ملفات وتقارير

"التوحيد والإصلاح" بالمغرب تنأى بنفسها عن "العدالة والتنمية"

التوحيد والإصلاح تأخذ مسافة من خلافات العدالة والتنمية وتركز على طبيعتها الدعوية (فيسبوك)
التوحيد والإصلاح تأخذ مسافة من خلافات العدالة والتنمية وتركز على طبيعتها الدعوية (فيسبوك)

كشفت مصادر مغربية مطلعة النقاب عن أن حركة التوحيد والإصلاح الذراع الدعوية لحزب العدالة والتنمية، بدأت تنأى بنفسها عن الارتباط الآلي بالحزب لجهة العودة إلى طبيعة تكوينها الدعوية.

وأوضح الكاتب والباحث في شؤون الفكر الإسلامي بلال التليدي في حديث مع "عربي21"، أن تركيز حركة التوحيد في الآونة الأخيرة على الطبيعة الدعوية للحركة، ونشر عدد من الوثائق والمراجع الخاصة بالنهج الدعوي للحركة، تأتي بينما يستعد العدالة والتنمية لعقد مؤتمره نهاية تشرين الأول (أكتوبر) الجاري، بعد تراجعه الكبير في الانتخابات التشريعية الأخيرة.

وأضاف: "الحركة لا تريد أن تعيد تجربة اصطفافها مع بعض مكونات الحزب ولا سيما في قضية الولاية الثالثة، كما أنها لا تريد أن تربط نفسها بمستقبل العلاقة بين الحزب والسلطة في مقبل الأيام"، وفق تعبيره.
 
وكان موقع "التوحيد والإصلاح"، قد نشر رأي رئيسها السابق رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين حاليا الدكتور أحمد الريسوني، الذي رأى فيه أن كثيرا من خصائص حركة التوحيد والإصلاح المغربية تقع في إطار ضمني تترجمه أعمالها، ولا تنطق به أدبياتها، فغلب العمل فيها على النظر، مما خلق الحاجةَ إلى تسديد وثيقتها الأساسية بفقرات مكملة، تبرز جوانب التميز التي لا يكون مشروع اجتماعي ذو شخصيةٍ مستقلة فاعلَة، إلا بها.

جاء ذلك خلال مشاركة للريسوني في ندوة مجلس الشورى الحركة التاسعة حول الخصائص المنهجية للتوحيد والإصلاح، نشرها موقع الحركة على "الفيسبوك" اليوم.

وأوضح الريسوني أن حركة التوحيد والإصلاح قامت بنقلة نوعية في مطلب التركيز على إقامة الدين وإصلاح المجتمع، باعتبارها من أدبيات معظم الحركات الإسلامية، حيث أصبح "إقامة الدين" وليس "إقامة الدولة"، أول هدفها ومصدرها القرآن الكريم لا غيره.

وقال: "لقد تحددت رؤية الحركة في عمل إسلامي تجديدي لإقامة الدين وإصلاح المجتمع، وهو ما نصت عليه في وثيقة الرؤية الدعوية، حيث نجد أن تعبير (إقامة الدين) أوسع من تطبيق الشريعة وأشمل؛ لأن إقامة الدين تعني مكونات كل المجتمع، والدخول المباشر في الأعمال الإصلاحية الاجتماعية، بعد أن اتضح أن التركيز على الدولة والسياسة والحكم لا يؤدي فقط إلى تضييق أبواب الإصلاح، بل قد يؤدي إلى إغلاقها".

أما الخصيصة الثانية فهي الرسالية، وهنا يشير العالم المقاصدي الريسوني أنها تعني أن الحركة تضع نفسها وأعضاءها لخدمة هذا العبء آخذة بسهمها ونصيبها منه، حيث تسعى الحركة إلى تحريك ما أمكن من الطاقات الإصلاحية داخل المجتمع، بالإضافة إلى استيعاب طاقات جديدة في صفوفها وعضويتها، وعبرت عن الرسالة بشعار "وحدة المشروع عوض وحدة التنظيم"، ففي ظل ثقافة الرسالة يتعين على أعضائها أن يكونوا أصحاب دعوة وحَمَلة رسالة، وأينما وجدوا أوراش بناء ومشاريع، فتلك أوراشهم ومشاريعهم.

