويض له بتنظيم مؤقت للسلط العمومية، ونزوع واضح نحو حكم استبدادي مطلقٌ وانقلاب مُكتمل الأركان على الشرعية الدستورية"
وقرر سعيّد الأربعاء، إلغاء هيئة مراقبة دستورية القوانين، وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية، وأن يتولى السلطة التنفيذية بمعاونة حكومة، بحسب بيان للرئاسة، ووفق ما نشرت جريدة "الرائد" الرسمية.
وأضافت الكتلة أن "انتهاج هذا المنحى يساهم في مزيدِ تعقيد الأزمة، بما يُمكنه أن يهدد كيان الدّولة التونسيّة ووحدتها، ويدفعَ البلاد إلى ما لا يُحمد عقباه".
وعبّرت عن "رفضها تجميع رئيس الجمهورية لكلّ السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية واستغلال ذلك لفرض خيارات بعينها، لعلّ أبرزها إلغاء المؤسسات السياسية والرقابية الشرعية القائمة، بما في ذلك البرلمان والهيئة الوقتية لمراقبة دستورية القوانين وهيئة مكافحة الفساد، ووضع اليد على كل الهيئات الدستورية الأخرى".
ودعت "جميع الكتل البرلمانيّة والشخصيات المستقلّة لتوحيد الصف والتعالي عن الخلافات للدفاع عن قيم الجمهورية والديمقراطية، وحماية البلاد من أخطار هذا التمشي المعمّق للانقسام المجتمعي، والمهدّد للسلم الاجتماعي، والمقوّض للوحدة الوطنية حول الدستور."
ودعت كتلة النهضة "جميع القوى السياسية والمدنية الحيّة للتمسك بالوحدة الوطنية الصمّاء والذود عن خيارهم الديمقراطي التعددِي التّمثيلي، كما جاء في الدستور".
محامون لحماية الحقوق
وفي بيان لمجموعة "محامون لحماية الحقوق والحريات"، جاء فيه؛ إنه بعد إجراءات سعيد، فإنه "لا دولة في تونس حتى إشعار آخر".
وأضافوا على صفحتهم في "فيسبوك"، أنه "في استمرار لسياسة التعنت والهروب إلى الأمام، أصدر رئيس الجمهورية التونسية أمرا رئاسيا جديدا يكرس سطوته واستحواذه على كل السلط وسيطرته على كل المؤسسات، وقد جاء الأمر الرئاسي عدد 117 لسنة 2021 المؤرخ في 22 سبتمبر 2021 والمتعلق بالتدابير الاستثنائية، ليكرس القراءة الأحادية الانتقائية والشاذة للدستور من أجل تحقيق رغبات وشهوات رئيس الجمهورية وبرنامجه السياسي، الذي رفض تقديمه في شكل مبادرات تشريعية أو مناقشته حتى مع المختصين والخبراء الموالين له والداعمين لانقلابه على الدستور".
وأكدت المجموعة الحقوقية أن التدابير الاستثنائية التي يحتج بها رئيس الجمهورية لتبرير انقلابه على الدستور، "تهدف أساسا حسب الفصل 80 إلى "عودة السير العادي لدواليب الدولة"، وأنه لم يعد يخفى على أحد اليوم – إذا سلمنا بتعطل السير العادي لدواليب الدولة - المساهمة المستمرة لرئيس الجمهورية في ذلك قبل 25 جويلية - بعدم اختيار "الشخصية الأقدر" لترأس الحكومة، ومنع أداء اليمين من قبل وزراء حازوا ثقة البرلمان وتعطيل إرساء المحكمة الدستورية، ثم بحل الحكومة وتعليق عمل مجلس النواب وإلغاء العمل بالدستور، والإبقاء –لأول مرة في تاريخ الدولة التونسية- على شغور وزارات سيادية وحيوية ومناصب جهوية وهيئات رقابية حتى إشعار آخر".
وأضافت: "توّجه الرئيس باتخاذ تدابير استثنائية "غير معلنة" فقط لتصفية حسابات سياسية أو لاستهداف الحقوق والحريات، وهي تدابير لن تسهم إلا في مزيد تعطيل الدواليب المعطلة".
وقالت: "سعيد ألبس رغباته السياسية الذاتية وقراءاته الانقلابية، بلبوس "الشعب يريد"، متوهما بأن سلطة الشعب قد فوضته الانقلاب على الدستور، متناسيا أن الجماهير الغاضبة على المنظومة الحاكمة قبل سنة 2011، انتفضت ضد سياسة الفساد والاستبداد، ومن أجل "الشغل، الحرية والكرامة الوطنية"، لا من أجل تحقيق "الحملة التفسيرية" لرئيس الجمهورية".