وانسجاما مع النهج الرسالي للحركة، يضيف الريسوني، تأتي الخصيصة الثالثة بمعنى متكرر لديها، وهو الإسهام والتعاون والشراكة، وهو تعبير من الحركة على أن جميع المشاريع الإصلاحية التي تعمل عليها أو تطمح للعمل فيها، حق للجميع وواجب على الجميع، بعيدا عن أي نوع من الاستقالة أو التهرب أو التواكل أو التملص من المسؤولية، بل تحاول أن تتحمل جميع مسؤولياتها وواجباتها، فهي تعرف بأنها ليست وحدها في الميدان ولا في أي مجال، ورغم جهودها فلن تكون مستغنية عن جهود غيرها وطاقاتهم.

وتركز الخصيصة الرابعة على التجديد فهما وعملا، وقد أبرزتها الحركة في ميثاقها وفي رؤيتها الدعوية، وفي ورقة توجهات واختيارات، وهنا يشير الريسوني إلى أن التجديد عند الحركة يأخذ مسارين متكاملين: مسار علمي فكري، ومسار عملي تطبيقي.

والخصيصة الخامسة، هي تعميق الأصالة المغربية واستثمارها، وهنا يؤكد الريسوني بأن أقدم تجسيد لهذا الأمر هو استقلالية الحركة وعدم تبعيتها لأي حركة إسلامية في الخارج، حيث تميزت بمزيد من التعميق والتأصيل والتفعيل لهذا التوجه يمكن إجماله في أربع نقاط:

ـ الاهتمام المتزايد بالتراث العلمي المغربي في مختلف العلوم الإسلامية.

ـ اعتماد الإنتاجات العلمية والفكرية المغربية في برامجها التربوية والثقافية.

ـ إدراج أصول المذهب المالكي ومميزات التدين والتمذهب المغربي، ضمن حلقات فكرية ودراسية لأعضائها.

ـ برمجة سلسلة من المحاضرات والمؤلفات حول علماء المغرب ومفكريه وتنفيذها.

وتسعى الحركة بذلك، وفق الريسوني، إلى إنصاف التراث العلمي المغربي، والاستفادة منه ومما يزخر به من عناصر الإبداع والتميز والنبوغ، وأيضا التعريف به وتقديمه لأبناء وطننا وللأمة الإسلامية.

 



ومنذ مدة، تطرح "التوحيد والإصلاح" مراجعة علاقتها مع "العدالة والتنمية" على طاولة البحث، والاتجاه الغالب داخل الحركة، خلال المرحلة المقبلة، هو مزيد من التعميق، للتمايز إلى أبعد مدى ممكن.

وينذر هذا النهج، وفق مراقبين، باحتمال اقتراب "الطلاق" بين الحركة، التي تعود إرهاصات ميلادها إلى سبعينيات القرن العشرين، والحزب، الذي يتصدر المشهد السياسي في المملكة منذ عام 2011.

وتسعى حركة التوحيد والإصلاح، وهي حركة دعوية وتربوية وفكرية وثقافية إسلامية وسياسية مغربية، للمساهمة في إقامة الدين وتجديد فهمه والعمل به، على مستوى الفرد والأسرة والمجتمع والدولة والأمة وبناء نهضة إسلامية رائدة وحضارة إنسانية راشدة، من خلال حركة دعوية تربوية، وإصلاحية معتدلة، وشورية ديمقراطية، تعمل وفق الكتاب والسنة.

وأخذت الحركة شكلها الحالي باسم "حركة التوحيد والإصلاح" في 31 آب (أغسطس) 1996، بعد الوحدة الاندماجية بين كل من حركة الإصلاح والتجديد ورابطة المستقبل الإسلامي المغربيتين. 

وتوالى على رئاستها كل من الدكتور أحمد الريسوني ومحمد الحمداوي وعبد الرحيم شيخي.


التعليقات (0)