وتابعت؛ "إن ما جاء في باب التدابير الخاصة بممارسة السلطة التشريعية في الأمر الرئاسي المذكور أعلاه، الذي يؤسس إلى "انقلاب" الهرم التشريعي في تونس، يؤكد أن التدابير الاستثنائية لم تتخذ دفعا للخطر الداهم أو أملا في عودة السير العادي لدواليب الدولة أو في إطار الحرب المزعومة على الفساد، إنما أعلنت من أجل تكديس كل السلطات في قبضة رئيس الجمهورية".
وتساءلت: "وإلا، فما علاقة ذلك بمراسيم تشريعية خاصة بـ "المواطنة...الأحوال الشخصية.. المعاهدات..الجنسية.. وحتى الإجراءات أمام مختلف أصناف المحاكم؟".
وتابعت؛ "إن رئيس الجمهورية الذي أكد مرارا بأن الدستور (الذي ساهم فيه) ليس قرآنا منزلا، ويمكن بالتالي تعطيله أو تعديله أو حتى إلغاؤه وتعويضه بدستور على المقاس، يقرر بأن المراسيم الرئاسية هي قرارات لا تقبل الطعن بالإلغاء بأي وجه من الوجوه".
وقالت: "ثم أكدت الأبواب والأقسام الأخرى، النزعة التسلطية لرئيس الجمهورية، الذي انفرد بممارسة السلطة التنفيذية مع "رئيس حكومة" لا يختار فريقه ولايرأسه، بل يقتصر عمله على التنسيق بين الوزارات وتنفيذ التعليمات".
وعليه، فإن مجموعة "محامون لحماية الحقوق والحريات" تجدد "تمسكها بما جاء في بياناتها السابقة منذ 2 أوت، وفي ندوتها الصحفية المنعقدة بتاريخ 1 سبتمبر 2021، وباعتبار أن ما حصل يوم 25 يوليو هو انقلاب على الدستور، وأن كل القرارات المتخذة كانت نتيجة حتمية ومنتظرة".
وتعتبر أن الأمر الرئاسي عدد 117 لسنة 2021 المؤرخ في 22 أيلول/سبتمبر 2021 ، جاء ليكرس الانقلاب على الدستور وينهي كل مساعي ونداءات العودة إلى دولة القانون والمؤسسات.
وأكدت أن وصف رئيس الجمهورية معارضيه بـ"الخلايا السرطانية"، أو المتخرجين من "مدارس المفسدين" أو "المرتزقة" و"المخمورين"، يحمله تنامي خطاب العنف والكراهية بين صفوف الشعب التونسي، التي بلغت حد الاعتداءات الجسدية واللفظية على عائلات معارضيه.
وأدانت استمرار القضاء العسكري في تصفية الخصوم السياسيين لرئيس الجمهورية، وتدعو الهياكل المهنية للمحاماة إلى القيام بواجبها في الدفاع عن الزميل سيف الدين مخلوف، خاصة بعد أن تبين المغالطات والتحريف الذي جاء في بيان وكالة القضاء العسكري لتبرير "تنفيذها للتعليمات".
الأمم المتحدة
ودعت الأمم المتحدة، الخميس، الأطراف التونسية إلى إطلاق حوار شامل "يتوافق مع القيم الديمقراطية"، من أجل حل القضايا العالقة في البلاد.
جاء ذلك في مؤتمر صحفي عقده ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم الأمين العام أنطونيو غوتيريش، بالمقر الدائم للأمم المتحدة في نيويورك.
وقال دوجاريك: "ندعو جميع الأطراف المعنية في تونس إلى حل القضايا العالقة، من خلال حوار شامل يتوافق مع القيم الديمقراطية".
وأضاف أن "الأمم المتحدة مستمرة في التزامها بدعم المؤسسات الديمقراطية في تونس، وأيضا تقديم الدعم لهذه المؤسسات في استجابتها لجائحة كورونا".
ومنذ 25 تموز/ يوليو الماضي، تعيش تونس أزمة سياسية حادة، حيث قرر سعيد تجميد اختصاصات البرلمان، ورفع الحصانة عن النواب، وإقالة رئيس الحكومة، على أن يتولى هو السلطة التنفيذية بمعاونة حكومة يعين رئيسها، ثم أصدر أوامر بإقالة مسؤولين وتعيين آخرين.
ورفضت غالبية الأحزاب هذه الإجراءات، مؤكدة أنها انقلاب على الدستور وديمقراطية البلاد، وتمهد لعودة الاستبداد وحكم الفرد، بعد ثورة شعبية أطاحت بنظام الرئيس الراحل، زين العابدين بن علي.